كيف تُعيد اليقظة الذهنية حياتنا المفقودة؟

You are currently viewing كيف تُعيد اليقظة الذهنية حياتنا المفقودة؟
فوائد التأمل اليقظ

يتسم عصرنا الحالي بالقلق والتوتر والسرعة المفرطة، فنحن على عجلة من أمرنا في كل شيء، نعيش في قلق مستمر مما سيأتي وبرغبتنا في تحقيق أهدافنا في غمضة عين. نرقص على إيقاع الماضي والمستقبل، ونترك الحاضر يفلت من أيدينا وكأنه رمال. ومن ثم ينتهي بنا الأمر إلى الإرهاق والإجهاد والانتباه المشتت، ونقص التركيز. وهنا يأتي دور تمارين اليقظة الذهنية التي تعيد إلينا حياتنا المفقودة. في السطور التالية نتعرف على فوائد اليقظة الذهنية وكيف تساعدنا في تغيير منظورنا وتصورنا عما يحيط بنا بطريقة مختلفة وأكثر صحة.

ماذا تعني اليقظة الذهنية

تٌعرف اليقظة الذهنية على أنها الوعي التام أو التركيز الكامل لأذهاننا على اللحظة الحالية لنعيش بشكل كامل ونكون أكثر سعادة. يتطلب التركيز على العيش في اللحظة الحالية تدريباً مستمراً لعقلنا. فإذا لم ندرب الذهن جيداً سرعان ما ينجرف وراء المشتتات المختلفة. ومن السهل أن نرى ذلك في تجاربنا الخاصة في الحياة إلى أي مدى نحن عبيد للمواقف والأفكار الماضية المتكررة التي تمنعنا من استغلال قدراتنا على التقدم والتطور الشخصي.

التفكير في الماضي والمستقبل

إن ذكرى المواقف السلبية للماضي تقلل من حماسنا وتفاؤلنا، وبالتالي، تفسد علينا اللحظة الحالية، وتحد من إمكاناتنا وتشتت طاقتنا. وحتى ذكريات المواقف الإيجابية إذا كانت متكررة، فهي تؤثر على متعة اللحظة الحالية، نظراً لأنها تأتي ومعها شعور بالحنين إلى الماضي، وفكرة أن أي وقت مضى كان أفضل من حاضرنا. باختصار بينما نفكر في الماضي، فإن الحاضر يفلت من بين أيدينا.

يفعل ذلك أيضاً التفكير في المستقبل، فنحن نفكر في المستقبل على الدوام، وفي الخطوات التي يجب أن نتخذها، والأهداف والغايات التي تحول الحاضر إلى مجرد عملية نحو تحقيقها. فإذا حققنا الهدف، لا نشعر بالإنجاز، وإذا لم نفعل نشعر بالحاجة إلى تحديد أهداف جديدة في الحياة نعتقد أنها مفتاح السعادة، وبين هذا وذاك يضيع الحاضر من بين أيدينا. وهذا لا يعني أنه لا يتعين علينا تحديد أهداف أو تنظيم حياتنا، ولكن لا ينبغي أن يكون القيام بذلك تأجيلاً للسعادة الحالية، ولا ينبغي أن يقودنا إلى التقليل من شأن ما لدينا، وقبل كل شيء، ما نحن عليه.

باختصار تعني اليقظة الذهنية ما يلي:

  • الاهتمام بأنفسنا وبالتجارب التي نعيشها من لحظة إلى أخرى.
  • الحضور بكامل الانتباه، وإدراك مكان وجودنا دون المبالغة في رد الفعل أو التقليل مما يحدث حولنا.
  • القدرة على التعلم من كل تجربة في حياتنا.
  • الإدراك الكامل للمشاعر والأحاسيس والأفكار، وأننا نعيش في الحاضر، ولا شيء سوى الحاضر.
  • تعلم قبول المواقف التي تحدث لنا وتجاربنا كما نعيشها دون الرغبة في تغيير أي شيء عنها.
  • القدرة على عيش حياة طيبة، وأن نتعلم كيف نقدر ما نمر به وتقبل الظروف التي تحيط بنا.
اقرأ أيضًا: ماذا يعني النجاح الحقيقي؟

