تحليل فيلم possession: فيلم ملعون لا يمكن نسيانه
فيلم possession هو واحد من الأفلام الفريدة من نوعها، وهو نوع من أفلام الرعب النفسي النادرة التي تصور في الواقع الانهيار العقلي وكيف تكون الكوابيس. لكنه مع ذلك ليس فيماً عادياً فهو يضع المشاهد في حيرة شديدة، ولا يمكنه سوى الصراخ في نهايته قائلاً: ما هذا الذي يحدث؟ وما الذي شاهدته للتو؟ في هذا المقال نحاول سبر أغوار هذا الفيلم الخطير لفك رموزه وشفراته من خلال تحليل فيلم possession بشيء من التفصيل.
هذا الفيلم لا يصلح للمشاهدة العائلية مطلقاً
قصة فيلم possession
تدور أحداث الفيلم حول مارك – سام نيل – الذي يعود إلى منزله من وظيفة غامضة أبقته بعيداً عن زوجته آنا – إيزابيل أدجاني – وطفله لفترة طويلة. ولكن عند عودته تتصرف زوجته آنا بغرابة، وتخبره أنها تريد الطلاق. لم يستطع مارك تفسير سبب هذا الأمر في البداية. من هنا يعتقد الزوج أن هناك رجلاً آخر في حياة آنا، رغم أنها تصر على أن هذا ليس السبب. هذا الأمر أدخل مارك في حالة من الغضب والاكتئاب والمرض الشبيه بأعراض الانسحاب التي تصيب المرض عند التوقف عن الإدمان.
الخيانة
بعد بضعة أسابيع وبعد أن استجمع مارك شتات نفسه عاد إلى منزله ليجد طفله بوب (حوالي 8 سنوات) بمفرده. يحاول أن ينظفه ثم يأخذه إلى الفراش. ثم يتصل بزوجته الغائبة عن المنزل ليخبرها بأنه على استعداد لفعل كل ما يلزم للحفاظ على تماسك الأسرة وأنه سيبقى معهما إلى الأبد. لكن كل جهوده تنتهي بالفشل. تختفي آنا ويتلقى مارك مكالمة من رجل يقول إنها معه الآن. هذا يدفع مارك للبحث عن دليل لمكان وجودها. يجد بطاقة بريدية من رجل يدعى هاينريش – هاينز بينينت – ويبدأ رحلة البحث عن هذا الرجل.
يصل مارك إلى منزل هاينريش فيعترف له أنه وآنا على علاقة، لكنه يقسم أنه لم يتصل بها ولم يرها منذ أسابيع. يحاول مارك الاعتداء على هاينريش ولكنه يتفوق عليه في النهاية. أما من كان يتولى دور رعاية الطفل الصغير أثناء غياب الزوجين فهي صديقة لزوجته تدعى مارجي – مارجيت كارستنسن.
من البؤس إلى الجحيم
يتصاعد الفيلم تدريجياً وينتقل ببطء من البؤس إلى الجحيم حينما تعود آنا بشكل دوري (ولكن فقط عندما لا يتواجد زوجها في المنزل) وتتصرف بطرق غريبة بشكل متزايد. لذلك، يستأجر الزوج مخبراً خاصاً لمعرفة أين تذهب. وفي هذه الأثناء، يلتقي مارك بمعلمة طفله في المدرسة والتي يصادف أنها تشبه زوجته تماماً. وعندما تأتي إلى المعلمة إلى منزل مارك من أجل التحدث معه حول سلوك طفله الغريب في المدرسة، يقع الاثنان في الحب.
يستأجر مارك محققاً خاصاً لمراقبة زوجته آنا من أجل محاولة حل اللغز ولمعرفة أين تذهب. يجد المحقق الخاص أن المرأة تقضي معظم وقتها في شقة في مبنى متهدم. يتظاهر المحقق أنه أحد المسؤولين عن البناية من أجل الدخول إلى الشقة لمعرفة من يقطن معها. لكن بعد البحث لم يجد الرجل سوى مخلوقاً بشعاً في حالة تشكل، وفي نفس اللحظة التي يرى فيها هذا المخلوق تغرس آنا زجاجة مكسورة في رقبته. وعندما يطول غياب المحقق الخاص يشرع صديقه في البحث عنه حتى يتوصل إلى مكان شقة آنا فتقتله كذلك عندما يكتشف جثة صديقه.
