فن

مراجعة فيلم Speak No Evil: رعب نفسي أصلي ومبتكر

فيلم Speak No Evil هو فيلم رعب نفسي أصلي ومبتكر، لا يلجأ إلى الصراخ والعويل والقفزات المبتذلة. هذا الفيلم الهولندي الدنماركي المذهل سيبقيك على حافة مقعدك منذ البداية وحتى النهاية الصادمة. ربما لم نشاهد مثل هذا النوع من الأفلام في السنوات الأخيرة. في السطور التالية نتعرف على قصة فيلم Speak No Evil ثم مراجعة سريعة عن هذه القطعة الفنية الرائعة.

معلومات عن فيلم Speak No Evil

  • البلد: الدنمارك | هولندا.
  • اللغة: الدنماركية | الهولندية | الإنجليزية.
  • تاريخ الإصدار: 17 مارس 2022.
  • المخرج: كريستيان تافدروب.
  • الكاتب: كريستيان تافدروب | مادس تافدروب.
  • وقت العرض: 97 دقيقة.
  • النوع: دراما | رعب | إثارة.
  • التصنيف: (R) للكبار فقط | يحتوي على مشاهد فاضحة وعنيفة.
  • فريق التمثيل: مورتن بوريان | سيدسل سيم كوخ | فيدجا فان هويت | كارينا سمولدرز.
  • التقييم: 6.6.

قصة فيلم Speak No Evil

تدور قصة فيلم Speak No Evil حول زوجين دنماركيين بيورن ولويز يقضيان عطلة صيفية في إيطاليا، وخلالها يتعرفان على زوجان هولنديين هما باتريك وكارين، تنتهي العطلة سريعاً ويودع كل منهم الآخر على وعد بالبقاء على اتصال. ثم تعود كل عائلة إلى حياتها الطبيعية، لكن بعد مرور بضعة أشهر يتلقى الزوجان الدنماركيان برقية بريدية من العائلة الأخرى تدعوهم فيها لقضاء بضعة أيام في الريف الهولندي.

يقبل بيورن ولويز الدعوة من باب الأدب المطلق، وبعد فترة وجيزة ينطلقان في رحلتهما إلى هولندا عبر السيارة. يصل الزوجان وابنتهما الصغيرة أغنيس إلى هولندا ويستقلبهما الآخرون. في البداية تسير الأمور على ما يرام بين العائلتين، ولكن مع الوقت يبدأ الازعاج، ويشتد التوتر، وكلها بسبب بعض الأمور البسيطة التي تخرج عن دائرة اللطف والأدب مثل تقديم باتريك لزوجة بيورن قطعة من اللحم وهو يعلم أنها نباتية، ويدعو الزوجان إلى عشاء في مطعم محلي ثم يطلب من بيورن أن يدفع الفاتورة. ويدخل إلى الحمام ليفرش أسنانه أثناء وجود لويز في الحمام، وغيرها من الأمور.

تشعر لويز بمزيد من القلق بشأن العائلة خاصة وتطلب من زوجها المغادرة. يمتثل الزوج لطلبها ودون وداع يذهب الجميع إلى السيارة ويرحلوا، لكن في الطريق تكتشف الطفلة أنها نسيت لعبتها، فيعود الزوج من جديد إلى المنزل. تلومه العائلة الأخرى على الرحيل دون سبب أو وداع، ويتصالحوا ثم يعرض عليهم باتريك قضاء يوم آخر. خلال هذا اليوم سرعان ما تخرج الأمور عن السيطرة وتتحول الزيارة إلى كابوس مرعب.

اقرأ أيضًا: تحليل فيلم Resurrection: حالة من عدم اليقين

مراجعة فيلم Speak No Evil

قصة فيلم Speak No Evil
مشهد من فيلم Speak No Evil

في كثير من الأحيان نتقابل مع أشخاص جدد لطفاء، ونقضي معهم وقتاً ممتعاً، وفي النهاية نفترق على وعد بالبقاء على تواصل. وربما تكون هذه العبارة الأخيرة مجرد عبارة فارغة من باب الأدب الخالص. لكن إذا حصلنا على دعوة لزيارة هؤلاء الأشخاص التي تربطنا بهم علاقة سطحية فإن رفض العرض لن يكون مهذباً على الإطلاق. هذه هي نقطة البداية في فيلم الرعب الرائع Speak No Evil للمخرج كريستيان تافدروب.

تقبل العائلة الدعوة وتذهب إلى هناك، وتسير الأمور على ما يرام في البداية، لكن سرعان ما يظهر التوتر والقلق على وجوه العائلة الدنماركية، وعلى الرغم من ظهور أشياء صغيرة في البداية، لكن الزوجان يتعاملان معها بصعوبة، فهما يفضلان ابتلاعها بدلاً من الاعتراض. وما زالا يسلكان الطريق السهل، على أمل أن تسير الأمور بطريقة ما.