من أين جاءت إلينا اليقظة الذهنية؟

تقنيات التأمل اليقظ
يعود تاريخ التأمل اليقظ إلى 2000 عام

يبدو لنا أن مصطلح اليقظة الذهنية هو شيء جديد ينتمي لعصرنا الحالي، لكنه يعود إلى أكثر من ألفي عام، فكلمة اليقظة هي في الواقع ترجمة لكلمة “ساتي” في البوذية وتعني القدرة على التركيز هنا والآن. ومع ذلك فهي ممارسة ليس لها أي آثار دينية وتستخدم لأغراض علاجية بحتة. لكن ربما تتساءل كيف أصبحت هذه الممارسة معروفة في الغرب وانتشرت في جميع أنحاء العالم بعد ذلك.

ادخل هذه الممارسة في الغرب الطبيب الأمريكي جون كابات زين، الذي كان يمارس اليقظة الذهنية التي تعلمها من البوذية منذ صغره، وبفضل فوائد اليقظة الذهنية التي جلبتها لها أراد إيجاد طريقة لاستخدام في العلاج. بدأ عمل جون كابات زين لنشر فوائد اليقظة في السبعينيات، ومنذ ذلك الحين أُجريت العديد من الدراسات التي أثبتت الآثار الإيجابية لها على الصحة البدنية والعقلية للإنسان.

وصف كابات زين اليقظة بأنها “تعمّد الانتباه إلى اللحظة الحالية، دون حكم”. تلخص هذه العبارة بشكل كبير ما تعنيه اليقظة الذهنية. ونفهم من هذه الكلمات أن الأمر لا يتعلق بالتحكم فيما تفكر فيه، ولكن فهم طريقة عمل الأفكار كبحر تأتي فيه كل موجة وتذهب في طريقها الخاص. ومن هنا تأتي أهمية الرفق بأنفسنا، وإعادة تركيز انتباهنا على الحاضر دون الشعور بالذنب.

اقرأ أيضًا: قراءة العقول: كيف تعرف ما يفكر فيه الآخرون؟

اليقظة الذهنية في الطب النفسي

قدم جون كابات زين ممارسة اليقظة الذهنية في الطب النفسي عندما أسس عيادة الحد من الإجهاد في المركز الطبي بجامعة ماساتشوستس في أواخر السبعينيات. وقد عالج مرضاه الذين يعانون من مشاكل جسدية ونفسية وآلام مزمنة وأعراض أخرى مرتبطة بالتوتر. ثم تطورت طرق العلاج بهذه الطريقة على مدى أربعة عقود في الولايات المتحدة، وتم دمجها في الطب وعلم النفس. وفي حقبة التسعينيات طور مارك ويليامز، وجون تيسدال، وزيندل سيغال هذا النموذج لمساعدة الأشخاص المصابين بالاكتئاب من خلال الجمع بين اليقظة الذهنية وممارسات العلاج المعرفي. بينما تمت الموافقة على العلاج المعرفي القائم على اليقظة الكاملة في المملكة المتحدة من قبل المعهد الوطني للتميز السريري (NICE) باعتباره العلاج الأنسب للاكتئاب المتكرر.

اقرأ أيضًا: كيف تتخلص من صعوبة التعبير عن المشاعر؟

ما الذي تحتاج إلى معرفته قبل ممارسة اليقظة الذهنية؟

هناك بعض الأمور التي يجب التنويه لها قبل البدء في ممارسة تمرينات اليقظة الذهنية حتى لا تشعر بعدم الرضا عندما لا تحصل على ما تريد، وهي كالتالي:

  • لا توجد طريقة تجعل عقلك فارغاً تماماً. فليس هذا هو الهدف هنا. بينما الشيء الوحيد الذي ينطوي عليه الأمر هو أننا نركز انتباهنا على اللحظة الحالية، دون إصدار حكم.
  • لست بحاجة لشراء أي شيء أو أن تكون في مكان خاص. يمكنك التدريب على اليقظة الذهنية في أي مكان، كل ما تحتاجه هو أن تمنح نفسك بعض الوقت والمساحة اليومية للممارسة. ومن الناحية المثالية، حاول أن تكون في مكان هادئ تشعر فيه بالراحة دون تشتيت الانتباه.
  • عقلك سوف يتجول مع الكثير من الأفكار. عندما تبدأ في ممارسة التمارين وتحاول أن تكون في الوقت الحاضر، ستظهر الأفكار. قد تبدأ في التفكير في الأشياء التي حدثت بالأمس أو في قوائم المهام التي يجب عليك إتمامها في الغد. سيحاول عقلك أن يكون في أي مكان إلا في الوقت الحاضر. وستجد أن لا شيء يحدث، إنه أمر شائع جداً ويحدث للجميع. لكن الشيء المهم هو أن تدرك متى يحدث هذا، لأنك إذا أدركت متى يبدأ في التجوّل بين هذه الأفكار، يمكنك حينئذٍ إعادته إلى اللحظة الحالية. وكلما مارست تمارين اليقظة الذهنية أكثر، أصبح الأمر أكثر سهولة في تجحيم هذه الأفكار.
  • سيحاول عقلك الناقد السيطرة. لقد سمعنا جميعاً انتقادات في رؤوسنا، وأحياناً أكثر مما ينبغي. عندما تمارس اليقظة الذهنية، حاول ألا تحكم على نفسك بالأفكار التي تخطر ببالك. راقبهم وتعرف عليهم وقم بتسميتهم واتركهم يذهبون، واعترف بالأحاسيس التي تتركها هذه الأفكار في نفسك.
اقرأ أيضًا: الطريق إلى تحقيق الذات في الحياة

فوائد اليقظة الذهنية

فوائد اليقظة الذهنية
أهمية اليقظة الذهنية في الصحة النفسية والجسدية

تعتمد اليقظة الذهنية على ممارسة التأمل، وعلى قبول الأشياء كما هي، دون الحكم عليها، وعلى تركيز عقولنا على اللحظة الحالية والتحكم في الأفكار الشاردة التي تبعدنا عن وعينا – إن لم يكن منعها من الظهور. إن التحكم في التنفس وإدراك هذا الفعل الطبيعي الذي نقوم به دون وعي هو تمرين أساسي يسمح لنا بالتواصل مع أنفسنا والحياة واللحظة الحالية.

أظهرت الدراسات التي أجريت في جامعة ماساتشوستس أن ممارسة اليقظة الذهنية لها تأثير مفيد في علاج الاضطرابات الجسدية المختلفة، خاصة تلك المرتبطة بالتوتر والقلق، مثل اضطرابات القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي وارتفاع ضغط الدم والألم المزمن.

هناك العديد من فوائد اليقظة الذهنية، بعضها قصير المدى وبعضها الآخر واسع المدى. في هذا القسم نتناول الفوائد الجمة التي تعود علينا من ممارسة تمارين اليقظة الذهنية وهي كالتالي:

  1. تركيز الانتباه على الوقت الحاضر

    الحياة والوجود بشكل عام لهما مجموعة من الألوان والظلال، فليست الحياة مبهجة على الدوام وكذلك ليست مؤلمة دائماً، ولكن هذه اللحظات بحلوها ومرها تكمل بعضها البعض دون أن ندري، والقدرة على الاستمتاع بها وإدراكها أمر صعب إذا لم نولي لهذا الأمر الاهتمام الكافي. ومن بين فوائد اليقظة الذهنية وربما أهمها أن تكون قادر على العيش في الوقت الحاضر لأنه الشيء الوحيد الذي لديك، فقد ذهب الماضي، والمستقبل لم يأت بعد وهو غير مؤكد، لذا عش وكن واعياً واستمتع بحاضرك مهما كانت لحظاته.

  2. الحد من الإجهاد

    تعد الأفكار حول ما كان يمكن فعله في الماضي أو ما يجب فعله في المستقبل أحد الأسباب الرئيسية للتوتر والقلق، وصولاً للاكتئاب وهي المشاكل النفسية الرئيسية في مجتمعنا الحالي. أكدت دراسة أجريت عام 2013 ونشرتها مجلة Health Psychology أن ممارسة اليقظة الذهنية تقلل بشكل كبير من مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر) وبالتالي يتم تقليل التوتر والقلق. ولا تعتقد أنه مع ممارسة اليقظة الذهنية سيمحو التوتر من حياتك، فهناك عوامل بيئية وظروف أخرى خارجة عن إرادتك، لكن مع اليقظة نتعلم كيفية التعامل مع أفكارنا بطريقة صحية.