ذهان
على الجانب الآخر كان مارك يسلي نفسه من خلال مشاهدة لقطات قديمة لمعلمة باليه شديدة السادية هي آنا زوجته. ولا يحاول تفادي المداعبات الرومانسية لمارجي. يطلب هاينريش من مارك مساعدته في البحث عن آنا التي تعاني من نوبة ذهان في محطة مترو أنفاق والتي تعرفها بعد ذلك بأنها “إجهاض تلقائي للإيمان” وهي تفرز من جسدها مواد مختلفة من خلال جميع فتحاتها الجسدية، لكن يستغل مارك حالة الذهول والعجز لهاينريش عشيق زوجته ويقتله في حمام أحد الحانات، ثم يفجر شقة آنا. تعود آنا لتقتل صديقتها مارجي في منزلها لأنها تدعي أنها أرادت أن تأخذ وحشها الجنسي المحبوب، ثم تنتحر والده هاينريش عندما تعرف بموت ابنها. ثم تبدأ الغرابة.
اقرأ أيضًا: شرح فيلم Enemy: إثارة نفسية معقدة تتلاعب بعقلك! |
تحليل فيلم Possession
إن التمثيل والتصميم الكامل للفوضى المرئية على وشك أن يكون محيراً للعقل حقاً. فهذا فيلم يتناول القلق الزوجي، بما في ذلك الأبوة والأمومة، واضطراب الهلع، والاكتئاب السريري، والانهيار العقلي، وما إلى ذلك. هناك العديد من الأفلام التي تبدو شرسة نوعاً ما مثل فيلم Clockwork Orange على سبيل المثال إلا أن هذا الفيلم يعد الأكثر شراسة على الإطلاق. فهو يحتوي في طياته على فرضية شائعة في رواية القصص السينمائية إلا إننا يمكننا أن نتلمس هذه الواقعية في أنفسنا.
هذا فيلم ببساطة لا يمكنك الجلوس ومشاهدته. ستشعر بالألم – حرفياً – عندما تشاهده. ليس لأنه مثير للاشمئزاز بصرياً، لكن لجنونه الغريب الذي يجعلك تفقد حضورك العقلي وينتهي بك المطاف في جحيم أسوأ من الموت. إن خلق هذا الشعور ليس بالأمر السهل، وهنا يكمن إعجابي بهذا الفيلم على مستوى سينمائي بحت. فالفيلم عبارة عن وسيط شديد التعقيد، لكنه صنع ببساطة دون الالتزام بقواعد محددة. في فيلم Possession ابتكر المخرج أندريه زولاوسكي نظامه الخاص الذي يستند على ثلاثة أمور:
- جعل المشاهد مرتبكاً باستمرار.
- إبقاء المشاهد قلقاً باستمرار.
- التحكم بصورة رائعة في المنطق الداخلي للفيلم.
تجربة مؤلمة
فيلم Possession هو فيلم يتم قصه وتقطيعه بأدق التفاصيل بدقة رياضية تقريباً. كما لو أنه يحدث داخل رأس مريض لا يمكنه التفكير في فكرة واحدة واضحة. إنها مفارقة رائعة لدرجة أننا لا نعرف حقاً إلى أين نذهب. فلا الكاميرا ولا الممثلون يبقون في مكانهم، ولا يتبعون القواعد التقليدية لكيفية رواية ومظهر الفيلم العادي. كذلك يتم تشغيل دوار الحركة في الدماغ دون وعي من خلال وضع الكاميرا في زاوية مثل كاميرا المراقبة لحظة واحدة، واللحظة الأخرى ثابتة بشكل تقليدي، وفجأة محمولة باليد وتتحول باستمرار بين اللقطات القريبة. على الرغم من أن كل شيء يبدو في حالة من الفوضى، إلا أنه لا يتم فعل أي شيء.
لكن بالطبع ليس التألق السينمائي هو الذي يجعل الفيلم قوياً للغاية. فهذا الفيلم تجربة مؤلمة للغاية. إذا لم تكن لديك خبرة بالألم والأزمة العقلية، فمن المحتمل أن تفسر نشوة الممثلين المسحورة على أنها مبالغة في التمثيل أو القصة، ولكن إذا كان عانيت في حياتك من مراحل الأزمة والذعر (ومعظم الناس يمرون بهذا بعد سن معينة)، فأنت تعلم أنه من الصعب العثور على كلمات، أو صور، أو نوع من الأشياء، يمكن أن تلخص مشاعر المرء. لذا فإن فيلم Possession هو الأقرب من هذا الشعور بلا منافس.
