تحليل فيلم A Clockwork Orange: أحد أكثر الأفلام خطورة على الإطلاق

You are currently viewing تحليل فيلم A Clockwork Orange: أحد أكثر الأفلام خطورة على الإطلاق
فيلم A Clockwork Orange للمخرج ستانلي كوبريك

فيلم A Clockwork Orange هو أشهر أفلام المخرج المثير للجدل ستانلي كوبريك، وفي ذات الوقت هو أحد أكثر أفلامه إثارة للجدل أيضاً. ولقد تم حظر هذا الفيلم في بريطانيا لمدة ثلاثين عاماً، نظراً لاحتوائه على العنف المفرط والعرى ومشاهد الاغتصاب، لكن رغم كل ما به فهو تحفة فنية تستحق الإشادة بالفعل. في هذا المقال نستعرض سوياً تحليل فيلم A Clockwork Orange.

تحذير: هذا الفيلم لا يصلح للمشاهدة العائلية مطلقاً

قصة فيلم A Clockwork Orange

تدور أحداث فيلم A Clockwork Orange في القرن الحادي والعشرين[1] حول زعيم عصابة شاب يدعى أليكس – مالكولم ماكدويل – تتكون عصابته من ثلاثة أفراد ينشرون الرعب في جميع أنحاء المدينة، تحت تأثير مشروب يقودهم إلى العنف المفرط. يتجول هؤلاء الشباب ليلاً ليضربوا كل من يعترض طريقهم، سواء كان هذا المعترض شحاذاً سكيراً في الشارع أو عصابة معادية. وفي ليلة من تلك الليالي انطلقت العصابة في سيارتهم بسرعة جنونية ليصلوا إلى منزل أحد الكتاب وزوجته، فيطرق أليكس باب المنزل ويدعي أن هناك حادثة على الطريق ويريد استخدام الهاتف. في البداية لا تسمح الزوجة له بالدخول، إلا أن زوجها طلب منها السماح له بإجراء مكالمة، وحين فتحت الباب انطلق أفراد العصابة ليعيثوا فساداً داخل المنزل ويغتصبوا الزوجة أمام عين زوجها، ثم يضربون الزوج ويستولوا على بعض المقتنيات من المنزل ويفروا هاربين.

أليكس هو زعيم العصابة بلا منازع وقد سخر من أحد أفراد العصابة ونهره بشده في إحدى سهراتهم داخل الحانة، ولم ينس هذا الأمر مطلقاً. لذا اتفق مع الآخرين أن ينزعوا عن أليكس سلطته. وقد سايرهم أليكس في البداية، وخلال سيرهم بجانب النهر قام بضرب الجميع وإلقائهم في النهر. لكن بعد لحظات أنقذهم ليخبرهم أنه لازال الزعيم. ورضخ الجميع له في النهاية.

الخيانة

ذات ليلة من الليالي انطلق الجميع إلى منزل سيدة ثرية ليستولوا على ما لديها. وأخبرها أليكس من وراء باب المنزل أن هناك حادثة ويريد استخدام الهاتف. لكن السيدة انطلقت سريعاً إلى هاتفها لتطلب الشرطة وتخبرهم بأن هذا الأمر قد قرأت عنه في الصحيفة صباحاً. لذا فهي تعتقد أنهم العصابة ذاتها. نظر أليكس إلى منزل السيدة وأخبر أصدقائه أنه سوف يصعد إلى هذه النافذة ليدخل ثم يفتح لهم باب المنزل.

دخل المنزل بالفعل، وفي ذلك الوقت حاولت السيدة أن تدافع عن نفسها، فضربها بإحدى التحف الموجودة في المنزل فسقطت على الأرض صريعة. ومن هنا انطلق ليفتح الباب لأصدقائه لكن عندما سمع صوت سيارة الشرطة تقترب من المنزل طلب منهم أن يغادروا على الفور، وكانت المفاجأة ضربه أحد أفراد العصابة بزجاجة، وانطلقوا هاربين. وفي تلك اللحظة كانت الشرطة قد حضرت لتلقي القبض على أليكس.

السجن

حكم على أليكس بالسجن لمدة 14 عاماً. لكن بعد مرور عامين تطرق إلى سمعه عن علاج جديد تقوم به الحكومة لتقليص الجريمة والعنف. هذا العلاج لم يجرب بعد إلا أن القائمين عليه على ثقة بنتائجه العظيمة. وفي ذلك الوقت طلب أليكس من القس في السجن أن يخضع لهذه التجربة طالما سوف يطلق سراحه بعد أسبوعين من التجربة. لكن القس رفض وأخبره أن هذا ضد حرية اختيار المرء.

