فن

مراجعة فيلم The Miracle Worker: كيف تصنع معجزة حقيقية؟

The Miracle Worker هو فيلم ينبض بالحياة، ولا يزال صامداً أمام اختبار الزمن. تستند قصة فيلم The Miracle Worker إلى القصة الملهمة لهيلين كيلر التي عانت من الصمت والظلام، وعدم القدرة على التواصل مع العالم الخارجي. في السطور التالية نستعرض مراجعة فيلم The Miracle Worker بشيء من التفصيل.

معلومات عن فيلم The Miracle Worker

  • البلد: الولايات المتحدة.
  • اللغة: الإنجليزية | لغة الإشارة الأمريكية.
  • تاريخ الإصدار: 28 يوليو 1962.
  • المخرج: آرثر بن.
  • الكاتب: ويليام جيبسون (سيناريو) | هيلين كيلر (كتاب قصة حياتي).
  • وقت العرض: 106 دقيقة.
  • النوع: دراما | سيرة ذاتية.
  • التصنيف: (PG) ملائم للجميع تحت الرِّقابة العائلية.
  • فريق التمثيل: آن بانكروفت | باتي ديوك | فيكتور جوري | إنجا سوينسون.
  • التقييم: 8.1.

قصة فيلم The Miracle Worker

تستند قصة فيلم The Miracle Worker إلى فترة محورية من الحياة المبكرة للمرأة الصماء العمياء الأيقونية هيلين كيلر. فخلال طفولتها أصيب هيلين كيلر بالحمى القرمزية أفقدتها حاسة السمع والبصر. لذا لا تستطع التواصل مع أي شخص وتتصرف بطريقة شبه حيوانية. مما يجعل أي مكان تذهب إليه يتحول إلى فوضى عارمة.

لم يتوان والداها في البحث عن علاج. وطرقا العديد من الأبواب دون جدوى، لدرجة أنهما تناقشا في إمكانية إرسالها إلى دار رعاية للأطفال الأيتام. لكن في تلك اللحظة سمعت الأم المكلومة عن طبيب عيون يمكنه معالجتها، ولكنه لم يستطع كذلك. ومن ثم اقترح عليهما الطبيب توظيف معلمة شابة في مدرسة بيركنز للمكفوفين يمكنها تعليم هيلين. وفي محاولة أخيرة يائسة قام والدها بتوظيف آن سوليفان. وهي معلمة كانت تعاني من إعاقة بصرية شديدة عندما كانت طفلة. وقد استعادت بصرها بعد سلسلة من العمليات. لذا فهي تقدر مشاكل هيلين. بينما تعتقد أن مشكلتها لا تكمن في الضعف العقلي كما يعتقد والداها بل بسبب ضعف نفسي وجسدي يُضعف فهمها للعالم.

تشرع آن في تعليم الطفلة العنيدة والمشاكسة من خلال أساليبها المتطرفة والصعبة التي يرفضها الوالد بشدة، إلا أن والدة هيلين تثق بالمعلمة وتتمنى نجاحها. وبعد معاناة طويلة استطاعت تعليمها رموز الصم الأبجدية من خلال اللمس، وربط الأشياء في العالم الخارجي بالكلمات التي توضحها لها. وبهذه الطريقة تفتح آن سوليفان مستوى حيوي من الفهم المطلوب للمضي قدماً في أي نوع من التعليم.

إن أي شخص يعرف ما حققته هيلين كيلر في حياتها يدرك جيداً ما إذا نجحت معها آن سوليفان أم لا. أما إذا لم تكن على دراية بقصة هيلين كيلر يمكنك الاطلاع على السيرة الذاتية لها في هذا المقال: قصة هيلين كيلر: الحياة مغامرة جريئة أو لا شيء.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Ben X: دراما بلجيكية تجعلك تبكي مع كل مشهد

مراجعة فيلم The Miracle Worker

قصة فيلم The Miracle Worker
مشهد من فيلم The Miracle Worker

لا ضوء ولا صوت، مجرد ظلام مكتوم. محاصر في فقاعة سوداء، من خلال سطحها تلمس يد إنسان يحاول الوصول إليك. تشعر وكأنه ينتمي إلى جسد في بعد آخر، يمكنك الإمساك بها، لكنك تعلم أنه مجرد اتصال مؤقت، مثل التعلق على حافة الهاوية والتشبث بالقشة الأخيرة التي تمنعك من السقوط. فلا يمكن للأيادي أن تشدك إلى أرض آمنة، ولا يمكنك سحبها إليك في الظلام.