غرفة اللاوعي
إن ما يرغب أندريه زولاوسكي في قوله تم تصويره في غرفة اللاوعي التي لا تحتاج سوى ثلاثة أشياء ضرورية فحسب لبنائه: شخص ما ومكان وشيء ما. أما الشخص فهو آنا التي تبدو أنها تجسد عبارة ريلكه الشهيرة “الجمال هو الحجاب الأخير الذي يخفي الرعب”. وهو رعب إنساني وحشي يبدأ في التشكل تدريجياً. هذا الرعب هو المكون الأساسي للإنسان ولكنه سرعان ما ينفصل عنه، ويضيع عندما تغرق سفينة الوجود. الوحش والزوجان آنا ومارك، متطابقان للغاية. لذا فالرعب هو التسامي الأخير لكل غريزة مكبوتة من الغرائز البشرية تصل إلى عواقبها القصوى، لكل دافع تخنقه الحياة.
المكان عبارة عن شقة تطل على سور برلين الذي يفصل المدينة إلى قسمين. شقة تحاول آنا إخفاء وجودها، سواء عن زوجها أو من عشيقها هاينريش. فهذا مكان سري وخاص ومقدس كمظهر مادي للعقل الباطن للمرأة، محاكاة حيث يختفي كل الحظر والمنع: هنا يمكنها أن تعيش حياتها السرية، يمكنها أن تقتل دون أن تواجه أي مشاكل، ويمكن أن تكون لها علاقات جنسية مع المخلوق الوحشي الذي ولد. إنه مكان اللامعقول والممكن.
الشيء هو الوحش، إنه مخلوق يعيش في الظلام العميق لشقة المرأة السرية كثمرة لرغباتها المكبوتة، تلك الرغبات نفسها التي لا يمكن أن تتعايش معها في الحياة الأخرى. الحياة مع زوجها، الحياة في الشقة المشرقة في الوسط، الحياة كامرأة “مدنية”، أم متعلمة. إذا كان، كما قال لاكان إن أنقى شكل من أشكال التملك بالنسبة للنساء هو إنجاب طفل، فإن آنا هي جوهر الأنوثة التي تعيش في نقاء شبه وحشي مقدر للانهيار على نفسها.
الأداء
على الرغم من أن فيلم Possession يترك المقدار المناسب من الحافز والعقل لخيال المشاهد بحيث لا يسع المرء إلا أن يواصل اجترارها بعد فترة طويلة من انتهاء المشاهدة، إلا أن أندريه زولاوسكي يأخذ وقته في ترسيخ أنواع الشخصيات وتكثيف التوتر. كما تضيف خطورة الموسيقى إلى الطبيعة الغامضة للقصة وتجعل المشاهد ينبض بالحيوية والتنفّس لفترة زمنية طويلة. كذلك يتنقل سام نيل في طريقه من خلال المشاعر السلبية الشديدة والسلوكيات البشرية القاسية بثقة.
لكن إيزابيل أدجاني هي التي تأخذ كل مشهد تكون فيه. أداؤها مذهل. بصفتها معلمة في المدرسة، فهي في نفس الوقت رزينة وواثقة. يمكنها أن تنقل التعاطف والقلق والتوتر والندم والأمل دون أن تنبس ببنت شفة. مثل آنا، تنزل إلى الجنون بمصداقية مخيفة. إنها تصرخ، تبكي، تؤذي نفسها، ترمي نفسها على الأرض بتهور. عندما تتدهور حالتها العقلية، تندفع عيناها بعنف من مكان إلى آخر وهي تعبر عن غضبها وإحباطها وتحديها. إنه أمر مزعج بشكل جميل. يمكن قول الشيء نفسه عن الفيلم بأكمله.
اقرأ أيضًا: تحليل فيلم Lost Highway: رحلة عبر الممرات المظلمة للاوعي |
تفسير رمزية فيلم Possession
هناك العديد من التفسيرات المحتملة. يمكن اعتبار الفيلم بمثابة استعارة لتحرير المرأة، والمعركة بين الجنسين، وإضفاء المثالية على الحبيب، والإيمان مقابل المصير وفي النهاية انتقاد سياسي، ولكن حتى بالنسبة لأولئك الذين لا يهتمون كثيراً بالمعنى والرمزية الكامنة وراء الفيلم، فإن فيلم Possession فعال جداً كرعب نفسي.
