التعايش السلمي: ذروة الوجود النقي للإنسانية

You are currently viewing التعايش السلمي: ذروة الوجود النقي للإنسانية
التعايش السلمي وقبول الآخر

تتمثل الطريقة المثلى للتعايش السلمي في معرفة أن سلامنا الداخلي لا يمكن أن يتحقق دون سلام محيطنا الخارجي، وهذا الأخير لن نحصل عليه إلا بمساهمة الجميع واحترام الاختلافات بين البشر. دعونا فقط نلقي نظرة قريبة على حياتنا وسنرى أننا جميعاً ارتكبنا أخطاء، وسنرتكب أخطاء وسنفعلها مرة أخرى، لأننا في النهاية مجرد بشر لديهم الكثير من العيوب التي لا يمكن إصلاحها إلا إذا قبلناها في البداية. نحاول في هذا المقال إلقاء الضوء على فكرة التعايش السلمي وقبول الآخر.

التنافس بين البشر

الحياة منافسة ونضال. لم يعد معظمنا يتنافس مع الحيوانات المفترسة، لكننا نواصل القتال من أجل البقاء على قيد الحياة أمام الجراثيم الصغيرة التي لا يمكن هزيمتها. لكن النضال الإنساني الحقيقي هو الذي يضعنا في مواجهة البشر الآخرين، ليس في ساحة الحرب ولكن في ساحة التعايش السلمي الشاقة. لقد أخبرنا فرويد بوضوح أن نفس الدافع الذي يقربنا من بعضنا البعض هو ما يدفعنا إلى التنافس مع بعضنا البعض. فمنذ اللحظة التي يصبح فيها الجار لا غنى عنه، يصبح عدواً يجب التغلب عليه أو تحييده. علاقاتنا منسوجة بقوة التنافس والتعاون في الوقت ذاته، ويعتمد الأمر على الشخص، والدور، والحدث، والحاجة.

الصداقة والعداوة يمكن اختراقها بسهولة، وهي أمور غير مستقرة. ففي بعض الأحيان يجتمع الخصم والصديق في نفس الشخص، ويعتمد ذلك على الظروف والنظرة التي ينظر بها الإنسان للآخر. يمكن أن يشعر المرء تجاه آخر بالنفور أو حتى الكراهية دون سبب واضح، في حين يتحول ذلك الشخص إلى صديق مقرب عند التحدث معه. إن سحر الحديث الذي يتغير بسهولة، لهو أحد أكثر الجوانب المثيرة للاهتمام في التفاعل البشري. بينما إعطاء فرصة للحوار تعلمنا في كثير من الأحيان أن الشخص الذي اعتقدنا أنه عدونا يمكن أن يكون متعاوناً معنا. لكن الشيء الذكي والفعال هو جعل الخصم حليفاً، وإيجاد طريقة لتوحيد القوى لتحقيق الفوز معاً، بدلاً من إرهاق النفس في انتصارات وهمية.

المصالح المتضاربة

أهمية التعايش السلمي
لا منافسة في الرقص، والكل يفوز

هناك العديد من الأشياء التي لا تغتفر تحدث في الحياة اليومية. مقابل خسة كل شخص آخر تقابلها خسة منا، والعكس صحيح. والخطوط التي تفصل الأعداء عن الحلفاء رفيعة جداً، وعادة ما تنتهي المصالح المتضاربة بالخراب المتبادل للطرفين، ويبدو من الأفضل التفاوض. وهنا يأخذ الحوار السخي أقصى معانيه، فيتغلب على الرؤية التبسيطية للعداء المجرد ويستبدلها برؤية أكثر شمولية تتناسب مع تطلعاتنا.

إن فكرة الأخذ والعطاء الاجتماعي بين البشر يعمل مثل ألعاب المنافسة، على سبيل المثال المصارعة، لها قواعدها، ونتائجها، ومناوشاتها، وأهدافها، وحدودها ونقاط ضعفها. وفي النهاية فائزون وخاسرون. تتطلب المبارزة والتنافس الدقة والحدس والحذر، وحسن إدارة ما خفي وما ظهر. لكن ما هي المشاعر التي سيثيرها الفوز؟ وما الميزة في قتال يؤذي الآخر؟

