5 تمارين فلسفية لتنشيط ملكة الفكر

You are currently viewing 5 تمارين فلسفية لتنشيط ملكة الفكر
تمارين فكرية لتنشيط الذهن

يعتقد الكثير أن الفلسفة نشاط يخص الأكاديميين فقط، ولا يعرفون أنها طريقة في التفكير يمكن لأي شخص أن يمارسها. فلا يحتاج الأمر منك سوى التفكير بعمق في شيء ما. ومن هنا نقدم بعض الأنشطة والتمرينات الفلسفية التي يمكن لأي شخص القيام بها في أي وقت من أجل تنشيط ملكة الفكر.

امشي في الظلام

أول التمرينات الفلسفية التي لدينا هي:

لنفترض أننا عانينا من انقطاع التيار الكهربائي. أو أننا قد استيقظنا في منتصف الليل سائرين أثناء النوم في مكان ما في المنزل. إننا نتحرك في الظلام وبهدوء لأننا لا نريد أن نوقظ أو نزعج شخصاً نائماً. لا يهم. الحقيقة هي أننا في الظلام في غرفة، وعلينا الذهاب إلى غرفة أخرى. من الناحية المثالية، فإن هذا الأمر يبدو سهلاً فنحن نعرف جميع الأماكن في منزلنا ويمكننا السير إليها بسهولة. لكن انتظر ليس الأمر بهذه السهولة المتوقعة. فسرعان ما سندرك أن القواعد قد تغيرت تماماً. وبدون ضوء تختفي نقاطنا المرجعية ولا يبدو أن المسافات أو العوائق تخضع للقواعد التي اعتادنا على قبولها. ستبدو الغرفة مختلفة وكل ما تبقى لدينا هو ذكرياتنا وشعور عميق بعدم اليقين.

الأمان سيختفي. فمن قبل كان كل شيء سلساً وسهلاً، أما الآن فكل خطوة أصبحت علامة استفهام. لقد فقدت حساباتنا الدقة التي كانت تتمتع بها. في الظلام لم نعد نتحرك بسرعة، ولكن بدوافع صغيرة وذراع ممدودتين، خائفين دائماً من أن الاصطدام بشيء ما قاب قوسين أو أدنى.

على الأرجح، سيهاجمنا شعور بالإحباط العميق. كيف أصبحنا حمقى وخرقى؟ هل يكفي انقطاع التيار الكهربائي لعيش مثل هذا العجز؟ هل فقدان أحد حواسنا أمر حاسم بالنسبة لنا؟ ومما زاد الطين بلة أننا الآن سنضرب جبهتنا بالفعل في إطار الباب…

هل أثارك الأمر؟ في الواقع، لم يتغير أي شيء تقريباً. العالم الحقيقي – كما نعرفه – يظل كما هو. كل شيء في نفس المكان وفي نفس الموضع. ومع ذلك، أصبح كل شيء بيئة معادية ومهددة. في الظلام نعيش في نفس العالم كما هو الحال عندما يكون هناك ضوء، ولكن في تجربتنا يتغير بشكل جذري شيء في غيابه. ونفهم – عاجلاً أم آجلاً – أن ما نسميه «الواقع»، «العالم»، «الحالة الطبيعية» ليس أكثر من طلاء رقيق للغاية يسهل إزالته بشكل رهيب.


عيش حياة أخرى

تمرينات فكرية
اختلق قصة

هل تعرف كيف تعيش حياة أخرى. هذا هو التمرين الثاني من التمرينات الفلسفية. تقول الحكمة القديمة أننا نعيش مرة واحدة فقط، ولكن الحقيقة هي أن العديد من الأشخاص يعيشون أكثر من حياة، ولا نقصد بها الأمر تناسخ الأرواح بل يمكننا مضاعفة تجاربنا وذكرياتنا، وفي واقع الأمر يفعل الكثير ذلك دون حتى أن يدركوا. دعونا نقوم بهذا التمرين.

في البداية علينا أن نكذب – على الرغم من الكذب صفة ذميمة – ونبذل بعض الجهد في ذلك حتى لو لم نرغب في ذلك – إنه لغرض جيد. لكن يجب أن نتحلى بالحرص والحذر الشديد خلال كذبنا. إذا تحدثنا إلى شخص غريب عنا فلنختلق قصة ما – وكأننا عشنا تجربة سابقة – وإذا كان الحديث مع صديق أو قريب فلنقم بتزيين القصة وتقديم مشاهد وأفكار غير عادية.

