نظريات المؤامرة: لا شيء يحدث صدفة

You are currently viewing نظريات المؤامرة: لا شيء يحدث صدفة
أشهر نظريات المؤامرة ولماذا يؤمن الناس بها

الهبوط على سطح القمر مجرد خدعة.. الهجمات على مركز التجارة العالمي صنيعة المخابرات الأمريكية لتبرير الحرب على أفغانستان والعراق.. فيروس كورونا تم تصنيعه في المختبر، ونُشر بين الناس عمداً… بنى الفراعنة الأهرامات بمساعدة الكائنات الفضائية.. الماسونية ترغب في السيطرة على البشر.. هل سمعت عن هذه القصص من قبل؟ تصل قصص المؤامرة اليوم إلى الكثير من الناس في وقت قصير جداً عبر الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. وتنجح نظريات المؤامرة في أوقات الكوارث والأزمات بشكل خاص، لأنها تقدم إجابات واضحة، وتبحث عن روابط بسيطة في عالم معقد. دعونا نخوض رحلة نتعرف فيها على نظريات المؤامرة بشكل أكثر تفصيلاً في هذا الملف.

ما هي نظرية المؤامرة

يُفهم أن المؤامرة هي عملية سرية موجهة ضد مجموعة معينة من الأشخاص أو ضد مؤسسات. نظرية المؤامرة هي حرفياً افتراض المؤامرة. تبدأ نظريات المؤامرة دائماً بالشك وعدم الثقة في الروايات الرسمية للأحداث، وتفترض أن هذه الظواهر الاجتماعية المعقدة والأحداث التاريخية وراءها مؤامرة من مجموعة اجتماعية أو سياسية أو دينية قوية تتصرف سراً بنوايا شريرة. بمعنى: هناك خطة سرية وراء كل التطورات والأحداث في العالم. لا شيء يحدث بالصدفة ويبدو أن كل شيء مرتبط ببعضه بطريقة ما.

تشترك معظم نظريات المؤامرة في الاعتقاد الأساسي بأن الأفراد أو الجماعات المتآمرة تسيطر على الأحداث المهمة ولكنها تبقي الناس في الظلام بشأن أهدافهم الخفية. بينما تنشأ نظريات المؤامرة في الغالب خلال الأحداث التي تعتبر تهديداً جماعياً، مثل الأوبئة والحروب والهجمات الإرهابية والمجاعات وما إلى ذلك.

نظريات المؤامرة ليست مجرد ألعاب ذهنية سخيفة تأتي من بعض المجانين المبدعين، بل يمكن أن تشكل مخاطر، فهي تعزز التفكير المعادي للتعايش السلمي، ويمكن أن تؤدي إلى التطرف في كثير من الأحيان.

فرضية.. أيديولوجية.. أسطورة

ما هي نظريات المؤامرة
التعريف الأمثل لنظرية المؤامرة

إحدى مشكلات مصطلح “نظرية المؤامرة” هي أنه لا يوجد تعريف موحد لها في العلم[1]. فهذه النظريات ليست نظريات بالمعنى العلمي، لذا يمكننا استخدام مصطلح “فرضية المؤامرة” أو “أيديولوجية المؤامرة” أو “أسطورة المؤامرة”. وبهذه الطريقة نتخلص من سوء الفهم عند استخدام مصطلح “نظرية المؤامرة”.

فرضيات المؤامرة هي نظريات المؤامرة بالمعنى العلمي النظري للكلمة، حيث تكون هناك فرضية مؤامرة حول حدث معين، يمكننا التحقق منها باستخدام الأساليب العلمية التجريبية والعقلية المنطقية، فإذا لم يكن هناك ما يكفي من الأدلة لدعم الفرضية، فنحن نرفضها بكل بساطة.