يحدث العكس من ذلك في الرقص، فعندما يتقابل اثنان على المسرح، يبدو أن الآخر ليس منافساً بل شريكاً في الرقص، وكلاهما يفوز بأداء جيد. ويبدو أن هذا يحدث أيضاً في الحب، ربما يمكننا أن نميز عن قرب بعض التوترات الخفية إلى حد ما، مثل الدفع والجذب لإرادتين تطمحان إلى فرض نفسيهما، وتستفيدان من هذه التفاصيل أو تلك لتوسيع هيمنتهما. لقد أشار سبينوزا إلى ذلك بالفعل، حيث يقول لنا في كل مواجهة، حتى أبسطها، هناك نبض من القوة، ورغبة باهتة في تحقيق مكاسب. وفي مواجهة أي تقدم، يمكن للمرء أن يختار الانسحاب أو المقاومة، أو التسوية أو الدفاع.

تلاقي الأرواح

ماذا يعني أن تكون محبوباً أو مكروهاً؟ ما الذي يكمن في أعماق تعاطفنا وكراهيتنا؟ كيف ننظر إلى شخص فنشعر بقبوله، في حين ننظر لآخر باستياء؟ يقول البعض أنها أرواح تتلاقى وأخرى تتنافر، ويقول البعض الآخر أنها ذبذبات جيدة وأخرى سيئة، ويخبرنا آخرون أنها طاقات إيجابية أو سلبية.

يرغب المرء في الانسجام مع الجميع، وخاصة مع أولئك الذين يعتبرهم ذوي قيمة، لكن لا ننجح في هذا الأمر على الدوام، فهناك أجزاء منا لا نتحكم فيها، ويبدو أن لها أذواقها وخططها الخاصة، بل وتضع عقبات أمام أهدافنا الصريحة وفي الغالب دون وعي منا، إنها المشاعر والعواطف. يجب أن تكون لدينا تلك المشاعر وتلك الدوافع: فالعاطفة والدافع يشيران إلى شيء يحركنا. وكل ما علينا هو قبول سلطتها المجردة، فلا فائدة من فرض المودة، بل إنها في الواقع تؤدي إلى نتائج عكسية. فإذا كنا نشعر ببعض الازدراء تجاه شخص معين، ونحاول أن نخفيه ونبدو وكأننا نحبه، ينتهي ذلك عادة بالرفض أو القهر أو الإحباط أو الاستياء.

 لكن عواطفنا تتغير باستمرار، بل وتتناقض في أحيان كثيرة، وهذا التغير والتناقض يجب أن يجعلنا حذرين، ويقنعنا بعدم أخذ هذه العواطف على محمل الجد. وإذا نظرنا عن كثب، فإن الطبيعة المتغيرة للعواطف هي فرصة لنا؛ تخبرنا أن الكلمة الأخيرة لا تُقال أبداً، وتفتح المستقبل للمفاجأة. يمكننا أن نسترخي: ربما يوماً ما ستنقلب الطاولة على ما يقلقنا، وليس لدينا أي فكرة عن أين ستذهب عواطفنا في المستقبل. لذلك، فلنعيشها بهدوء عندما تأتي، كما نفعل مع الأيام المشمسة والسماء الملبدة بالغيوم. ودع ريحها ترشدنا هنا وهناك. كلها فرص وكلها سريعة الزوال. أما ماذا نفعل: دعونا نعيش ونحاول التعايش السلمي مع الجميع.

قانون العدالة العالمي

قبول الآخر
التفاعلات الاجتماعية بين البشر

يعتمد التفاعل الاجتماعي على التبادل (الفعل، الأخذ، العطاء). وهذا هو الدافع الذي يجعلنا أقرب إلى بعضنا البعض. يتعلم الأطفال هذا في وقت مبكر عندما يرون أن أقرانهم غير مستعدين لتقديم ما يطلبونه منهم بكرم ولطف الوالدين. نتوجه إلى جارنا على استعداد لتقديم شيء ما (المال، الجهد، التعاون، التحمل، المعروف، وكذلك الحب) على أمل أن يعود إلينا شيء جيد، ليس بالضرورة نفس الشيء، ولكن له نفس القيمة.

