مراجعة فيلم Amadeus: ملحمة سينمائية لن تنساها
فيلم Amadeus أحد أعظم الأفلام في تاريخ السينما. وهو فيلم دارما موسيقي يتناول السيرة الذاتية لموزارت أعظم موسيقار عرفته البشرية. حصل الفيلم على ثماني جوائز أوسكار، ورغم أن السيناريو يتغاضى عن بعض التفاصيل والحقائق التاريخية إلا أن ما يميز هذه التحفة الفنية هو القوة غير العادية للموسيقى والمشاعر الإنسانية. هذا بالإضافة إلى الجهد الواضح من صناع العمل لجعل كل شيء في الفيلم يبدو بلا عيب. في السطور التالية نتعرف على قصة فيلم Amadeus ثم نستعرض مراجعة فيلم Amadeus بمزيد من التفصيل.
معلومات عن فيلم Amadeus
- البلد: الولايات المتحدة | فرنسا | إيطاليا.
- اللغة: الإنجليزية | الإيطالية | الفرنسية | الألمانية.
- تاريخ الإصدار: 19 سبتمبر 1984.
- المخرج: ميلوس فورمان.
- الكاتب: بيتر شافر | زدينيك ماهلر.
- وقت العرض: 160 دقيقة.
- النوع: دراما | موسيقى | سيرة ذاتية.
- التصنيف: (PG) ملائم للجميع تحت الرقابة العائلية.
- فريق التمثيل: إف موراي أبراهام | توم هولس | إليزابيث بيريدج | جيفري جونز.
- التقييم: 8.4.
قصة فيلم Amadeus
تبدأ قصة الفيلم بمحاولة ساليري المسن – موسيقار البلاط الملكي – الانتحار، لكنه يفشل ويصرخ معترفاً بقتل موزارت، وهو الأمر الذي أودى به إلى أن يُحتجز في مصحة عقلية. يزور الموسيقار في غرفته القس فوجلر وهو كاهن اعتراف يأتي إلي ساليري للاهتمام بأهم مؤلف موسيقي عمل في خدمة الإمبراطور جوزيف الثاني. يبدأ ساليري في رواية قصة حياته وعلاقته بعبقري الموسيقى الأعظم في كل العصور موزارت. وخلال حكايته نكتشف أن ساليري كان شديد الكره للشاب الصغير موزارت، وعلى الرغم من كره الشديد إلا إنه يكن لموسيقاه الاحترام الذي تستحقه، فهو يعلم بداخله أن موزارت واحد من عباقرة الموسيقى في التاريخ.
العبقري العابث
تدرج ساليري في حياته الموسيقية، فبعد أن كان معلماً للموسيقى في بلدة صغيرة في إيطاليا انتقل إلى فيينا، وانتهى به المطاف إلى مؤلف بلاط في خدمة الإمبراطور جوزيف الثاني، الملك الأعلى للإمبراطورية الرومانية المقدسة والمحب العاشق للموسيقى. ظل يعمل ساليري في القصر حتى انتشرت الشائعات بظهور موهبة عظيمة تدعى “موزارت” وعندما استمع إلى ألحانه للمرة الأولى أدرك على الفور هذه العبقرية باعتباره متمرساً في الموسيقى. لكن عندما يصل المعجزة الموسيقية موزارت لإحياء حفل موسيقي في مقر إقامة راعيه، ينتهز ساليري الفرصة لمقابلته. كانت صدمته مبكرة حينما نظر إلى موزارت لأن العبقري المعني هو شاب مبتذل عابث، لا يحترم شخصيات السلطة، ويركض مطارداً خادمة من خادمات القصر والتي ستصبح في النهاية زوجته.
موزرات وساليري
عندما يتعرف ساليري أكثر على موهبة موزارت الهائلة، وبراعته الموسيقية التي يعاني هو نفسه للاقتراب منها دون فائدة يشعر بالخيانة ويعتقد أن الله يستهزأ به ليمنح مثل هذا الشاب المستهتر تلك الموهبة ويحرمه هو منها. بمرور الوقت، تلقي أعمال موزارت بظلالها على ساليري الذي يعاني من الفقر الإبداعي، ومن هنا قرر تخريب مسيرة موتسارت المهنية. حيث يتآمر وينشر الشائعات والجواسيس وفي النهاية الابتزاز. على الجانب الآخر نرى موزارت شخصية مدمرة للذات، وغير راغب في الاندماج في عالم التسلسل الهرمي الاجتماعي الصارم لمجتمع فيينا الذي يكون فيه مؤلفو البلاط خداماً في المقام الأول. وهو أيضاً مسرف، مديون بالمال، متزوج بسرعة وبدون عواطف لكونستانس. بالإضافة إلى ذلك، لديه صراع هادئ مع والده الذي يرفض جعل طفله المعجزة مستقلاً عن راعيه.