يعمل الفيلم كملخص ممتاز للاضطراب في لحظة أي انفصال، مما يؤدي إلى تفاقم المستنقع الرومانسي من الخيال / المرعب / السريالي / الفكري. وفكرة أن وجود الطفل يضخم الكارثة لأنه يأخذ شكل كرة بينج بونج تنتقل من أحد جانبي الطاولة إلى الجانب الآخر دون أن يشعر أي من الوالدين بالراحة مع هذه الحقيقة المزعجة التي تصل بهم إلى الشعور بالأسف على أنفسهم، والتحول إلى ضحية اجتماعية وكراهية بعضهما البعض.
مما يؤدي الجهد اللاحق لإعادة لمل شمل هذه العلاقة من أجل استئناف الحياة العاطفية التي لم يعد من الممكن أن تكون في سلام تماماً بسبب الرحلة المأساوية، إلى انغماس الأبطال في علاقات سامة ضارة ومدمرة للذات مع أطراف ثالثة يبرزون فيها تلك العلاقات.
الغيرة في فيلم possession
في هذا الفيلم نجد أن آنا غير راضية عن هاينريش، الرجل الذي يسعدها، ولكن لا علاقة له بمارك الذي تزوجته والذي أنجبت منه بوب، وتبني من لا شيء – بإرادتها الوحيدة ومرضها – المخلوق الغريب، وتعجب به والذي من المفترض أنه النسخة التي تفتقدها في زوجها. هذه النسخة التي لا تتضمن نوبات عصابية أو برودة يومية أو غياب بسبب العمل.
إن فيلم Possession هو أولاً وقبل كل شيء فيلم يتعلق بموضوعات الغيرة، ومن الواضح أن التملك من حيث التواجد مع شخص والشعور وكأننا نمتلكه. مارك وآنا زوجان ينفصلان. فإذا نظرنا إلى عقلية مارك اليائسة سنشاهده وهو يعرق من إدمانه (حرفياً) لزوجته. لكن الأمر أكثر من زوجته، حيث يتصرف مارك في معظم الأحيان كما لو كانت آنا إحدى ممتلكاته.
آنا
آنا هي واحدة من أكثر الشخصيات إرباكاً وإزعاجاً وتعقيداً في الفيلم. فلديها هذه العاطفة والرغبة المكبوتة بداخلها. بينما مطلوبة منها أن تلعب دور الأم، والزوجة، المطيعة في جميع أدوارها. لذلك عندما يخرج القمع أخيراً فإنه يتجلى بطريقة مروعة. ثم هناك حقيقة أن كل هؤلاء الرجال يموتون، لأنهم هم الذين يحكمون على آنا، ويتبعونها ويقمعون رغبتها، ويثبطونها عما تريد القيام به. وموتهم ناتج عن القمع المنهجي للرغبة الأنثوية.
وتفاجأ الجميع حينها عندما وجدوا هذه الكتلة الشريرة المتزايدة من الدم واللحم تنمو في الشقة حيث تذهب آنا بمفردها بشكل متكرر. هذا الشيء هو من صنعها، لأنه الشيء الوحيد الذي يتيح لها إظهار معظم دوافعها، نشاطها الجنسي غير المقيد.
ومع ذلك، فإن سلوك كلا الزوجان، خارج التفاصيل المشار إليها، غير متجانس تماماً، فهناك نوبات عنيفة، واللامبالاة الزوجية، وانعدام الأمن، والأوهام بجنون العظمة، والعزلة، وعدم الاهتمام المطلق بالنسل، والنزوات سواء للزوج أو الزوجة. مما يؤدي إلى الاغتراب التدريجي، والحيل الانتقامية التي لا نهاية لها، وتلك الأحلام الشاعرية بالماضي الذي لن يعود أبداً.
مارك
بالتوازي مع محاولة آنا خلق حبيب مناسب، تظهر رغبة مارك في شبيه زوجته. المعلمة هيلين وهي نسخة طبق الأصل من زوجته. وفي معارضة آنا ورغباتها المكبوتة التي تصنع فظاعة من رغباتها، فإن هيلين تبدو طبيعية إنها امرأة عاقلة ولطيفة. كما لو كانت بالضبط كل ما يريده مارك من آنا. لذا نجد أن هيلين هذه هي فكرة مارك عن الزوجة المثالية. فيما يتعلق بنفسه أيضاً، ففي أحد المشاهد يتحدث الاثنان مع بعضهما البعض في لقائهما الثاني وهما يستلقيان على الفراش إيذاناً ببدء علاقة حميمة لا يستطيع مارك فعلها. وتقول له هيلين بتعاطف أن ليس عليه ممارسة الحب معها طالما لا يرغب في ذلك.
