مراجعة فيلم After Yang: عن الحزن والموت والأسرة في المستقبل
فيلم After Yang هو ميلودراما خيال علمي هادئ من تأليف وإخراج كوغونادا. وهو ثاني أفلامه الروائية الطويلة، ولطالما كان لدى كوغونادا موهبة طبيعية في سرد القصص من خلال أفكاره الهادفة والرمزية. يدور هذا الفيلم حول مستقبل البشر مع الذكاء الاصطناعي كما يستكشف قضايا الحزن والانفصال والأسرة والموت والأمل. في هذا المقال نتناول بالتفصيل مراجعة فيلم After Yang.
قصة فيلم After Yang
في المستقبل البعيد تعيش أسرة جاك المكونة من جاك – كولين فاريل – وزوجته كيرا – جودي تيرنر سميث – حياة هادئة ومستقرة، وخاصةً بعد أن تبنا طفلة صينية تدعى ميكا. قرر الزوجان شراء إنسانًا آلياً يدعى يانغ لرعاية ابنتهما وتعليمها التواصل مع تراثها الصيني، لكن بعد مرور سنوات يتعطل يانغ أثناء قيامه ببعض التمرينات مع الأسرة، ومن المتعارف عليه أن مثل هذه الأجهزة الآلية المتقدمة بعد تعطلها تعود إلى الشركة المصنعة للتخلص منها، لكن حينما وجد جاك ارتباط ابنته القوي بيانغ قرر الذهاب في مهمة للبحث عن شخص يستطيع إصلاح الروبوت بشكل غير رسمي. وخلال رحلة إصلاح الروبوت يكتشف جاك العديد من الأمور الخاصة بالتاريخ الخفي ليانغ، ومنها اكتشافه أنه استطاع أن يطور وعياً ومشاعر تجاه العديد من الأفراد الذين كانوا حوله. بل استطاع أن يعيش قصة حب مع روبوت آخر.
اقرأ أيضًا: تحليل فيلم The Tree of Life: ملحمة روحية تعبر الزمان والمكان والذاكرة |
مراجعة فيلم After Yang
إذا كان بإمكانك تسجيل وحفظ بضع ثوانٍ فقط من حياتك يوميًا، فما هي الذكريات التي يمكنك حفظها؟ وما الذي يستحق التذكر إلى الأبد؟ أحداث ضخمة ومؤثرة قلبت الحياة رأسًا على عقب؟ أم التفاصيل البسيطة للحياة التي نأخذها نحن البشر كأمر مسلم به؟ يتم التعامل مع الموضوعات الفلسفية الشائعة مثل المعنى الحقيقي للحب والأسرة والإنسان بعناية فائقة ومنظور صادق. كما يتم دراسة التراث الثقافي والهوية الثقافية والعرقية وأصولنا، وحتى التمييز بطريقة رائعة. وكل الحوارات، واللقطات، والذكريات يتم تنظيمها وإعادة ترتيبها بطريقة تجعل غالبية الجمهور يفكرون بصدق في حياتهم.
الأسرة
يتناول فيلم After Yang فكرة الاتصال والأسرة بصورة أساسية. ففي المستقبل البعيد تنفك عرى الأسر بطريقة كبيرة، ويتقلص معها الانفعالات العاطفية. وفي هذا الفيلم نجد أن كل فرد من أفراد الأسرة كان لديه لحظات أكثر خصوصية وعاطفة شخصية مع الروبوت أكثر مما فعلوا مع بعضهم البعض. وقد أصبحوا منفصلين في أعقاب حالة الروبوت المفاجئة (أو الموت).
لكن بالنسبة لفيلم خيال علمي عن الروبوتات في وقت ما في المستقبل تشعر أن أجواءه تنم عن الراحة والهدوء على عكس المتعارف عليه في مثل هذه القصص. وهنا يأتي دور المخرج الرائع كوغونادا الذي استطاع صياغة بعض الحوارات الجميلة واللقطات الحالمة، سواء كان المشهد يستدعي ذاكرة فلاش باك أو كان في الوقت الحقيقي. وعلى الرغم من كون هذا الفيلم دراما دعت إلى استبطان محسوب في معنى الأسرة وعملية فقدان أحد أفرادها، إلا أن لديه بضع لحظات من الفكاهة التي تنبع أساساً من بعض عادات المجتمع المستقبلي الغريبة.