  3. تحسين البنية العصبية للدماغ

    تقدم علم الأعصاب لدرجة أن الدراسات التي أجريت في هذا المجال العلمي أصبحت أكبر وأفضل. وربما يمكننا ملاحظة ذلك في الدراسة التي أجرتها عالمة الأعصاب في جامعة هارفارد الطبيبة سارة لازار وفريقها، حيث نشرت عام 2011 دراسة علمية[1] أثبتت فيها التغيرات المختلفة في بنية الدماغ بعد ثمانية أسابيع فقط من ممارسة اليقظة الذهنية، وكانت هذه التغيرات تضخم الحُصين، وهو المسؤول عن التعليم في الدماغ، انخفاض حجم اللوزة الدماغية المسؤولة عن الخوف، وانخفاض مستوى الكورتيزول، وهو الهرمون المولد للتوتر.

  4. الحد من شيخوخة الخلايا

    الشيخوخة هي جزء من الحياة، لا شك في ذلك، لكن ما نسعى إليه جميعاً ونحاول تعزيزه هو عدم التدهور المعرفي، والعيش بصحة جيدة حتى النهاية. هناك بعض النهايات في الكروموسومات يمكن من خلالها قياس العمر إلى حد معين، وذلك بفضل حقيقة أنها تصبح أصغر مع انقسام الخلايا. تسمى النهايات المذكورة التيلومير ويمكن أن تنقسم بشكل متكرر عندما تكون هناك مستويات عالية من الإجهاد، ولكن من الممكن أيضاً إيقاف أو تقليل هذه الانقسامات من خلال بعض الممارسات والتمارين. ومن فوائد اليقظة الذهنية تحديداً تقليل هذه الانقسامات، ووفقاً لبعض الدراسات، من الممكن تقليل تآكل التيلوميرات مع ما لا يقل عن 12 دقيقة من التأمل اليومي من بين عادات أخرى مثل النوم الجيد ونظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة البدنية.

  5. زيادة القدرة على التركيز

    في الوقت الحالي، من المستحيل عملياً الحفاظ على التركيز على مهمة واحدة فقط، فنحن نتحرك باستمرار، ونحاول الاستفادة من كل لحظة دون التركيز تماماً على أي شيء. إن تعدد المهام في عصرنا الحالي والتنقل من مهمة إلى أخرى دون الاستمتاع بما نقوم به من سمات هذا العصر. أجرت جامعة كاليفورنيا دراسة[2] في عام 2013 وتوصلت إلى إنه من الممكن تحسين القدرة على التركيز خلال أسبوعين فقط من ممارسة اليقظة الخاضعة للإشراف وأنه كلما زادت الممارسة، زاد مستوى التركيز الذي يمكن تحقيقه في مهمة واحدة. على المدى الطويل، تكون النتيجة أننا أكثر فعالية وكفاءة فيما نقوم به.

  6. إدارة أفضل للعواطف

    من خلال الاهتمام بما نختبره، نتواصل مع عواطفنا، والتي تمر دون أن يلاحظها أحد عندما نفعل خمسة أشياء في وقت واحد. فمن خلال الاستماع إلى ما نشعر به، نبدأ في فهم المعلومات التي تصاحب كل عاطفة، والتي سيكون لها حتماً تأثير إيجابي على رفاهيتنا العاطفية.

  7. الاستمتاع بالمهام التي نقوم بها

    بسبب الإجهاد الناجم عن المخاوف بشأن الماضي أو المستقبل، يصبح من الصعب للغاية الاستمتاع بما نقوم به على أساس يومي. ويصبح كل شيء عبئاً ونغفل عن اللحظات الصغيرة في حياتنا اليومية التي اعتدنا أن نحبها. لكن مع اليقظة الذهنية ندير كل يوم بطريقة مختلفة، وهو ما سيقودنا للاستمتاع بأنشطة بسيطة مثل سقي نباتاتك أو التنزه في الريف أو الاستمتاع بفنجان ساخن من القهوة.