لكن إذا كانت هناك العديد من الأدلة التجريبية التي تشير إلى عدم وجود مؤامرة ولا يزال هناك من يعتقد بها، هنا نشير إلى هذا بمصطلح “أيديولوجية المؤامرة” أو “المؤمنون بالمؤامرة“. حيث تدعي هذه الأيديولوجيات بأنها تمتلك الحقيقة المطلقة من خلال صورة عدو تحددها بوضوح. وتميل أيديولوجيات المؤامرة إلى تقسيم العالم إلى الخير والشر، وإلى “نحن” و”المتآمرين”. وعندما نستخدم مصطلح نظرية المؤامرة بالصيغة الشعبية فإن المقصود في الغالب هو أيديولوجيات المؤامرة.

أسطورة المؤامرة هي مبالغة في أيديولوجية المؤامرة. وهي تختلف عن المجموعة السابقة فيما يخص المتآمرين، ففي حين أن أيديولوجيات المؤامرة تُلقي اللوم على المجموعات الحقيقية الموجودة بالفعل، فإن أساطير المؤامرة تستهدف مجموعات خيالية لا وجود لها، مثل الكائنات الفضائية على سبيل المثال. وبعد أن تعرفنا على هذه الفروقات الدقيقة دعونا نستعرض أشهر نظريات المؤامرة.

أشهر نظريات المؤامرة

أشهر نظريات المؤامرة
صورة رمزية توضح التحكم في العالم

ترتكز معظم نظريات المؤامرة على مواضيع مختلفة، إلا أن قصصها تتبع في العادة نفس النمط. في البداية يكون هناك عدم ثقة في شخص أو مجموعة من الشخصيات التي تتمتع بقدر كبير من السلطة مثل الحكومات أو الأجهزة السرية أو وسائل الإعلام. ثم تتحول عدم الثقة في النهاية إلى إيمان بوجود مؤامرة يجب الكشف عنها. كانت نظريات المؤامرة حاضرة على مدار التاريخ، ومنها الماسونية، ومعاداة السامية وغيرها. فيما يلي أمثلة لبعض أساطير المؤامرة المعروفة[2]:

نظريات المؤامرة حول الأمراض

نظريات مؤامرة المرض ليست جديدة، وهي تكرر نفسها مع كل مرض جديد يظهر. فلقد تم إلقاء اللوم على السحرة أو اليهود في ظهور الطاعون، وكان الإيدز من اختراع مافيا صناعة الأدوية، وصُنع فيروس الإيبولا في المختبر كسلاح بيولوجي. ثم عادت العديد من قصص المؤامرة السابقة إلى الظهور منذ عام 2020 فيما يتعلق بفيروس كورونا. ومرة أخرى هناك قوة مظلمة وراء العلم والعمل السياسي تفعل هذه الشرور في الخفاء. إن فيروس كورونا هو جزء من خطة كبرى للتخلص من الأعداد المتزايدة من البشر، وقد صُنع الفيروس في مختبر في ووهان أو في الولايات المتحدة أو في روسيا. ومن الممكن أن يكون السبب وراء هذا الفيروس شركات الأدوية العالمية التي لديها اللقاح وتريد الاستفادة من المبيعات الضخمة على مستوى العالم. وقد اشتملت هذه الفرضية أيضاً على أن الحكومة العالمية السرية تريد أن تزرع شرائح دقيقة داخل البشر أثناء المعركة ضد العامل الممرض من أجل السيطرة الكاملة عليهم.

الهبوط الوهمي على القمر

إن الهبوط المزيف على سطح القمر هو أم كل نظريات المؤامرة التي كانت موجودة قبل فترة طويلة من ظهور الإنترنت. يُزعم أن هبوط رواد الفضاء الأمريكيين على سطح القمر لم يحدث بين عامي 1969 و1972، ولكن تم تزويره من قبل وكالة ناسا والحكومة الأمريكية. أما النظرية الأكثر شيوعاً هي أن تكنولوجيا الستينيات لم تكن متقدمة بعد بما يكفي لجعل الهبوط على القمر ممكناً.

