فيلم King Richard هو سيرة ذاتية رياضية ملهمة، لكنه لا يتناول قصة صعود فينوس وسيرينا ويليامز[1] إلى منصات التتويج كأفضل لاعبات التنس في العالم بقدر ما تتعلق بقصة الأب الذي وضع الخطة مبكراً ليصل بابنتيه إلى العالمية. في هذا المقال نتناول بشيء من التفصيل مراجعة فيلم King Richard.
قصة فيلم King Richard
تدور أحداث الفيلم في كاليفورنيا، وبالتحديد في أحد الأحياء الفقيرة التي تنتشر فيها عصابات الشوارع ومدمني المخدرات. في وسط هذا الجو المريع تقطن عائلة ويليامز التي تتكون من ريتشارد – ويل سميث – رجل الأسرة المجتهد، وزوجته أورسين – أونجانو إليس – وبناتهما الخمسة. يسعى ريتشارد وزوجته طوال حياتهما في تنفيذ خطة كاملة وضعها ريتشارد لمستقبل فينوس وسيرينا. تشتمل هذه الخطة على كل شيء تقريباً من الأوقات التي يتناولن فيها طعامهن وأوقات نومهن وتدريبهن وقيامهن بواجباتهن المدرسية. ليصل بهم في النهاية إلى تحقيق النجاح العالمي في رياضة التنس.
تعمل أورسين بالنهار ويعمل ريتشارد كحارس أمن ليلي. وبعد انتهاء عمله يسعى جاهداً في البحث عن مدرب تنس لتدريب بناته. وعلى الرغم من رفض الكثير من المدربين تبني هاتين الموهبتين. إلا إنه لم ييأس وظل يعمل على هذا الأمر. وفي النهاية يصل إلى مبتغاه ليقبل المدرب بول كوهين – توني جولدوين – بتدريب واحدة فقط وهي فينوس. ومن هنا تنطلق مسيرة فينوس.
تشترك فينوس في بطولة الناشئين مع مدربها بول في حين يستمر الأب ريتشارد في تدريب أختها سيرينا، وتحصل عليها. لكن يرفض ريتشارد أن تدخل بناته في بطولات للناشئين مجدداً ويرغب أن ينطلق ابنتيه في الطريق للعالمية مباشرة عن طريق الاشتراك في بطولات المحترفين. هذا بالإضافة إلى أنه نظراً لصغر أعمارهن فلا يريد الأب أن تتحمل بناته هذه الضغوط التي تنجم عن اللعب والبطولات والشهرة. بل ويرغب في أن يستكملا تعليمهن ويعيشا طفولتهن.
يتعجب الجميع من أفعال الأب تجاه بناته. ولكنه يصر على استكمال الخطة التي وضعها لهن بالفعل. ويتفق مع مدرب أخر وهو ريك ماسي – جون بيرثال – لتدريب الأطفال، ومن هنا ينتقل مع عائلته إلى فلوريدا. لتعيش العائلة في أوضاع رائعة مختلفة تماماً عن حياتهم السابقة. وتبدأ مسيرة فينوس في الانطلاق.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم CODA 2021: فيلم يستحق الأوسكار عن جدارة |
مراجعة فيلم King Richard
هناك شيء محفز ومثير وملهم حول دراما السيرة الذاتية الرياضية الجيدة. حيث ينغمس الجمهور في حياة الرياضي وقصة صعوده إلى القمة والتغلب على جميع العقبات. يعود ويل سميث إلى هذا النوع من الدراما بعد تألقه مع الملاكم الشهير محمد علي، ليقص علينا سيرة أحد مدربي التنس الأمريكيين الهواة المشهورين الذين ساهموا في مسيرة اثنتين من أكثر الشقيقات شهرة في رياضة التنس.
تركز معظم أفلام السير التي تدور أحداثها في عالم الرياضة عادةً على الرياضي. لكن فيلم الملك ريتشارد يتخذ نهجاً مختلفاً لهذا النوع من سرد القصص. فبدلاً من أن يكون فيلماً عن لاعبتي التنس فينوس وسيرينا ويليامز، فإن الأحداث الرئيسية في هذه الدراما الرياضية تدور حول والدهم ومدربهم ريتشارد ويليامز الذي على الرغم من كل الصعاب والعقبات التي تواجهه وعائلته، تمكن من وضع بناته في دائرة الضوء لجعلهن من أبرز الشخصيات الرياضية في تاريخ التنس.
إنها سيرة ذاتية رياضية ملهمة تلعب فيها الدراما العائلية الدافئة والمبهجة دوراً عظيماً. ومن المثير في هذا الفيلم هو أنه يوثق صعود الأختين إلى العظمة من خلال عدسة والدهما، وكيف كان مقدار تضحيته وزوجته لدعم الأطفال ومنح الأسرة حياة أفضل.