تحت وطأة تلك المعاناة المالية تذهب زوجة موزارت دون علم زوجها إلى ساليري لتبيع له موسيقاه الذي كتبها. وقد حاول ساليري أن يستغل المرأة لإشباع رغباته إلا إنه أعرض عن ذلك في اللحظة الأخيرة على الرغم من تقديم المرأة لنفسها إليه نظراً لشعور المرارة المصاحب للفقر المدقع. ينظر ساليري في موسيقى موزارت ومرة أخرى يشعر بضآلة حجمه أمام عبقرية هذا الفتى.
وفي يوم من الأيام يتنكر ساليري، ويذهب إليه وهو يعلم حاجته الشديدة للمال، ويعرض عليه مبلغاً كبيراً في مقابل كتابة أوبرا قداس الموت. يقبل الموسيقار طلبه ويبدأ في كتابة هذه الأوبرا رغم شعوره الشديد بالمرض، فلقد أصابته حمى شديدة أوهنته، لكنه أصر على استكمال الأوبرا ومع انتهاءه منها يسقط ميتاً من التعب لتنتهي حياة أعظم موسيقار عرفه تاريخ البشرية. فإلى مراجعة فيلم Amadeus.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم A Late Quartet: نوع آخر من السينما، بعيداً عن الأفلام الرائجة |
مراجعة فيلم Amadeus
تميزت جوائز الأوسكار في عام 1984 بهذه الدراما عن السيرة الذاتية لميلوس فورمان حول أعظم عبقري الموسيقى في كل العصور – وولفجانج أماديوس موتسارت. وقد حصل الفيلم على ثمان جوائز من أصل 11 ترشيحاً. ومن خلال القصص الموازية بين موزارت والملحن أنطونيو ساليري أصبح لدينا نظرة ثاقبة لهذا العالم والعلاقات الشخصية وفهم الموسيقى وتأثيرها العام على حياة الناس في ذلك الوقت. فيلم أماديوس هو بلا شك أعظم فيلم موسيقي في كل العصور، حيث يفرض نفسه كحكاية عن الحرية الإبداعية والحب والجنون. لقد صنع ميلوس فورمان فيلماً ممتازاً ومحكماً يحتوي على جميع المكونات التي يجب أن يحتوي عليها الفيلم الجيد. من الدراما القوية والأدء الرائع للشخصيات إلى الموسيقى التصويرية القوية والإخراج القوي. باختصار يمتلك فيلم Amadeus كل شيء.
قصة عن الاستياء واليأس والمرارة
وعلى العكس من عنوان الفيلم فلا تتعلق القصة بالسيرة الذاتية لموزارت بقدر ما تركز أكثر على ساليري، هذا على الرغم من أن حكايات ساليري تعلمنا المثير عن الشخصيتين. إنها قصة عن الاستياء واليأس والمرارة. وسيتضح مع الأحداث أن راوي القصة لديه وجهة نظر ذاتية إلى حد ما عن التاريخ. ففي واقع الأمر كان ساليري يكره موزارت من صميم قلبه ولم يخفِ ذلك، وبالتالي فإذا كانت قصة فيلم أماديوس صحيحة تماماً من الناحية التاريخية أم لا فالمخرج فورمان اهتم بتصوير قصة تتكشف بشكل مأساوي أكثر من اهتمامه بحقائق التاريخ.
لا أخيار ولا أشرار
تركز قصة فيلم Amadeus على الأخطاء البشرية والعيوب التي توجد بداخل كل منا. ولا يبذل أي جهد في جعل بطلي الفيلم محبوبين، حيث أن كليهما يكرس نفسه مائة بالمائة لفنه. فلا يوجد أخيار وأشرار في هذه القصة. على العكس من ذلك، لا يمكنك التعاطف مع شخصية بشكل ساحق وكراهية الأخرى بمثل هذا المبدأ. لقد خلق فورمان أناساً حقيقيين ستحبهم. على سبيل المثال، يبدو ساليري في البداية كرجل بغيض وكريه، لكن تدريجياً يمكنك فهمه أكثر فأكثر. ينطبق العكس على موزارت. ففي البداية ترى شاباً مرحاً ومبهجاً، ولكن مع تقدم الفيلم، ترى المزيد من الحواف السيئة لشخصيته. تمثل الأدوار المعقدة في فيلم Amadeus تحدياً رائعاً لجميع الممثلين.