إن ما حدث طبقاً لأصحاب نظرية المؤامرة أن الحكومة الأمريكية قامت ببناء استوديو سينمائي في القاعدة العسكرية للمنطقة 51 لإنتاج مشاهد القمر. والغريب في الأمر أن سبب التزام الاتحاد السوفيتي الصمت بشأن احتيال وكالة ناسا حتى يومنا هذا هو أن أول رحلة فضائية ليوري جاجارين كانت أيضاً مزيفة وأن الولايات المتحدة تمكنت من الهبوط على سطح القمر بعد ثماني سنوات.

اغتيال جون كينيدي

دارت حول حادثة اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي العديد من نظريات المؤامرة. ففي 22 نوفمبر 1963 أطلق لي هارفي أوزوالد النار على الرئيس الأمريكي، ومع وفاة المشتبه به بشكل سريع، والحوادث والأخطاء التي ارتكبتها سلطات التحقيق والأطباء، ظهرت الكثير من الافتراضات حول المسؤول عن القتل. بينما تنوعت الافتراضات ما بين الاتحاد السوفيتي، ووكالة المخابرات المركزية أو مكتب التحقيقات الفيدرالي أو حتى نسبة الحادث إلى اليهود المسيطرين على السياسة الأمريكية، فعندما رفض كينيدي المثول لأوامرهم قتلوه.

هجمات 11 سبتمبر

هناك العديد من نظريات المؤامرة المحيطة بالهجمات الإرهابية على مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر 2001، والتي ألقت بظلال من الشك على ما إذا كان الإسلاميون هم العقول المدبرة والجناة. إن النظرية الأكثر شيوعاً هي أن حكومة الولايات المتحدة نفسها كانت وراء الهجمات. ويقال إنها قامت بتفجير البرجين التوأمين أو على الأقل سمحت بحدوث الهجوم من أجل تبرير التدخل العسكري في أفغانستان والعراق. وتذهب افتراضات أخرى مثل نظرية “الشعاع الأزرق” إلى أبعد من ذلك، وتشير إلى أن الطائرات كانت مجرد صور ثلاثية الأبعاد تم إنشاؤها باستخدام أقمار صناعية عالية التردد ثابتة بالنسبة للأرض.

الحكومة العالمية السرية

وفقاً لما يسمى “النظام العالمي الجديد” هناك نخبة عالمية سرية تريد السيطرة على البشرية جمعاء. يفترض معظم منظري المؤامرة أن العالم تسيطر عليه حكومة عالمية استبدادية. وهناك قوى مختلفة وراء هذه النخبة: حكومة الولايات المتحدة، المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، المتنورين، الماسونيين، الكائنات الفضائية أو المؤامرة اليهودية العالمية.

مؤامرة التطعيم

هل التطعيم يحمينا فعلاً من الأمراض؟ أم أنه خطير بالنسبة لنا؟ التطعيم هو الموضوع الأكثر إثارة للجدل في الطب وبين شرائح من الجمهور. إن مؤيدي “كذبة التطعيم” مقتنعون بأن توصيات التطعيم الصادرة عن منظمة الصحة العالمية تهدف فقط إلى خدمة جشع لوبي الأدوية والأطباء. لذا يعتقد أصحاب نظرية المؤامرة أن منظمة الصحة العالمية ومركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة تابعان لوكالة المخابرات المركزية. ويقال إن مرض الطفل من شأنه أن يقوي جسم الطفل ومناعته. وبحسب معارضي التطعيم، فإن التطعيم لا يفيد في الحماية من الأمراض، بل يمكن أن يثيرها.

نظرية الكيمتريل

الكيمتريل هو سحاب أبيض على شكل خطوط ينتشر في السماء، وينتج عن دخان الطائرات. لكن يعتقد أصحاب نظرية المؤامرة أنه يتم رش المواد الكيميائية السامة التي تضاف إلى وقود الطائرات في السماء لتسميم البشر، فهناك مؤامرة عالمية ذات نوايا شريرة وحكومة عالمية سرية تقف وراءها. أما الهدف هو التأثير أو السيطرة أو تقليل عدد سكان الأرض من خلال الأمراض. ويبدو أن نظرية المؤامرة هذه اكتسبت شعبية بفضل الإنترنت.