  8. تحسين نوعية النوم

    بفضل الانخفاض في مستويات الكورتيزول من خلال ممارسة اليقظة الذهنية، يكون الجسم في مستوى من التنشيط الذي يعزز الاسترخاء، مما يسهل علينا النوم. ومع ذلك، هذا لا يعني أن اليقظة الذهنية تهدف إلى جعل الشخص ينام، فهناك تقنيات أخرى تساعدك على النوم، يمكن أن نتناولها في مقال آت.

  9. تعزيز القدرة على اتخاذ القرارات

    إن ممارسة اليقظة الذهنية تعزز نشاط القشرة الدماغية. باختصار، دعنا نقول إن دماغنا يذهب إلى صالة الألعاب الرياضية، ويزداد قوة بحيث تتم معالجة المعلومات بطريقة أكثر كفاءة، وهو أمر ضروري في اتخاذ القرار لأننا نتوقف عن اجترار الأفكار الماضية والمستقبلية، لنصل إلى صلب الموضوع الذي بين يدينا.

  10. تنمية الأفكار الإيجابية تجاه الذات والآخرين

    تتعامل فكرة اليقظة الذهنية في الأساس مع الطريقة التي تعمل بها أفكارنا، ومن المعلوم أن هناك العديد من الأفكار السلبية التي تساورنا من وقت لآخر تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين، لذا فمن فوائد اليقظة الذهنية هي تدريب العقل على السماح فقط للأفكار الإيجابية بالاستقرار، وجعل الأفكار السلبية تمضي في طريقها.

الآن وبعد أن تعرفت على فوائد اليقظة الذهنية، هل تريد وضعها موضع التنفيذ؟ هيا بنا.

اقرأ أيضًا: شلل النوم: كشف أسرار هذه الظاهرة الغريبة

تمارين اليقظة الذهنية

تمارين اليقظة الذهنية
تقنيات اليقظة الذهنية

تسعى ممارسة اليقظة إلى تسهيل استرخاء الجسم وتهدئة العقل من خلال السعي لتوعية الناس باللحظة الحالية. أثبتت برامج الحد من التوتر القائمة على اليقظة فعاليتها في الحد من التوتر وتحسين نوعية الحياة وزيادة التعاطف مع الذات.

راقب المحيط من حولك

توقف للحظة، وانظر حولك وحدد خمسة أشياء يمكنك رؤيتها. بعد ذلك استمع بعناية ولاحظ خمسة أشياء يمكنك سماعها، ثم لاحظ خمسة أشياء يمكنك الشعور بها تلامس جسدك؛ على سبيل المثال ساعة اليد التي ترتديها، بنطالك، الهواء على وجهك، قدميك على الأرض، ظهرك على الكرسي. أخيراً، افعل كل ما سبق في وقت واحد.

امشي ببطء

نعيش في عصر السرعة، ونفعل كل شيء في حياتنا ونحن في عجلة من أمرنا، نركض هنا وهناك، من أجل لا شيء. وهنا تكمن أهمية أحد أكثر ممارسات اليقظة المفيدة، وهي عكس الأمر. ما عليك سوى المشي ببطء، يمكنك فعل ذلك في كل أوقات اليوم التي تتحرك فيها. انتبه لكل خطوة تخطوها وراقب النفس الذي يخرج ويدخل.

ركز على مهمة واحدة

تجنب الفوضى عند الذهاب إلى العمل، وفي حياتك بشكل عام. بالتأكيد أنت تعرف بالفعل ما هي المهام ذات الأولوية في مكان عملك، وفي منزلك. لذلك، قم بتنفيذها بطريقة منظمة، دون القفز من مهمة إلى أخرى وحاول ألا تصبح شخصاً متعدد المهام.

اصنع الشاي والقهوة بنفسك

يمكن أن يكون المشروب نشاطاً للجميع، فهل يمكنك فعله باعتباره تمرين من تمارين اليقظة الذهنية. كل ما عليك فعله هو أن تذهب لتصنع بنفسك كوب الشاي أو فنجان القهوة، وانظر إلى كيفية غليان الماء، وكيف ترتفع القهوة، وراقب الرائحة التي تفوح منها أثناء سكبها. أفعل ذلك ببطء وركز تفكيرك معها فقط، واطرد أي أفكار أخرى.