والأفضل من ذلك، أننا لا نرى آنا أو هيلين معاً على الإطلاق مما يوحي بأنهما يمثلان مظهرين لمثل مارك. إنه مخطئ تماماً مثل آنا في خلق وحش الغيرة والقمع الذي ينبض بالحياة في تلك الشقة.
الوحش في فيلم possession
الأمر الذي يؤدي مباشرة إلى نقطة الوحش. حيث يبدو أن مارك يعاني من كوابيس عميقة تتعلق بنقص الذكورة (الجنسي). وكما قلنا مسبقاً أن هذا الوحش تم صناعته من رغبات آنا المكبوتة إلا أن لهذا الوحش على وجه الخصوص دور مزدوج: فهو من ناحية أخرى نتاج مخاوف مارك العميقة؛ وهذا الأمر يظهر بوضوح شديد عندما يعود إلى شقة آنا في النهاية ليجدها تتلوى بحماس تحت رحمة عنف هذا الوحش. وفي لحظة رؤيته لهذا الأمر لم يتأثر أو يشعر بالاشمئزاز، فهو لم يعد يحاول تحرير زوجته من براثن هذا “الرجل المثالي الذي لا ينضب له معين”، إنه يقبل الأمر في النهاية ويبتعد، نظراً لعدم إمكانه التنافس مع ذلك. ومع ذلك، في الوقت نفسه، فإن الوحش هو إسقاط لما كانت آنا تفتقده في العلاقة: الشغف الجامح، والذكورة التي لا هوادة فيها لشريكها، والتي يمكن أن تترك نفسها فيها.
السعي إلى الكمال
من هذا يمكن أن نستنتج أن آنا كانت تسعى إلى الكمال، خاصة عندما يتعلق الأمر بنفسها، فقد استطاعت أن تحصل على الانضباط الذاتي وأرادت السيطرة على كل شيء من حولها. لكن صعوبة الاعتراف بضعفها والتحكم فيها من قبل الرجال – زوجها وعشيقها – أدى إلى صراعات داخلية شديدة بداخلها، لأنها من ناحية لا تستطيع الهروب من مشاعر السعادة التي تحصل عليها في هذا العزل الذي صنعته لنفسها، ومن ناحية أخرى، يتناقض هذا الأمر مع شخصيتها بأقوى طريقة ممكنة. لذا فإن من المحتمل أن يكون هذا أيضاً السبب في أنها لم تتعلق برجل بشري، مهما كانت خصائصه، ولكنه عرض مثير للاشمئزاز بشدة لهذه الرغبات: آنا تشعر بالاشمئزاز من نفسها، لكنها لا تزال غير قادرة على الهروب.
لا أتظاهر بمعرفة ما تعنيه كل هذه الأشياء مجتمعة، مع الأخذ في الاعتبار نهاية الفيلم. لكن الذي لا شك فيه أن هناك بعض الموضوعات السياسية كامنة في الفيلم. فعلى سبيل المثال نجد أن جدار برلين يطرح فكرة التقسيم والانفصال والقمع. كما يمكن خلط هذا الأمر مع حقيقة أن مارك جاسوس من نوع ما. لذا من الصعب أن نقول ما الذي يريده المخرج على وجه التحديد. ولكن على الرغم من كل هذه الفوضى والأفكار المربكة والرسائل المتضاربة فإن فيلم Possession هو توازن مثالي بين الجمال والشذوذ المزعج. إنه غني بالمتعة الموضوعية التي ربما تكون مزعجة في كثير من الأحيان.
اقرأ أيضًا: تحليل فيلم Mulholland Drive: فن التلاعب بالعقول |
في النهاية فإن فيلم Possession ليس فيلماً لقضاء أمسية مريحة، لكنه سيظل عالقاً في عقل المشاهد لأيام طويلة بل ربما لأسابيع أو حتى لسنوات. ومع ذلك فإن أهم ما في هذا الفيلم وعلى الرغم من تصنيفه كفيلم رعب إلا أن العبارات والرموز لم تكن دون مغزى على الاطلاق. وللمشاهد حرية تفسير هذه الرموز كما يشاء، فهو فيلم من الأفلام المعقدة مفتوح على العديد من التأويلات والتفسيرات. وهو يستحق المشاهدة بكل تأكيد.
شاهدت هذا الفيلم وبالفعل وبالفعل اصبت بالحيره الشديده ولم اتخيل نهايته مع احساسي بالتشويق الدائم لتعاقب الادوار وماذا سوف يحدث مع الاخذ في الاعتبار بعدم فهمي لنهايه الفيلم