برنامج الشفق النشط عالي التردد

برنامج أبحاث الشفق القطبي النشط عالي التردد هو برنامج بحثي موجود في الولايات المتحدة الأمريكية يستخدم موجات الراديو لدراسة الغلاف الجوي العلوي. ومع ذلك، وفقاً لمنظري المؤامرة، يُقال إن هذا البرنامج مسؤول عن التلاعب بالطقس والتسبب في كوارث طبيعية مثل الزلازل أو الفيضانات أو الانفجارات البركانية. ويستخدم البرنامج أيضاً للتحكم في أفكار الأشخاص.

رقائق رفيد

تم استخدام رقائق رفيد المزروعة (تحديد الهوية بموجات الراديو) في الممارسة البيطرية لعقود من الزمن. حيث يتم وضعها في الحيوانات الأليفة حتى يمكن التعرف عليها لاحقاً. لكن يبدو أن النخب السرية في العالم تخطط لخطة طويلة المدى لزرع شريحة رفيد تحت جلد الجميع. وبذلك تستطيع النخبة المسيطرة أن تراقب البشر أجمعين. والغريب في الأمر أن هناك بعض الآراء التي تؤيد فكرة أن هذه الشرائح تحد من الخصوبة من خلال الإشعاع، وتتحكم في العقول، ويمكنها قتل الإنسان بضغطة زر.

الأرض المسطحة

يستخدم مؤيدو النظرية القائلة بأن الأرض مسطحة قصة الخلق الواردة في الكتب المقدسة كدليل مفترض، ويجادلون بأن ما يمكن إدراكه بالحواس فقط هو “الحقيقي”. أما الشكل الكروي فلا يمثل إلا الرغبة في السلطة والاعتراف بنخبة عالمية، والهدف من خلق صورة الأرض الكروية هو إبعاد الناس عن الله، وإخفاء حقائق الكتب المقدسة وتجاهلها.

شوابيا الجديدة

شوابيا الجديدة هي منطقة ساحلية في القارة القطبية الجنوبية اكتشفتها بعثة ألمانية في عام 1939. وعندما وصلت البعثة قام طاقم السفينة بغرس أوتاد تحمل أعلام الصليب المعقوف في الأرض على الساحل. وكان من المفترض أن تحفر قوة عسكرية سرية الكهوف هناك، ويقيمون معسكراً مكتفياً ذاتياً. لكن تسببت هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية في توقف المشروع. ومع ذلك يقال إن هتلر لم ينتحر، وهرب إلى القارة الجنوبية وهناك وصل إلى الأرض المجوفة التي يقطنها سكان جوف الأرض.

الزواحف تحكم البشرية

أي شخص يتساءل دائماً عن سبب حدوث الكثير من الشرور على الأرض لديه الآن الإجابة المفترضة: الزواحف تحكم البشرية سراً. الزواحف هي مخلوقات فضائية لديها القدرة على تغيير شكلها، وهدفهم هو السيطرة على العالم. ويقال إن من بينهم من يطلق عليهم “المتحولون” الذين يتنكرون في هيئة أشخاص عاديين من أجل ممارسة السلطة من مناصب رفيعة المستوى. أما حقيقة أنك نادراً ما تراهم هو أنهم يعيشون في نظام كهوف متفرعة تحت الأرض. تشتمل هذه الكائنات أعضاء العائلة المالكة الإنجليزية، وجورج دبليو بوش، وباراك أوباما، وليدي غاغا. وهناك العديد من الصور المتداولة على الإنترنت والتي من المفترض أن تثبت وجود الزواحف.