ريتشارد ويليامز
يقوم ويل سميث في فيلم King Richard بأداء مثير للإعجاب. فلقد استطاع أن يجسد شخصية ريتشارد ويليامز بإتقان تام من لهجته إلى سلوكياته وديناميكيته. وربما سيحظى ويل سميث بالكثير من الإشادة عن هذا الدور في احتفالية الأوسكار القادمة. لكن بالعودة إلى المخرج جرين نجد أنه لم يتوان عن إظهار الأب بصورة أكثر قتامة في كثير من الأحيان، لكنه مع ذلك يوازن بين صراعه اللامتناهي وقيادته للعائلة والصراعات التي تدور حوله، بالإضافة إلى حقيقة مشاعره النفسية ورغبته في تحقيق انتصار لنفسه قبل كل شيء. وعلى الرغم من إخفاقاته واساليبه غير التقليدية إلا أنه تم تصويره كونه الأب الذي يريد أن يحمي أبنائه من خلال عدم دفعهم إلى مسابقات لا نهاية لها وأضواء الشهرة التي لا ترحم. وذلك على العكس من آباء الرياضيين الأخرين الذي يسعون إلى تشجيع أبنائه على مواصلة إنجازاتهم الرياضية بغض النظر عن الاستمتاع بطفولتهم أو استكمال تعليمهم.
كان هناك القليل من مشاكل الزواج التي تحدث بين ريتشارد وزوجته. لكنها لا تلقي بظلالها على ما يفعله لتجهيز بناته. ربما لم نحصل على الكثير عن خلفية ريتشارد السابقة إلا من خلال حديثه مع بناته عن بعض القصص التي عايشها في السابق. ولكنها لم تكن كافية لفهم شخصية ريتشارد الكاملة، لكن مع ذلك نرى الطبيعة المعقدة لهذا الرجل بكل عيوبه.
العنصرية وعدم المساواة
كانت العنصرية وعدم المساواة من الموضوعات الهامة التي تم طرحها خلال السنوات الماضية. وفيلم الملك ريتشارد يعالج كليهما بشكل رائع في نفس الوقت الذي يركز فيه على نجاح فينوس وسيرينا. ومثل العديد من أفلام السيرة الرياضية الأخرى يتخذ الفيلم نهجاً بسيطاً للغاية في الحبكة. فهو نهج متعارف عليه عبارة عن قصة من الفقر إلى الثراء، وإنجازات كبيرة، ونكسات، وعقبات على طول الطريق، وفي النهاية مواجهة كبيرة في النهاية. كل هذه الأفلام تتبع في الغالب نفس المسار.
سيرينا ويليامز
لكن أهم ما في الأمر هو إهمال سيرينا نفسها. فلقد تم نسيانها في منتصف الطريق تقريباً لصالح تسليط الضوء على فينوس. ربما تم تفسير ذلك نوعاً ما بالقرب من النهاية، ولكن بالنظر إلى التركيز على كلتا الفتاتين في وقت مبكر، يبدو هذا الاستبعاد غريباً. ورغم أن الفيلم يظهر تنافساً لطيفاً بين الاثنين، لكن هذا الأمر لا يتطور لأكثر من ذلك، وربما كانت هناك فرصة حقيقة لدى الكتاب في إظهار هذه المشاعر النفسية والصراعات بين الأختين. لكنه لم يغتنمها.
الأداء
يقوم معظم الممثلين بعمل رائع في إعادة هذه الشخصيات إلى الحياة، وأخص بالذكر هنا الأداء القوي لجون بيرثال. حيث جلب شخصية ريك ماسي إلى الحياة بجاذبيته وحضوره. لكن نظراً لأن ويل سميث كان الساحر في دوره، فإن كل شيء آخر حول هذا أداء الأخرين يهبط إلى المستوى المتوسط. وعلى الرغم من تألق سانية سيدني وديمي سينجلتون في دور فينوس وسيرينا ويليامز إلا أنهما دائماً ما يقفان في ظل والدهما. لا ننسى بكل تأكيد الدور الرائع الذي قامت به أونجانو إليس في دور الزوجة والأم.
في الختام وبعد مراجعة فيلم King Richard لابد من الإشارة إلى إنه على الرغم من أن سيناريو الفيلم ربما يكون متوقعاً، إلا أن القصة مع ذلك ملهمة. فهذا الفيلم يريد منك التركيز على مواصلة أحلامك، بغض النظر عن الخلفية أو العرق الذي تنتمي إليه.
اقرأ أيضًا: أفضل الأفلام التحفيزية الملهمة التي تحتاج لمشاهدتها قبل أن تموت |
هوامش
[1] فينوس وسيرينا ويليامز هما من أفضل لاعبي التنس في كل العصور. سيرينا على وجه الخصوص، مع 23 بطولة كبرى لها، يمكن القول إنها واحدة من أفضل لاعبي التنس على الإطلاق. إلى جانب حقيقة أن الأختين ويليامز هما أول أميركيين من أصل أفريقي يفزن ببطولات في هذه الرياضة.