فكرة صادمة شكلت في البداية العالم كله لهيلين كيلر. ففي سن 19 شهراً، فقدت بصرها وسمعها بسبب المرض. ومع تقدم حياتها، تمكنت أخيراً من تحرير نفسها من عزلة الحواس. وشرعت في رحلة حياة مثيرة للإعجاب. حيث تعلمت طريقة برايل بلغات مختلفة. وأصبحت ناشطة في مجال حقوق الإنسان وكتبت عدة كتب عن تجربتها. لكن هناك شخصية رئيسية كان لها عظيم الأثر خلال رحلتها: المعلمة آن سوليفان التي ساعدت هيلين كيلر في التواصل مع العالم الخارجي.

الرابطة القوية

صورت هذه الرابطة القوية بين هيلين كيلر وآن سوليفان في مسرحية للكاتب المسرحي ويليام جيبسون في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، والتي استندت إلى سيرة هيلين كيلر الذاتية “قصة حياتي” والتي تتناول طفولتها. وفي ذلك الوقت لعبت آن بانكروفت وباتي ديوك دور الثنائي على خشبة المسرح، قبل إعادة تصوير أدوارهما في فيلم المخرج آرثر بن لعام 1962 The Miracle Worker للحفاظ على هذه القصة الملهمة للأجيال القادمة. وهناك يكمن التحدي في نقل عالم الفتاة الصماء العمياء باستخدام وسيط سمعي بصري لكل الأشياء من حولها.

لم يكن نهج آرثر بن الخوض في تصوير السيرة الذاتية لهيلين كيلر، بل محاولة رسم جدار لا يمكن اختراقه حول فتاة تمنع أي وصول إلى حياتها الداخلية. وقد أكد على أهمية العمل الجاد الذي يتطلبه هدم الجدار وصنع المعجزة. إن هيلين كيلر في فيلم The Miracle Worker عبارة عن صندوق أحجية لا يمكن فتحه بالحب أو التفاهم أو التعاطف، ولكن فقط بالعرق والدم والأسلوب والمثابرة.

هذا فيلم عن صعوبة المهمة التي تتطلب الصبر والتصميم، وفي نفس الوقت يبدو الأمر كما لو أنه يخبرنا أننا بحاجة فقط إلى التفكير في صعوبات ودوافع المعلم، والتخلي عن الشعور البشري بالشفقة، وأن نتحلى بالصلابة اللازمة من أجل الوصول للهدف الأسمى، وهذا أمر معقد و موضوع صعب.

المسار الصخري

عند تحويل مسرحية إلى شاشة السينما، يتوقع المرء ثباتاً معيناً في عرض الفيلم المقتبس، وهذا هو بالضبط التوقع الذي يستخدمه بن لمفاجأة المشاهد. حيث لا نجد هذا الهدوء والثبات في فيلم The Miracle Worker، وكل ما نجده هو الفوضى التي تبدو مثل الإعصار. وعلى الرغم من المنزل الريفي المثالي مكان التصوير والذي ينضح بالترتيب والنظام، إلا أنه لا يهدأ، وتتغير الأحوال عملياً كل ثانية. فلم يعد التشخيص الذي أجراه الطبيب على الطفل فعالاً، وسرعان ما تدرك الأم أن ابنتها لا ترى ولا تسمع. وهنا تتقلب الكاميرا بشدة خلال هذه المرحلة، كما لو كانت تتأرجح بفعل الرياح عندما يصرخ الأب يائساً في وجه ابنته، بينما تعاني الأم من انهيار عصبي في الخلفية.