لماذا يؤمن الناس بنظرية المؤامرة؟

لماذا يؤمن الناس بنظريات المؤامرة
أسباب الإيمان بنظريات المؤامرة

هناك أسباب مختلفة تجعل الناس يؤمنون بنظريات المؤامرة[3]. وهؤلاء المؤمنون بنظريات المؤامرة لديهم عدم ثقة أساسية في الدولة ومؤسساتها ووسائل الإعلام. ويشكل تصور هؤلاء الشعور الأساسي بوجود خطأ ما. كما يجد مؤيدو المؤامرة صعوبة في التعامل مع التناقض وعدم اليقين، ولا يتحملون المخاوف. إن المزيج من فقدان القوة والسيطرة على حياة الفرد هو ما يجعله يميل إلى تصديق نظريات المؤامرة، وربما تحتوي بعض هذه النظريات على جوهر الحقيقة في كثير من الأحيان، لكن مؤيدي قصص المؤامرة يربطون الأشياء بشكل غير صحيح ويرون أنماطاً غير موجودة.

أعراض الأزمة

أصبح العالم معقداً على نحو متزايد بعد نهاية الحرب الباردة وما تلاها من تسارع العولمة، وبالتالي يجد العديد من الأشخاص صعوبة في فهم جميع الروابط والتطورات الحادثة ويشعرون بالإرهاق. لذا تحظى نظريات المؤامرة بشعبية خاصة في أوقات الأزمات. إن خلفية وأسباب أحداث مثل الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001، أو الأزمة المالية لعام 2008، أو الحرب في أوكرانيا منذ عام 2014، أو الحرب في غزة أو حركات اللاجئين العالمية، كل هذه الأمور معقدة ويصعب تفسيرها لدى الكثير من الناس، وكلما كانت الأحداث العالمية أكثر غموضاً كلما زاد التهديد المتصور من الخارج، ومن هنا تنتشر نظريات المؤامرة في المجتمع.

أديان بديلة

يبدو أن نظريات المؤامرة تتمتع بميزة أنها تجعل العالم، على الرغم من تعقيده، أبسط وأكثر قابلية للفهم. حيث يمكن حل المواقف الغامضة وغير الواضحة باستخدام نماذج توضيحية بسيطة، وإرجاعها إلى الظواهر المعروفة. ربما لا يزال هناك موقف معين يمثل تهديداً، لكنه على الأقل لم يعد يبدو غير قابل للتفسير بفضل نظرية المؤامرة. لقد لعبت الأديان دوراً مماثلاً في تاريخ البشرية. ولهذا السبب يُشار إلى نظريات المؤامرة في كثير من الأحيان على أنها “الديانات البديلة” التي تمنح الناس الدعم في مجتمع علماني بشكل متزايد. وعلى الرغم من أن الأمر قد يبدو متناقضاً، إلا أن نظريات المؤامرة يمكن أن تلعب دوراً في مساعدة الناس على التعامل مع الحياة اليومية. فهي تعمل على فصل مخاوف الفرد، وتطمئنه من خلال إدراكه أنه لا شيء بيده.

وسيلة لخلق الهوية

يؤمن الناس فقط بالكيماويات والزواحف للتعويض عن عجزهم؟ ليس هذا فحسب، بل هناك وظيفة أخرى لنظريات المؤامرة هي خلق الهوية الشخصية. فلا يؤمن الناس فقط بنظريات المؤامرة لفهم الأحداث، بل لحاجته إلى الفردية، فأي شخص يؤمن بنظريات المؤامرة ينأى بنفسه تلقائياً عن الغالبية العظمى من الناس. إنه المؤمن الفاهم الذي استيقظ من سباته ليشغر الآن بأنه مدعو لإيقاظ جماهير “الخراف النائمة” الجاهلة وإقناعهم بالحقيقة. وبهذه الطريقة يشعر وكأن لديه ميزة عن الآخرين من خلال المعرفة والفهم الحصري للكيفية التي يعمل بها العالم في الواقع[4].