لاحظ بوعي

اختر شيئاً يتواجد معك باستمرار في حياتك اليومية ولا تلقي له بالاً. يمكن أن يكون الكأس الموضوع على مكتبك، أو القلم الذي تكتب به ملاحظاتك. أبق عينيك عليه واجعل عقلك ينتبه إليه فقط. حاول أن تكتشف فيه أشياء لم تلاحظها أبداً وتمكن من تركيز انتباهك عليه لفترة من الوقت.

كن ممتناً

انظر إلى شخص مهم بالنسبة لك، وحاول التخلص من كل الأحكام التي لديك عنه، وحاول أن تتخلص من لومه. فكر في أفعاله الجيدة، وكن ممتناً لأن هذا الشخص جزء من حياتك، انظر إلى ما هو أبعد مما قد تراه فيه في أي وقت. إذا شعرت أنك قادر على ذلك، اشكره شخصياً وشاركه مشاعر الامتنان.

اقرأ أكثر

ابحث عن وقت من اليوم يسمح لك بالاسترخاء واغتنام الفرصة للقراءة الصامتة. تجنب تشغيل التلفزيون بل واترك هاتفك المحمول بعيداً عن الأنظار. حاول ببساطة أن تنغمس في عالم الكتاب الذي تقرأه. ركز على ما يحتويه الكتاب، وإذا أمكن، افعل ذلك من خلال رواية تحبها.

انتبه إلى أنفاسك

من تمارين اليقظة الذهنية الأخرى التي قد تبدو بسيطة، وهي من أكثر التمارين فعالية لاهتمامك الكامل، الانتباه للتنفس. اقض دقيقة من وقتك في الاستماع إلى جسدك، وكيف يتنفس، وكيف تنتفخ بطنك وأنت تفعل ذلك، وكيف تخرج الهواء عبر فمك. انتبه أيضاً إلى الصوت الذي تصدره أنفاسك والإيقاع الذي تتبعه. فالتنفس هو تقنية أساسية لليقظة الذهنية.

عد إلى عشرة

أغمض عينيك وركز على العد ببطء إلى عشرة. إذا وجدت أنك فقدت التركيز، فابدأ من جديد. من الطبيعي أن تظهر بين الأرقام أفكار مثل “يجب أن أذهب لشراء الخبز” أو “أعتقد أنني فهمت الأمر”. تخلص من كل هذه الأفكار الخارجية، وابدأ من جديد حتى لا ينكسر تركيزك بأي شيء.

نظف منزلك

سواء بالمعنى المجازي أو بالمعنى الحرفي. سيسمح لك القيام بتنظيف منزلك والتخلي عن الأشياء التي لم تعد تستخدمها بتوسيع منطقة الراحة الخاصة بك. من ناحية أخرى، يمكن أن يساعدك تنظيف أجزاء المنزل المختلفة في تخفيف التوتر. ركز على جميع خطوات التنظيف التي تتخذها باهتمام كامل. لا تأخذ الأمر على أنه مهمة شاقة، فقط انتبه لما تشعر به بعد القيام بذلك.

دع أفكارك تتدفق

إذا كنت أحد أولئك الذين لا يمكنهم التوقف عن التفكير أبداً، فإن إحدى تمارين اليقظة الذهنية التي يجب تطبيقها هي السماح لأفكارك بالتدفق. حيث يجد بعض الناس صعوبة بالغة في إيقافها. وفي هذه الحالة، لا تتورط فيها. أي، بدلاً من محاربة الصوت الداخلي في رأسك، فقط استمع إلى ما يقوله، دون أن تحكم.

اقرأ أيضًا: البساطة سر السعادة

يمكننا من خلال ممارسة تمارين اليقظة الذهنية تحديد ردود أفعالنا العاطفية والجسدية في اللحظات المختلفة من حياتنا، حيث نعيش تجربتنا الشخصية بوعي كامل. ومن خلال هذه التمرينات التي قدمناها لك يمكنك إدارة عواطفك وتعزيز وعيك الذاتي، والتحكم في التوتر والقلق، وتحسين التركيز.

مراجع

[1] Mindfulness practice leads to increases in regional brain gray matter density.

[2] Neural correlates of focused attention during a brief mindfulness induction.

اترك تعليقاً