حتى بعد أن تلاشت صدمة المقدمة قليلاً مع بدء القصة الرئيسية، يظل الجانب الفوضوي والمتطرف رفيقاً ثابتاً للفيلم. حيث ينصب التركيز على التواصل بين الشخصيتين الرئيسيتين، والذي يحدث حصرياً من خلال الاتصال الجسدي – لغة الأصابع في اللحظات الهادئة، والمصارعة الصريحة في اللحظات القاسية. يبدو ذلك واضحاً في المشهد الطويل في غرفة الطعام، والتي تحاول فيه آن سوليفان إجبار الفتاة على تبني آداب المائدة، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى إطلاق كلا الطرفين العنان لحرب بين الطرفين. هذه المشاجرات هي التي اضطرت أصحاب المنزل إلى الخروج منه. وهو نمط يعيد نفسه في كل تحد، حتى يفهم المشاهد مدى تأثير الوالدين على حالة هيلين كيلر، ويكشف عن المسار الصخري الاستثنائي الذي اختارته آن سوليفان لتعليم الطفلة.

الأداء الأكثر قوة في تاريخ السينما

ومن هنا نشرع في الحديث عن الأداء الاستثنائي الأكثر إثارة وقوة في تاريخ السينما للثنائي آن بانكروفت التي قامت بدور آن سوليفان وباتي ديوك التي قامت بدور هيلين كيلر. لقد وصلت الممثلتان إلى مستوى لا يُصدق من الواقعية. هذا المستوى النادر من التمثيل الواقعي يجعل هذا الفيلم وكأنه حقيقة.

تلعب بانكروفت بطريقة طبيعية مفادها أنه من المستحيل عدم التأثر بصلابته في دور قد يقع خارج حدود تعاطف الجمهور. لكن في الواقع، تلعب باتي ديوك دوراً أكثر صعوبة لأنها يجب أن تعكس كل تلك المشاعر والخوف والقلق والوحشية دون التحدث. وتستند بالكامل إلى التمثيل الجسدي، وقد نجحت في التعامل مع هذه المهمة.

باتي ديوك التي كانت تبلغ من العمر حينها 16 عاماً فقط، وهي أصغر ممثلة تفوز بجائزة الأوسكار حتى الآن، لا تجعلنا نشك لثانية واحدة في كونها كفيفة وصماء بطبيعتها.

فيلم The Miracle Worker بأكمله لا يُنسى ولن تلحظ حتى مرور الوقت. وخاصة في ذلك المشهد الأيقوني الذي تحاول فيه سوليفان تعليم هيلين آداب تناول الطعام. يستمر هذا المشهد لمدة تسع دقائق تقريباً دون حوار على الإطلاق. هذا المشهد بمثابة درس في فن التمثيل. فالتعبير الجسدي للممثلتين كافٍ للتعبير، من ناحية، عن إرادة سوليفان الصلبة. ومن ناحية أخرى، إحباط هيلين وتمردها بسبب عدم فهم ما تحاول المعلمة إيصاله إليها، وكذلك عنادها ورغبتها في الاستمرار في العيش في عالمها المغلق.

قوة الروح البشرية

عندما نفكر في الصعوبات التي تواجهها هيلين كيلر والطريقة التي استخدمتها آن سوليفان في التغلب عليها، نشعر أننا نبحث عن شيء يفوق معظم الاكتشافات العلمية والإنجازات الرياضية والعسكرية. إنها قصة حقيقية ملهمة عن معنى وأهمية التواصل وقوة الروح البشرية والطبيعة الحقيقية للرحمة، دون اللجوء إلى البكاء السهل أو الخطب العاطفية، لأن العمل يستحق كل هذا العناء أكثر من الكلمات. وفي عالم هيلين كيلر، لم تكن هناك كلمات.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Mass 2021: دراما مأساوية لم نراها منذ سنوات

ملحوظة أخيرة: بعد مراجعة فيلم The Miracle Worker لابد أن نذكر أنه حصل على العديد من الجوائز حول العالم. لكن أهمها هي حصول آن بانكروفت على جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة رئيسية. وحصول باتي ديوك على جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة. كما ترشح آرثر بن لجائرة أفضل مخرج، وويليام جيبسون لأفضل سيناريو مقتبس. وروث مورلي لأفضل تصميم أزياء لفيلم أبيض وأسود.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!