إنه قانون العدالة العالمي، ولكن هناك قانون يسير في الاتجاه المعاكس وهو التبادلات السلبية: فالإهانة أو العدوان يوقظ دافع العودة والانتقام مرة أخرى. لكن جميع القوانين لها فروق دقيقة وانتهاكات. إن الأخذ والعطاء لا يكون مثالياً أبداً، فلا يوجد مقياس صالح عالمياً يسمح بإنشاء التوازي الدقيق بين القيم المختلفة. ومعظم التبادلات لا تكتمل في لحظة معينة، بل تظل مفتوحة للردود المستقبلية. يتم تسجيل الرضا المستلم على شكل دين بسبب الشعور بالامتنان؛ وتتكثف الجريمة في الاستياء وتنتظر بصبر اللحظة المناسبة للانتقام.

التعايش السلمي النقي

أكد سارتر على أن “الجحيم هي الآخرون” ولكنه نسي أن يضيف أنهم الجنة أيضاً، فالآخرون هم كل شيء. نحن كائنات اجتماعية بشكل مفرط. المتفرجون الذين يتكدسون في مدرجات الملعب لن يعرفوا بعضهم البعض أبداً، ومع ذلك يجدون متعة غامضة في وجودهم هناك. نعيش كبشر في خلايا نحل منتفخة إلى حد الوحشية، منغمسين في حشود من الناس الذين يزعجوننا ويريحوننا في الوقت ذاته. نستمتع بالمشهد المتنوع للشوارع والساحات. يزعجنا ضجيج الجيران، ولكنه يخفف من آلامنا كذلك. نستهلك ثمار عمل الآخرين ونكرس عملنا للآخرين.

نحن بحاجة إلى البحث عن وجود الناس والشعور به والاستمتاع به وكرهه كذلك. إنه يقلقنا ويحذرنا بقدر ما يجذبنا ويهدئنا. نعلم أن في كل جار هناك الصديق الذي نحتاج إليه والعدو الذي نخافه. لا يمكننا الاستغناء عن أحدهما أو الآخر، فكلاهما يملأ حياتنا ويحدد هويتنا. وهذا التعايش السلمي يكون متعة في حد ذاته. الحب هو ذروة الوجود النقي للإنسانية، وهو تعايش يركز على التفاني والاستمتاع بالحضور البسيط للآخر الذي أصبح جزءً من علاقتنا الاجتماعية.

يأتي عدم قبول الآخر وعدم القدرة على التعايش السلمي معه من حقيقة الكبر والغرور. نظراً لأن الشخص الذي لا يستطع تقبل الآخر يرى في نفسه أفضلية عليه. وجميعنا نعلم جيداً مدى قبح تلك الصفات المشيئة التي ذكرناها. فالكبر والغرور كانت السبب وراء طرد الشيطان من رحمة الله. لذا فإن التواضع والتواضع فقط هو الذي سيسمح لنا بأن نكون أقرب إلى الآخرين. ولا يحدث ذلك سوى عندما نفهم ضرورة تقدير الصفات والقواسم المشتركة بيننا ونتخلى على النقد وإبراز العيوب، وبهذه الطريقة نكون قد قطعنا شوطاً طويلاً.

أنا أراك

مظاهر التعايش السلمي
مشهد من فيلم أفاتار

في فيلم أفاتار، بدأ البشر استعمار كوكب خارج كوكب الأرض تسكنه كائنات شبيهة بنا. هذه الكائنات في مرحلة تعادل مرحلة أسلافنا الذين كانوا يعيشون على الصيد وجمع الثمار، وهم منظمون في قبائل، ويمتلكون لغة وثقافة مرتبطة بالطبيعة. يصف الفيلم طريقة حياة هذه الكائنات، ويجبرنا على رؤية أنفسنا منعكسة في مرآتهم، لنجد فيها مقدار ما أخفته الحداثة عنا.

تحيي هذه الكائنات بعضهم البعض قائلين “أنا أراك”. هذه الصيغة البسيطة تحتوي بداخلها كم كبير من المودة والتقدير والاحترام. إن إخبار شخص ما أننا نراه هو أعظم علامة على الاهتمام الذي يمكننا أن نقدمه له. وقول “أراك” إشارة إلى كل النوايا الطيبة التي يمكن أن يهديها شخص لآخر. “أنا أراك” تعني: أنتبه إليك، وأدرك تفردك وقيمتك وسط الأشياء، ولذلك أعتبرك مشابهاً، أي إنساناً. صحيح أننا أيضاً نرى ما نكرهه أو ما نحسده، ولكن مع ذلك نعطي الآخر فئة الوجود الجديرة بنظرنا: نحن لا نرى ما لا نبالي به، وما لا نقدره، وكل ما لا نعترف فيه بقيمة أخلاقية.