هجاء لاذع للمجتمع الأوروبي الحديث

يقوم مخرج فيلم Speak No Evil بعمل ممتاز في نقل القلق إلى المشاهد بطريقة ملموسة. حيث تصبح هذه الأمور المريبة أكثر غرابة ووقاحة، ويمسي الوضع غير مريح أكثر فأكثر. ومن ناحية أخرى، فهذا الفيلم عبارة هجاء اجتماعي يتمتع بميزة لاذعة ضد المجتمع الأوروبي الحديث. حيث يرسم كريستيان تافدروب مجتمعاً يتمتع بالرفاهية المادية، لكنه يغوص في إحباطات لا نهاية لها. مجتمع لا يعرف ماذا يريد، ولا يعرف إلى أين يتجه. هل هي نتيجة التمتع بالرفاهية الأوروبية؟ لقد سئم أبطال فيلم Speak No Evil من الابتسام بدون سبب. من عدم التفوه بما يفكرون به خوفاً من الوقوع تحت طائلة انتهاك الأخلاق الفاضلة، ويفضلوا أن يتركوا كل شيء ليسير دون إبداء رأي أو اعتراض.

يحاول المخرج أن يجيب على سؤال: هل هذه هي الحياة التي سنتركها لأطفالنا؟ حياة تسكتهم؟ حياة لا يهم فيها رأيهم ويقلقون فيها فقط بشأن عدم فقدان ممتلكاتهم “القيمة”؟

السلبية واللامبالاة

يستمد الفيلم قوته الأكبر من الصورة الأوسع، والتي تمثل انتقاداً حاداً للسلبية واللامبالاة التي ينتهجها المجتمع الأوروبي، ويستدعي مقولة المسيح: “لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن، فحول له الآخر”. لكن ماذا يحدث عندما يهز شخص ما أسسك؟ وما تفعل إذا آذاك؟ هذه هي النقطة الرئيسية التي يناقشها الفيلم. حيث نرى في مشهد النهاية سؤال الزوج الدنماركي لمعذبه: لماذا تفعل ذلك؟ ليجيبه ببساطة: لأنك سمحت لي. ثم يطلب منهما خلع ثيابهما، ورغم ما فعل بابنتهما لا يزالان يسيران على نفس النهج، وينفذان كلامه. لقد قال السياسي الأمريكي إدوارد بيرك ذات مرة: ” الشيء الوحيد الضروري لانتصار الشر هو ألا يفعل الصالحون شيئاً”.

المسيح والفداء

يسير كريستيان تافدروب في فيلم Speak No Evil بشكل إبداعي على خطى زملائه الأكثر شهرة مايكل هاينيكي وروبن أوستلوند وحتى يورجوس لانثيموس ويقدم صفعات محسوبة جيداً للمتضامنين الطيبين، إن لم يكن الساذجين من الناحية العاطفية. حيث يظهر صورة الدانماركي الحديث النموذجي هنا من خلال شخصية بيورن، وهو رجل في منتصف العمر يتبع تماماً المعايير الدينية والاجتماعية النموذجية.

هذه الشخصية التي لديها كل شيء، فهو يمتلك شقة فخمة، ولديه عائلة، ويعمل بجد، ويخصص مرة واحدة في الأسبوع وقتاً لممارسة لعبة الاسكواش. من المؤكد أن الكثير سيكونون راضين عن مثل هذه الحياة، لكنه يصرخ بقلق في الداخل. إنه يفتقر بشدة إلى الإثارة والشعور بالحرية اللذين تشعهما شخصية باتريك الكاريزمية. أما بالنسبة لزوجته لويز فهي أكثر انضباطاً منه وتعتقد أن كل خطوة خارج منطقة الراحة تمثل خطراً.

من ناحية أخرى فإن باتريك وكارين، يمثلان كل ما تقاومه لويز وزوجها. وعندما تصطدم عوالمهما، يجب عليهما أن يظهرا الوجه الطبيعي الصحيح، واتخاذ قرارات حاسمة، لكنهما لم يفعلا. ولهذا السبب جاءت الخاتمة المروعة التي تشبه من ناحية أخرى صلب المسيح دون أن يبدي أي اعتراض على الشر الحادث. هنا كذلك يرجم الزوجان بلا رحمة، لكن المسيح – طبقاً لاعتقاد المؤمنين به فعل ذلك فداءً للبشرية – ولكن لماذا على الزوجين أن يفعلا ذلك.

اقرأ أيضًا: تحليل فيلم God’s Crooked Lines: أين تكمن الحقيقة؟

في الختام وبعد مراجعة فيلم Speak No Evil لا يسعنا سوى القول بأنه فيلم رعب نفسي ذكي وديناميكي ومدروس جيداً ومن السهل تمييزه عن أفلام الرعب الأخرى المبتذلة. فهذا الفيلم سيغمرك بمشاعر القلق وعدم اليقين واليأس، ربما يمكن وضعه ضمن أفضل أفلام الرعب لعام 2022.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!