العلاج

وفي إحدى زيارات وزير الداخلية إلى السجن تحدث عن هذه التجربة، وأخبره أليكس أنه يريد أن يخوضها. وبالفعل أمر الوزير أعوانه أن يأتوا بهذا الشاب. وانطلق أليكس إلى المصحة النفسية للعلاج. وكان العلاج يشتمل على شعور الشخص بالغثيان والألم الشديد إذا ما فكر في استخدام العنف، أو الجنس على حد سواء. وبعد مرور أسبوعين خرج أليكس من المصحة. ليقابل والديه فإذا به يجد شاب قد استأجر غرفته في منزله، ولما حاول أن يضربه انتابته الآلام فتركه. ثم خرج إلى الشارع ليجد ذلك السكير الذي ضربه وعصابته من قبل ليبرحه ضرباً دون أن يحرك أليكس ساكناً، لكن سيارة الشرطة تأتي لتنقذه من براثن هؤلاء السكارى، وينزل من سيارة الشرطة شرطيان، فإذا بهما أصدقاء عصابته القدامى، قد عملوا مع الشرطة. اصطحبه الصديقان وأوسعوه ضرباً وتعذيباً، ولم يستطع الرد عليهما بسبب العلاج.

نهاية فيلم A Clockwork Orange

ضاقت به الدنيا بما رحبت فلم يجد أمامه سوى المنزل القديم الذي استولى عليه من قبل. منزل الكاتب وزوجته، ليطرق الباب، فيفتح له الكاتب ويستقبله، ويحسن ضيافته. ولكن لم يتذكره الكاتب على ما يبدو، إلا أنه أخبره أن زوجته قد اغتصبت من قبل على يد أحد أفراد عصابة ثم ماتت بعد ذلك بشهور. أما الكاتب فأصبح قعيداً على كرسي متحرك نتيجة الضرب المبرح الذي تعرض له من قبل.

نعلم بعد ذلك أن الكاتب كان يعلم جيداً أن أليكس هو أحد أفراد العصابة الذي قام باغتصاب زوجته، لذا يرسل إلى بعض أصدقاءه لتعذيبه، وعلى إثر التعذيب يلقي أليكس بنفسه من نافذة المنزل، لكنه لا يموت، ويتم نقله إلى المستشفى بعد ذلك. ليحضر إليه وزير الداخلية ويخبره أن يقول للناس أن العلاج قد نجح ولا ذنب لهذا العلاج بما حدث معه. وفي النهاية يرضخ لطلب الوزير.

تحليل فيلم A Clockwork Orange

شرح فيلم a clockwork orange
مشهد من فيلم a clockwork orange

بعد أن استعرضنا قصة الفيلم، نشرع في تحليل فيلم A Clockwork Orange بشكل أعمق. ففي فيلم A Clockwork Orange يخشى الآباء أطفالهم، والعصابات تفترس كبار السن أو البالغين الأضعف دائماً مع الإفلات من العقاب. إنهم متعجرفون وواثقون وعنيفون للغاية. يستخدم الفيلم مبدأ الراوي. بينما أليكس هو من يروي قصته – من وجهة نظره – بحيث يفهم المشاهد أنه يتصرف كما يتوقع المرء منه أن يتصرف، لكن في أعماق نفسه، لا يتغير. يطرح فيلم A Clockwork Orange العديد من الأسئلة التي تتراوح من الفلسفة إلى الطب النفسي. حيث ينطوي علاج أليكس على اشمئزازه جسدياً من العنف والجنس. فبمجرد أن يلمس امرأة، أو رغبته في ضرب شخص ما، يعاني من غثيان رهيب يمنعه على الفور ويمنعه من اتخاذ إجراء. أما فكرة العلاج فهي بسيطة للغاية، تتمثل في ربط الصور العنيفة أو الجنسية باشمئزاز عميق، وبالتالي إنشاء روابط للأفكار في العقل الباطن لأليكس. ولذلك فإن استخدام الأخير كراوي للقصة هو مبدأ يثبت ببراعة فشل العلاج.

سؤال جوهري

 يطرح الفيلم سؤال جوهري: هل الإنسان الذي لا يستطع الاختيار مازال إنساناً؟ الجواب ليس موضع شك: حتى إذا كان الخيار هو العنف، فهو أفضل من عدم وجود خيار على الإطلاق. لقد كان ستانلي كوبريك في الواقع يقدم نقداً قاسياً وفعالاً لـمجتمعه. حيث يدينه من خلال تصويره بأن هذا المجتمع عنيفاً إلى أقصى حد. كما سخر من الساسة في عصره كذلك، من خلال شخصية الوزير الذي على استعداد أن يفعل أي شيء من أجل الحصول على دعم من الإعلام.

يعد فيلم Clockwork Orange في الواقع فيلماً كوميدياً، وإن كان يتميز بروح الدعابة المظلمة للغاية، وتلعب الموسيقى دوراً رئيسياً في هذا الجانب الكوميدي. وكما نعلم، فإن الموسيقى ضرورية في جميع أعمال كوبريك، ​​لكنها تتمتع بمكانة خاصة جداً في A Clockwork Orange. فهو الفيلم الوحيد الذي لا يستخدم فيه ستانلي كوبريك لموسيقى الأصلية المؤلفة للفيلم فحسب، بل بالإضافة إلى الموسيقى المعاصرة كانت هناك قطعاً موسيقية والتي تتمثل في السيمفونية التاسعة لبيتهوفن.