تبدأ كل عمليات التواصل الاجتماعي مع فعل رؤية الذات، والتعرف على الذات، والوقوف في مواجهة الخلفية الفوضوية للعالم. تولد كل رابطة مع تلك الفرصة للتعاطف، ومنح الآخر طبيعة مختلفة عن طبيعتنا ولكنها معادلة لطبيعتنا، لتأكيد اختلافه، وتكريمه بقدر ما يشبه طبيعتنا.

التعايش السلمي وقبول الآخر

ربما لدينا جميعاً جزء يجد صعوبة في قول “أراك” فنحن نتعامل مع الآخرين كأشياء في عالمنا، كما لو أنهم وُضعوا هناك فقط لتلبية احتياجاتنا والاستجابة لها. نعيش إلى حد كبير سجناء لعالمنا العقلي، وننسب للآخرين نوايا أو دوافع تتعلق بنا حصرياً، كما لو لم تكن لديهم رغباتهم ونفورهم الخاص. نتوقع من الآخرين أن يروا العالم بأعيننا، وكأنهم لا يملكون وجهة نظرهم الخاصة.

نحن نعتقد أنهم يفعلون فقط الأشياء التي تتعلق بنا، في حين أنهم مثلنا يفعلون الأشياء التي تتعلق بأنفسهم. وما يمثل عقبات بالنسبة لي هو تطلعات بالنسبة للآخر. أشعر بالغضب من شخص ما ومنذ ذلك الحين يبدو أن كل ما يفعله مصمم لإزعاجي، كما لو أنه لا يوجد شيء في عالم الآخر، جيداً أو سيئاً، لا علاقة له بي. نحن نعتبر تصرفات الآخرين أمراً شخصيًا للغاية، لأنه يصعب علينا أن نفهم أن لديهم حياتهم الخاصة، لأنه من الصعب علينا أن نفترض أن لديهم عقلهم الخاص؛ لأننا لا نراهم.

“أراك” في هذه التحية ينفتح عالم من اللقاءات والتبادلات والروابط والتضامن وكذلك الصراعات. وبدون كل هذا تضعف حياتنا، وتصبح منعزلة عن نفسها. عندما نرى بعضنا البعض، فإن نظرة الآخر تستثمر فينا الوجود والكرامة أيضاً. ولهذا السبب لدينا مثل هذه الحاجة للاعتراف: الثناء، والاستحسان، والشرف.

التعايش السلمي.. السعادة والبؤس

مباديء التعايش السلمي وقبول الآخر
أهمية التعايش السلمي في المجتمع

يبدو أن العيش معاً أمر ممتع ومثير للدهشة وموحي. إن ما لا يمكن التنبؤ به يجبرنا على الخروج من هوسنا النرجسي، ومواجهة أنفسنا بالاختلاف والتجديد. يعلمنا التعايش السلمي مع الآخر الكثير عن الآخرين وعن أنفسنا من خلال التشكيك في قناعاتنا بشأن ما اعتقدنا أننا نعرفه. إنه يمنحنا الفرصة لتجربة أدوار أخرى غير الأدوار المعتادة، لإظهار أنفسنا والتعبير عن أنفسنا؛ وهذا يعني حرفياً: الوجود، لأننا قبل كل شيء موجودون بين الآخرين ونرتبط بالآخرين.

يجلب لنا التعايش السلمي مع الآخرين الكثير من المزايا، ويقدم لنا صورة مصغرة دقيقة عن أنفسنا وعن علاقاتنا بالآخر. لكن لماذا يصبح الأمر صعباً للغاية؟ لم يقل أحد أن الأشياء الجيدة يجب أن تكون سهلة، وما يجعل الأمر صعباً، لأننا نعيش دائماً في شكل تفاعل، أي منغمسين فيه، وهذا يعرضنا إلى الكثير من الصدمات مع رغبات ونوايا الآخرين.

إن التعايش السلمي معاً هو متعة، ولكنه أيضاً صراع، سعادة وبؤس، محبة ونفور. هناك دائماً شيء ما على المحك في علاقاتنا بالآخرين، هناك تهديد مصاحب للوعود. وهناك تعاون وتنافس. تمتزج كل هذه الأضداد معاً ولا تنفصل. لكن التعايش يتطلب الحب والعمل والانتباه والتحلي بالصدق والوفاء والاعتراف بكرامة الآخر.