لكن علينا القيام بذلك بشكل صحيح. ثم عليك أن تضيف المؤامرات والحبكات الفرعية والشخصيات والتفاصيل والأهداف وما إلى ذلك. وعليك أن تحذف منها ما لا يساهم بأي شيء وتعتني بالسرد جيداً. وأخيراً، كررها مرات لا حصر لها، لأناس مختلفين وسياقات مختلفة. دع القصة تتطور من تلقاء نفسها.

بعد فترة من الوقت ستدرك أن الحكاية أصبحت جزءاً منك. لقد ذكرناها مرات عديدة لدرجة أننا إذا قلناها لشخص ما مرة أخرى، فلن يشك حتى في حقيقتها. يبدو أن هذا الأمر صحيح تماماً. ولن يكون من غير المعتاد أن تظهر نفس القصة بعيداً عنك عندما يرويها الآخرون لبعضهم البعض. وهؤلاء لن يروا قصتك الحقيقية بعد الآن، ولكن القصة الخاطئة التي اختلقتها في اللحظة الأولى.

النقطة التي يجب أن نصل إليها هي النقطة التي نشك فيها حتى في أنفسنا، فعندما لا نكون قادرين على التأكد بنسبة 100٪ من أي قصة كانت حقيقية وأيها كانت خيالية. في تلك اللحظة سوف ندرك شيئاً يحررنا بعمق: أن الحقيقة التي نقول أننا عشناها – حياتنا – بمجرد أن تمر، هي مجرد قصة أخرى. مع بعض الذكريات، وبعض التأكيدات، وبعض الجمل وبعض المشاعر المرتبطة التي تولد من أذهاننا … كما في كذبتنا المفصلة.

اقرأ أيضًا: كيف تساهم الفلسفة في حل مشكلات البشر؟

ابحث عن نفسك

التفكير الفلسفي
البحث عن الذات

في هذا التمرين نتعرف فيه على ذواتنا. “أنا” هي بلا شك واحدة من أكثر الكلمات التي نستخدمها في يومنا. فكر في الأمر، كم مرة نجد أنفسنا نلفظها أو ندخلها في جمل للتعبير عما يجول بخاطرنا؟ فبهذه الكلمة البسيطة نعبر عن رغباتنا، وعواطفنا، ومشاريعنا، وآمالنا، ومخاوفنا، وقراراتنا … لا توجد خطوة واحدة نتخذها ولم ترافقنا هذه الكلمة. لكن الغريب في الأمر أننا على الرغم من استخدام هذا الضمير الذي يرتبط بأكثر خصوصياتنا حميمية وشخصية إلا أننا لا نعرفها بحق. “من أنا؟” دعونا نحاول التعرف على ذواتنا.. لكن إحذر فالأمر ليس سهلاً.

بالنسبة للمبتدئين، يمكنهم محاولة الإجابة على هذه الأسئلة:

  • ما هو جسدي؟ ومما يتكون؟ وكيف يعمل؟
  • ما هي العادات التي أفضلها؟
  • ما هي نقاط القوة والضعف لدي؟
  • ما هي صفاتي الجسدية؟
  • ما هي أفكاري؟ ولماذا أفكر بهذه الطريقة؟

على الرغم من أن كل إنسان مختلف تماماً عن الآخر إلا أننا نشعر دائماً بأننا جميعاً متماثلون، وربما هناك شيئاً ما يربطنا جميعاً معاً. ربما هناك نوع من القاسم المشترك الذي يوحدنا جميعاً، لكن ما هو؟ هل هو أسلوب نمتلكه؟ أم إنه شيء أخر؟ يمكننا القول بأن هذا الشيء هو الذي يجمع كل جزء مما نحن عليه، لكن لا يمكننا تحديده بوضوح كشيء ملموس.

وبهذه الطريق يصبح البحث شيئاً فشيئاً عميقاً في التفكير، مما يسمح لنا ويجبرنا على الغوص في أعمق جزء من أنفسنا، ومن نحن؟ ومن نعتقد أن نكون؟ لنصل في النهاية إلى التعرف على أنفسنا.

لنفترض الآن أننا وجدناها، ولدينا بالفعل إجابة يمكننا القول إنها كافية. ما هو تأثير هذا الاكتشاف على حياتنا؟ هل نحن مختلفين؟ هل نحن متساوون؟

اقرأ أيضًا: قبول الآخر: الاختلاف سر وجودنا

خذ حماماً وعينيك مغمضتين

كيف تفكر بطريقة فلسفية
تمرينات فلسفية

يمكن أن يكون هذا التمرين أحد التمرينات الفلسفية الغريبة، لكن لا تقلق، فالأمر لا يتعلق بالحصول على الإغماء، أو التجارب خارج الحواس، أو أي شيء من هذا القبيل. على العكس تماماً، الفكرة هي أن تركز كل انتباهك فقط على الماء، وعلى الإحساس به على بشرتك، وعلى صوته عندما يسقط على رأسك. حاول أن تحافظ على هذا الشعور. إذا شرد عقلك، أجبره على العودة. لا تفكر في مخاوفك، ولا تفكر فيما عليك القيام به بعد ذلك، ولا تشتت انتباهك بفكرة عابرة. عد. ركز عقلك على هنا والآن.