فرضية مثيرة للاهتمام
لدى فيلم After Yang فرضية مثيرة للاهتمام وتبدو استفزازية إلى حد ما. لكن على الرغم من أنه يحتوي في طياته على الكثير من الأفكار الرائعة حول الحب والتكنولوجيا وما يعنيه أن تكون إنساناً، إلا أن تناولها كان سطحياً، فالمخرج كوغونادا أظهر بالكاد العلاقة بين يانغ وميكا عندما كان يانغ يعمل بشكل كامل. كما أن بعض ذكريات الماضي لتلك اللحظات القصيرة التي شاهدها جاك عبر شريحة ذاكرة يانغ غير كافية لاستكشاف روابط الصداقة بين يانغ وميكا.
ثم هناك حبكة فرعية لم يتم تطويرها هي تلك المتعلقة بأمينة المتحف كليو – ساريتا تشودري – التي تريد عرض يانغ في المتحف. وهي التي ساعدت جيك على معرفة أن الشريحة ليست برنامج تجسس في البداية، لذلك ربما لديها نوايا طيبة ليانغ، وربما لا. لم يتم استكشاف هذه الحبكة بصورة كاملة.
سقوط الجانب العاطفي
هناك كذلك لحظات استكشاف جاك لذاكرة يانغ، فبمجرد نظر جاك داخل ذاكرة يانغ، فإن الأمر كان يُشبه فتح صندوق باندورا. فهل كان يحق لجاك رؤية لحظات يانغ الخاصة، خاصةً إذا كانت تكشف عن حياته السرية؟ كل هذا يتوقف على ما إذا كانت الروبوتات تتمتع بحقوق مماثلة للبشر. هناك أيضًا حبكة فرعية أخرى مفتعلة من وجهة نظري. حيث لم يتم الخوض فيها بصورة كاملة. هذه الحبكة هي بحث جاك عن امرأة غامضة كانت ليانغ علاقة معها. وقد تبين أن تلك المرأة كانت بالفعل على علاقة بيانغ. لكن لم يستطع المخرج كذلك أن يُظهر ما يكفي لتوضيح هذه العلاقة. لذا فإن معظم هذه الأمور تسقط الجانب العاطفي للفيلم، ويمكن قول الشيء نفسه عن العلاقة بين جيك وزوجته كيرا.
تتمثل أقوى جوانب فيلم After Yang في جمالياتها المرئية والسمعية، مثل التصوير السينمائي وتصميم المجموعة والموسيقى وتصميم الصوت. حيث يبدو الفيلم أنيقًا ولديه بعض الشعر المرئي في بعض الأحيان، لكنه ليس كافيًا لتنشيط الفيلم. حيث يتحرك الفيلم بوتيرة بطيئة نوعاً ما يمكن أن تصيب هذه الوتيرة المشاهدين بالملل. وفي النهاية فإن فيلم After Yang يستكشف موضوعات عميقة لكن بسطحية، ومع ذلك، فهو فيلم أنيق بصرياً ولكنه عاطفياً فيلم أجوف وغير مطبوخ جيداً.
اقرأ أيضًا: تحليل فيلم The Shining: رحلة اللاعودة إلى أعماق الجنون |
في الختام يمكننا القول إنه أحد الأفلام التأملية الحالمة التي ربما لن تعجب سوى محبي هذا النوع من الأفلام؛ إلا إنه فيلمًا يستحق المشاهدة بالتأكيد. فهو يتناول العديد من الأفكار الرائعة ويطرح بعض الأسئلة الفلسفية التي تتعلق بالوعي البشري والذكاء الاصطناعي على غرار هل تستطيع الروبوتات تطوير مشاعر بشرية؟