أولئك الذين يستخدمون شعبيتهم أو شهرتهم لنشر نظريات المؤامرة غالباً ما يفعلون ذلك من خلال استراتيجية مفادها أنهم الوحيدون الذين لديهم هذه المعرفة السرية المفترضة. وعند نشر هذه المعرفة فهم يمنحون أتباعهم شعوراً بالفخر والتمجيد، لأنهم أيضاً مبادرون. لكن لدى ناشري نظريات المؤامرة هدف مختلف: إنهم يريدون أن يكونوا مركز الاهتمام، وكسب المال من خلال النقرات ومقاطع الفيديو الخاصة بهم.

ضغط الأقران

يمكن أن يلعب ضغط الأقران أيضاً دوراً مهماً هنا. لقد أثبت عالم النفس الأمريكي ستانلي ميلجرام، الذي اشتهر بدراساته حول طاعة السلطة، في عام 1961 أنه كلما زاد عدد الناس الذين يؤمنون بشيء ما، كلما زادت احتمالية قبوله باعتباره حقيقة. وفي إحدى التجارب، حدق شخص في السماء لمدة 60 ثانية، على الرغم من عدم وجود شيء هناك. الغريب في الأمر أن عدد قليل من المارة توقفوا وشرعوا يحدقون في السماء معه. وكلما زاد عدد الأشخاص في المجموعة، زاد عدد الأشخاص الذين انضموا إلى المجموعة ووجهوا أنظارهم إلى السماء. إن الدليل الاجتماعي للنظرية أكثر فعالية بكثير من الدليل المبني على الحقائق فقط. حيث يميل الناس إلى تصديق البيانات التي يشاركها العديد من الأشخاص فقط والتي تؤكد رؤيتهم للعالم. ويتم تجاهل الحقائق التي تتحدث ضدها.

دوافع مكبوتة

إن المؤمنين بنظرية المؤامرة ليسوا جميعاً بسطاء التفكير أو مختلين عقلياً كما يتم تصويرهم في الثقافة الشعبية. وقد أوضحت دراسة[5] تحت قيادة الباحثة شونا باوز من جامعة إيموري في أتلانتا بالولايات المتحدة أن البعض يلجأ إلى نظريات المؤامرة لإرضاء الدوافع المكبوتة وتفسير الضيق والضعف.

وقد قام الباحثون بتحليل بيانات من 170 دراسة مع أكثر من 158000 مشارك معظمهم من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبولندا، وكان الهدف الأساسي من هذه الدراسة هو النظر إلى شخصيات ودوافع المؤمنين بالمؤامرة. وتوصلت الدراسة إلى أن هناك سمات شخصية معينة تجعل الناس عرضة للإيمان بهذه النظريات. تتمثل هذه السمات الشخصية في الخوف وعدم الأمن، وجنون العظمة، والانسحاب، والتلاعب، والأنانية. في حين أن الأشخاص المنفتحين والواعين والقادرين على التحكم في عواطفهم لديهم ميل أقل بكثير للتفكير بشكل تآمري.

عقلية المؤامرة

يعتبر علماء النفس أن الميل إلى الإيمان بالمؤامرة هو سمة شخصية أساسية، بل إن هناك مصطلحاً معروفاً لهذا الأمر في علم النفس: عقلية المؤامرة. حيث يميل الأشخاص الذين يؤمنون بنظرية مؤامرة معينة إلى أن يكونوا أكثر عرضة لتصديق نظريات المؤامرة الأخرى. بينما تتميز عقلية المؤامرة بانعدام الثقة بشكل أساسي في هياكل السلطة، فهم لا يثقون بالسلطات أو الأشخاص ذوي المكانة الاجتماعية العالية، لذا نجد لديهم تحيزات ضد المصرفيين، والمديرين، والسياسيين، وضد صناعة الأدوية، وضد كل شخص “في الأعلى” يُفترض أنه لا يهتم إلا بمصالحه الخاصة أو تعظيم أرباحه.