هل الأمر يبدو بهذه الصعوبة؟ من المؤكد إذن أنك لم تختبر مثل هذا الشعور مسبقاً. إنه مثال على التأمل مشابه لما يسمى “التركيز الكامل”. لا يتعلق الأمر بإفراغ العقل – كما يعتقد البعض – ولا يتعلق بالسماح له بالتجول بحرية – كما يعتقد البعض. على العكس من ذلك، ما نريد القيام به في هذا التمرين هو ممارسة التحكم في العقل كما يحلو لنا. وبهذه الطريقة، سوف نتجنب الوقوع في الأفكار التي لا نريدها. يمكنك تطوير هذه القدرة عن طريق الممارسة يومياً عن طريق التركيز فقط على ما نشعر به. دع عنك اكتئاب الماضي وقلق المستقبل. ركز فقط في الحاضر في تلك اللحظة. لنجعلها عادة وسنكون قد حققنا لحظة التأمل اليومية. سوف تشكرنا عقولنا على المدى الطويل.

اقرأ أيضًا: كيف تحقق النجاح في الحياة؟ انهض فقط

ارفض عاطفة

تمرينات فلسفية
أنشطة فكرية

التمرين الأخير من التمرينات الفلسفية هو رفض عاطفة. فإذا عدنا بالزمن إلى الوراء سنجد أن حكماء العالم القديم كانوا يعتقدون أن الحكمة تأتي من خلال رفض المشاعر والتخلص منها. حيث كان يُنظر إلى العواطف على أنها عبء ومصدر إزعاج ينبغي التخلص منه، لإنها تبعدهم عن عيش حياة سعيدة، ولا تمثل لهم سوى الألم. لكن مع وصول عصر الرومانسية تغير كل شيء. فلم تعد العواطف سيئة بل أهم شيء في الحياة. أما اليوم فما زلنا نعيش في ظل هذه الفكرة، لكن هل يناسبنا ذلك؟

دعونا نحاول تقليد فلاسفة العصور القديمة. ونجرؤ على تغيير حياة الانفجارات العاطفية بحياة أخرى تشبه البحيرة الهادئة. دعونا نبتعد عن الضجيج والعذاب. دعونا نحاول بكل الوسائل ألا نقع تحت تأثير السحر العاطفي.

أدرك أكثر من شخص بالفعل أنه ليس بالأمر السهل على الإطلاق. لكن هذا ليس مستحيلاً. ففي مواجهة آفة المشاعر، يصعب التفكير في أي شيء آخر، لكن إذا ثابرنا، يمكننا فعل ذلك. فعندما تنشأ عاطفة، دعونا لا ننجرف. علينا أن نتخيلها على أنها حكة أو تورم سيختفي إذا تجاهلناه (كما يحدث عدة مرات في الحياة). دعونا ننظر إليها من الخارج، ونتركها تمر وتستقر في غياهب النسيان. لكن علينا ألا نبذل الكثير من الجهد في ذلك، فكلما قل اهتمامنا، كان ذلك أفضل.

في الواقع، مفتاح كل شيء هو تحديد الهدف المثالي الذي حددناه لأنفسنا بهذا. هل نريد حياة مليئة بالفرح وبالتالي بالحزن؟ وتقلبات المزاج؟ المتع وخيبات الأمل؟ لا يوجد أحدهما دون الآخر، لذلك إذا اخترنا هذا الخيار، فعلينا قبول الشروط. أو ربما نريد الخيار “ب”؟ سلام وطمأنينة وتفكير …

في أسوأ الحالات، سوف نتعلم تقدير كلا المفهومين للحياة بشكل صحيح. في أحسن الأحوال، سنتمكن من الانتقال بوعي من واحد إلى الآخر عندما يحين الوقت. على الرغم من أننا نحاول، إلا أن قلة فقط هم الذين حققوا ذلك.


بعد أن استعرضنا هذه التمرينات الفلسفية الرائعة، لا يسعنا سوى القول بأنها سوف تساهم بطريقة أو بأخرى في تنشيط الذهن، فما عليك سوى القيام بها في أي وقت.

اترك تعليقاً