هناك دائماً اختلاف

علينا أن نعي جيداً من حيث المبدأ أنه في كل علاقة إنسانية ستكون هناك دائماً اختلافات، وطرق مختلفة لرؤية الأمور. لذا يجب على جميع البشر أن يكونوا واضحين في أن معرفة شخص ما والدخول في علاقة معه ينطوي على مهمة مزدوجة. أولها أن هذا الأمر يذكرنا دوماً بأن جنسنا البشري متنوع ومختلف، وثانيهما هو إجبار أنفسنا على فهم هذا الشخص واحترامه ورؤية أوجه التشابه والاختلاف من أجل التعايش السلمي في وئام.

إن معرفة الآخر وقبوله تبدأ باكتشاف الذات ومعرفتها وقبولها على ما هي عليه. فبدون احترام الذات والعيش في كرامة، واحترام الحياة التي وهبت لنا لا يمكننا أن نحيا في سلام مع باقي البشر. لذا علينا التعمق في معرفة ذاتنا وقبولها من أجل احترام حقوق الآخرين. ومن أجل فهم بعضنا البعض علينا أن نبحث عن القواسم المشتركة التي تجمعنا سوياً. فهذا الأمر سوف يسهل فهم بعضنا البعض.

إن تطور شخصيتنا يسير جنباً إلى جنب مع الاحترام الذي نمنحه لكل إنسان والمشاعر التي نكنها لرفقائنا في الحياة. حيث يعتمد وجود التعايش الجيد على الطريقة التي نتعامل بها مع الاختلافات في مشاعر وآراء وقرارات الآخرين وفهمها واحترامها، بل وأكثر من ذلك على الطريقة التي نتعامل بها مع هذه المواقف وتفهمها والسماح لها بالتأثير على طريقة حياتنا.

كل إنسان فريد من نوعه

يقول المهاتما غاندي: “بما أنني غير كامل وأحتاج إلى التسامح واللطف من الآخرين، يجب أن أتحمل أيضاً عيوب البشر حتى أجد السر الذي يسمح لي بمعالجتها”. إن الاختلاف والتمايز بين البشر حالة فطرية. فكل إنسان فريد من نوعه، وله طريقته في التفكير والشعور والتصرف. وفي جميع العلاقات، يجبرنا الاختلاف على التحسين. إنه يُظهر لنا عالماً جديداً من الفرص والمواقف التي لولا الاختلافات لم نكن لنشعر بها أو ندركها. وهكذا، فإن اختلاف الأفكار والآراء يواجه واقعنا، ويجبرنا على خروج إجباري من منطقة الراحة الخاصة بنا. إلا أن هذا الخروج الخائف والمترقب للتعامل مع شخص مختلف عنا يساهم في تطوير شخصيتنا. فرؤية أننا قادرون على تحقيق ما نخافه هو مساهمة مهمة جداً لأرواحنا، تلك التي لا تتركنا أبداً والتي ترافقنا كل يوم.

يعد فهم واحترام الآخر وقبول الاختلاف أمراً إيجابياً، لأنه يعلمنا قبول أن هناك طرقاً أخرى لرؤية العالم، دون الإيحاء بأننا على صواب أو خطأ أو امتلاك الحقيقة الكاملة. بل وأكثر من ذلك فهذا الاحترام المتبادل يعلمنا معنى العيش بكرامة. وعلينا أن ننظر إلى التاريخ لنرى هل هناك مجتمعات عظيمة على مدار التاريخ كانت منغلقة على نفسها؟ الإجابة بكل تأكيد هي لا. وهذه هي الرسالة التي يمكن أن نتعلم منها كيف نتعايش مع اختلافاتنا نحن البشر. فالتنوع والاختلاف ليس تهديداً لكنه نحن.

المراجع

1.    Author: Nikita S. Khrushchev, (10/01/1959), On Peaceful Coexistence, www.jstor.org, Retrieved: 05/09/2024.

2.    Author: Christian P. Scherrer, (01/01/2008), Peaceful Coexistence, www.sciencedirect.com, Retrieved: 05/09/2024.

3.    Author: W. F. Van Eekelen, (01/01/1967), Five Principles of Peaceful Coexistence, www.link.springer.com, Retrieved: 05/09/2024.

 

This Post Has 2 Comments

  1. لهيب خليل

    مقالة مفيدة شكرا لكم

اترك تعليقاً