التهميش وانعدام الأمن الاجتماعي

هناك نهج تفسيري آخر في علم الاجتماع وهو تهميش الناس وانعدام الأمن الاجتماعي. ويعني التهميش استبعاد مجموعات سكانية معينة وإبعادها عن التيار الرئيسي في المجتمع، ووضعوهم على الهامش، ونتيجة لذلك، فهم لا يشاركون في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية للمجتمع الأغلبية. وجد عالم الاجتماع تيد جورتزل في دراسته[6] التي أجراها عام 1994 أن الأقليات العرقية تؤمن بنظريات المؤامرة أكثر من المجموعات الأخرى، والسبب هو أنهم اضطروا للعيش في ظروف أسوأ.

يمكن أن يكون انعدام الأمن الاجتماعي سبباً لإيمان الكثير من الناس بنظريات المؤامرة. فأولئك الذين يشعرون بأن وضعهم الاجتماعي مهدد أو يتطلعون إلى المستقبل بنظرة غير مؤكدة يميلون إلى أن يكونوا أكثر عرضة لنظريات المؤامرة. بينما يشعر المؤمنون بالمؤامرة في الغالب بالفشل، أو يعيشون في فقر مادي أو يعانون من ضربات القدر الشخصية.

المخاطر التي تنشأ من نظريات المؤامرة

مخاطر العلم الزائف
صورة رمزية توضح مخاطر هذه الأيدلوجيات

تكمن المشكلة الأكبر في نظريات المؤامرة هي النظرة العالمية الراسخة التي يصعب كسرها، فبمجرد أن تضيع في عالم نظريات المؤامرة، يكون من الصعب إقناعك بالحجج العقلانية. وأي شخص يستخدم الحقائق لمجادلة هذه النظرة العالمية أو يريد توضيحها سيتم تجاهله أو إعلانه جزءً من المؤامرة، نظراً لأن المؤمنين بنظريات المؤامرة يشككون بشكل أساسي في جميع هياكل السلطة، حيث يُنظر إلى آراء الخبراء على أنها “دعاية للنخبة”. وكل شيء رسمي يأتي من العلم أو الإعلام أو السلطات هو مجرد أكاذيب، ولابد أن يكون خاطئاً. ومن الأمثلة النموذجية على ذلك، المتشككون الذين ينكرون تغير المناخ بسبب أنشطة الإنسان ويتجاهلون كل الحقائق العلمية. ينطبق الأمر نفسه على فئة معارضي التطعيم: فهم لا يثقون في النتائج الطبية والعلمية الشائعة ويفضلون الاعتماد على طرق علاجية يفترض أنها بديلة.

أعمال العنف

إذا تركنا المخاطر الصحية والتسويات في الحياة اليومية جانباً، سندرك أن الإيمان بنظريات المؤامرة يمكن أن يتحول إلى أعمال عنف. يرى الباحث الأمريكي مايكل باتر أن نظريات المؤامرة يمكن أن تشوه مجموعات معينة من الناس، مثل المهاجرين أو السود أو المسلمين، وقد يؤدي ذلك إلى تعرض هؤلاء الأشخاص للاعتداء الجسدي. ففي عام 2016 ذهب رجل يحمل مسدساً إلى مطعم بيتزا في واشنطن حيث أطلق هناك عدة طلقات. وكان من مؤيدي نظرية المؤامرة “بيتزاغيت” التي انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي خلال الحملة الانتخابية الأمريكية عام 2016. حيث انتشرت شائعات تفيد أن هناك شبكة سرية لاستغلال الأطفال جنسياً في مطعم بيتزا في واشنطن، ويُزعم أن هيلاري كلينتون تديره.