أداء عظيم لا يتكرر
لذلك فإن اختيار الممثلين بدقة كان ضروري لنجاح الفيلم. وقد فعل فورمان الشيء الصحيح عندما أتى ببعض الممثلين الأقل شهرة لفيلمه. على سبيل المثال، يمثل توم هولس المجهول فعلياً شخصية موزارت بطريقته الخاصة التي تصور شخصاً مرحاً وممتعاً ولديه بعض الصفات السيئة كذلك. إن الشيء العظيم في أداء هولس هو أنه على الرغم من غطرسة موزارت وسلوكه العبثي وطبيعته المستهترة، إلا أنه يجعله متعاطف وجذاب. والطريقة التي يضحك بها هولس معدية للغاية، وستظل هذه الضحكة الشهيرة باقية في ذاكرتك لأيام قادمة.
لكن النجم الحقيقي لفيلم Amadeus هو بلا شك إف موراي أبراهام. فما يقدمه هذا الممثل الرائع يظهر أنه فنان من طراز رفيع. حيث يُظهر أبراهام مجموعة حقيقية من المشاعر في دوره: من الكراهية الشديدة إلى اليأس. ولا سيما المشاهد التي يشهد فيها ساليري موهبة موتسارت الموسيقية الرائعة، والتي من الرائع مشاهدتها. بينما تكاد تشعر بالكراهية والغيرة في عيونه. وكمشاهد، تنجذب إلى القصة المأساوية لرجل يدرك أنه أصبح في الواقع عجوزاً مريراً عديم المواهب ولن يكون قادراً على التنافس مع تألق شاب مراهق يبدو أنه لا يبالي بشيء.
موسيقى غير مسبوقة
إلى جانب التمثيل القوي، فإن الموسيقى أيضاً كانت غير مسبوقة. وقد اعتمد فورمان على الأعمال الغنية لموزرات وساليري من أجل الموسيقى التصويرية. حيث تزيد مؤلفات موتسارت من جو الفيلم وكثافته. حتى إذا كنت لا تحب الموسيقى الكلاسيكية على الإطلاق، فسوف تنغمس تماماً في أجواء الفيلم بموسيقاه الخلابة. لقد صاغ فورمان تعايشاً ذكياً بين الصورة والصوت. ومع تقدم الفيلم، تتغير الموسيقى أيضاً من الألحان الفاتحة إلى التراكيب الأكثر حزناً وكآبة.
يقترب فيلم Amadeus من الثلاث ساعات تقريباً. لكنها ثلاث ساعات لن تضيع هباءاً، فأنت تشاهد أحد أعظم الأفلام التي صنعت في تاريخ السينما. ومع ذلك ليس هناك دقيقة مملة، لأن فورمان بنى فيلمه جيداً. حيث يأخذ المخرج الوقت الكافي لاستكشاف شخصياته بدقة، بحيث يصيبك التحول المفاجئ في قصة فيلم Amadeus. يبدأ الفيلم بهدوء، ولكن في منتصف الطريق تزداد وتيرته بشكل كبير بحيث تنجرف بعيداً مع التدهور الجسدي والعقلي البطيء لكل من موزارت وساليري. وما بدأ كدراما خفيفة، تحول إلى فيلم مثير وغامض شبيه بالإثارة. تقدم شخصية غامضة لموزارت الكثير من المال لكتابة قداس الموت، ويقبل موزارت الذي يحتاج إلى المال هذا العرض، لكنه في وقت لاحق ينغمس في عمله على حساب زواجه وصحته. إن تقلبات الحبكة تصنع قصة تشعر فيها دائماً بالمشاركة، وتريد معرفة النهاية.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Whiplash: الطريق إلى العظمة محفوف بالمخاطر |
بعد مراجعة فيلم Amadeus لا يسعنا سوى القول بأنه يجب على أي شخص مهتم قليلاً بالسينما ألا يفوت هذا الفيلم الفريد بما يشتمل عليه من التمثيل الرائع، والموسيقى النقية، والقصة المدهشة والمقنعة.