مفاهيم الخير والشر

إن فيلم Clockwork Orange يستكشف دوافع الإنسان الأكثر بدائية. أنا لا أدافع بأي شكل من الأشكال عن العنف، بدوافع جنسية أو غير ذلك، لكن الخير والشر هما مفاهيم من صنع الإنسان، ولن يكون أي منهما موجوداً إن لم يكن متأصلاً في الحالة الإنسانية. ولقرون، سعت الطبقات الحاكمة والأنظمة الملكية والحكومات والأديان المنظمة إلى قمع مثل هذه الحوافز، عادة أثناء الخضوع لها أو حتى الانغماس فيها. حيث كانت العقوبة حتى الإعدام العلني – مهما كانت نفاقاً – هي الرادع الأول للبشرية، ولا تزال موجودة بدرجة أو بأخرى، ولكن اليوم بدأ العلم يأخذ الأسبقية. إن فهم مصطلحي الخير والشر وعواقبهما هو المفتاح لمجتمع متحضر خالٍ من الاستجابات البربرية الخام التي كانت سائدة في الماضي. يشعر الكثيرون أن الاغتصاب والعنف وأشكال الشر الأخرى هي نتاج التنشئة والبيئة بدلاً من الطبيعة، وهي نتاج النفس، وليست نتاج ما هو خارق للطبيعة.

أما بالنسبة للعلاج المعروف في فيلم A Clockwork Orange باسم تقنية لودوفيكو فقد قدمه كوبريك بإحساس شرير بالرعب الهزلي. وهذه المشاهد المعنية، والتي تعد من أكثر المشاهد المذهلة والأيقونية في السينما، تتسم بروح الدعابة والرعب على حد سواء، حيث يتم استخدام الجهاز لإبقاء انتباه أليكس قسرياً. الاقتحامات. كما أن الطريقة الميكانيكية التي لا هوادة فيها والتي يتم بها ترطيب مقل عينيه هي رمز لأقسى الهواجس البشرية. هذه المشاهد هي شهادة على اهتمام كوبريك بالتفاصيل، وفهمه وقدرته على الاستفادة من مخاوفنا الأكثر بدائية.

من المثير للاهتمام أن صور الحرب التي كانت موجودة خلال إعادة تأهيل أليكس هي رسالة أخرى يوجهها كوبريك. فالدول ليست لها أخلاق بل هي أنظمة قوة فحسب، فهي تستخدم العنف كذلك وتقتل دون تمييز تحت شعارات الديمقراطية والوطنية، ولكنها في الحقيقة تقتل تحت ستار السيطرة والمكاسب المادية. ورغم ذلك يتم الإشادة بهؤلاء باعتبارهم أبطال. وهو أمر سيكتشفه كوبريك لاحقاً في فيلم Full Metal Jacket.

تحليل الشخصيات في فيلم A Clockwork Orange

تعد الشخصيات في فيلم A Clockwork Orange غارقة في النفاق، سواء كانت تمثل اليمين أو اليسار بالنسبة للطيف السياسي، فمن الواضح أن الوزير، الذي يلعبه أنتوني شارب، هو شخصية من اليمين. في حين أن الكاتب – باتريك ماجي – مجنون من اليسار … إنهم يختلفون فقط في عقيدتهم. لكن لا تستطيع تمييز وسائلهم وغاياتهم.

يعج فيلم A Clockwork Orange بالعديد من الشخصيات التي لا توجد شخصية واحدة تستحق تعاطفنا في الفيلم بأكمله. فأليكس الذي تم إعادة تأهيله لم نستطيع التعاطف معه، حتى وإن فعلنا ذلك فكل هذا التعاطف مبني على مشاعر وهمية في نهاية المطاف. كذلك نجد أن المسؤولين الحكوميين لا يهتمون سوى بمصالحهم الشخصية. حتى ضحية أليكس المقتولة يتم تقديمها على أنها عاهرة باردة وذات لسان حاد مع خط شرير طوعي. وبعد أن يُشفى أليكس، لا مكان له في المجتمع أو في المنزل. حيث تبرأ والداه منه صراحة لصالح مستأجر غريب. بينما نجد أن المتشردين الذين ألحق بهم الأذى ذات مرة انقضوا عليه مثل مجموعة من الضباع الشريرة.


في الختام وبعد تحليل فيلم A Clockwork Orange فإن هذا الفيلم هو تحفة سينمائية رائعة قدمها إلى السينما المخرج ستانلي كوبريك، وعلى الرغم من أنه نال الكثير من النقد اللاذع بسبب طريقة نقده إلا أنه هذا الفيلم يستحق المشاهدة، ولكن نذكر مرة أخرى أن هذا الفيلم لا يصلح للمشاهدة العائلة إطلاقاً. أما إذا كنت تحب أفلام ستانلي كوبريك يمكنك الاطلاع على هذه المقالات:

تحليل فيلم The Shining: رحلة اللاعودة إلى أعماق الجنون

تحليل فيلم Eyes Wide Shut: الأشياء الغامضة لا ينبغي أن تُفسر أبداً


[1] لابد من التنويه أن هذا الفيلم تم إنتاجه عام 1971، أما أحداثه فتدور في القرن الحادي والعشرين – أي في المستقبل.

اترك تعليقاً