هل نظريات المؤامرة خيال دائماً؟

الماسونية
رمز العين الواحدة التي ترى كل شيء

إن أي شخص يحاول الجدال ضد نظريات المؤامرة غالباً ما يواجه اعتراضاً مشروعاً من الجانب الآخر وهو أن بعض نظريات المؤامرة قد ثبت صحتها في الماضي. ومن هذه النظريات مشروع “إم كي ألترا” وهو عبارة عن برنامج بحثي سري لوكالة المخابرات المركزية طُور في المراحل الأولى من الحرب الباردة. يقوم المشروع على التحقيق في إمكانية التحكم في العقل من أجل انتزاع الاستجوابات والاعترافات من الشخص. وقد تم بالفعل إعطاء بعض العقاقير وأدوية الهلوسة لبعض الأشخاص، لكنها لم تسفر عن النتائج المرجوة. وفي عام 2003، بررت حكومة الولايات المتحدة في عهد جورج دبليو بوش حرب العراق بوجود أسلحة الدمار الشامل لدى صدام حسين، وتبين فيما بعد أن هذا كان كذبة متعمدة.

دفعت مثل هذه الأمثلة بعض الناس إلى أن يكون لديهم بعض الشكوك الأساسية. حيث تحتوي بعض نظريات المؤامرة في الواقع على نواة الحقيقة لأنها تستند إلى الحد الأدنى من الحقائق التي يمكن التحقق منها. وتكون الشكوك حول الروايات الرسمية للأحداث مبررة في أغلب الأحيان.

إن ما يسمى بـ “السلطة الرابعة“، أي الصحافة والإعلام، لديها مهمة تصحيحية في الدول الديمقراطية، ولكن مع ذلك لا تقوم بهذه الوظيفة على أكمل وجه، ولا يتم فحص الحقائق الفردية بشكل موضوعي، بل يتم اختيارها وتجميعها بحيث تتناسب مع فرضية المؤامرة. هذا بالإضافة إلى قيام الشبكات الاجتماعية مثل الفيس بوك أو الإنستغرام أو تويتر بتخصيص المحتوى، بمعنى رؤية المستخدم باستمرار المحتوى الذي يثير اهتمامه، وبالتالي تأكيد أفكاره باستمرار. إنه يتحرك فقط في عالم مقيد، في فقاعة مرشحة.

المصالح وراء نظريات المؤامرة

المصالح الاقتصادية في الترويج لنظريات المؤامرة
أليكس جونز أكبر مروج لنظريات المؤامرة

لا ينشر أصحاب نظريات المؤامرة نظرياتهم فقط لأنهم يؤمنون بإيديولوجيات المؤامرة نفسها، بل هناك العديد من المصالح الأخرى التي لا تظهر للوهلة الأولى. فلا تُستخدم نظريات المؤامرة في السياسة فقط من أجل التحريض على التلاعب بالجمهور، بل هناك سوق ضخمة تبلغ مبيعاتها ملايين الدولارات في الترويج لنظريات المؤامرة فقط. قام أليكس جونز[7] وهو أحد مروجي نظريات المؤامرة في أمريكا ببناء شركة إعلامية ضخمة تسمى “إنفو وورز“.

يصل جونز إلى جمهور يقدر بالملايين من خلال برنامجه الإذاعي، الذي ينشر فيه أطروحاته: تغير المناخ كذبة، والسياسة والأعمال ووسائل الإعلام متورطة في مؤامرة عالمية غامضة وما إلى ذلك، وبالإضافة إلى البرنامج الإذاعي وعروض الفيديو الأخرى حسب الطلب، تدير شركته أيضاً متجراً يُقال إنه يمثل ثلثي مبيعاتها. علاوة على البضائع وأقراص الفيديو الرقمية والكتب، والأدوية والعلاجات المعجزة: يتوفر معزز جنسي لزيادة الرجولة بسعر 70 دولاراً للزجاجة الواحدة؛ أقراص “قوة العقل” للتخلص من السموم التي يضعها المتآمرون في مياه الشرب. ولك أن تتخيل حجم الأموال الضخمة التي يحصل عليها من الترويج لمثل هذه النظريات.

هناك أيضاً العديد من دور النشر في العالم التي تركز على نشر نظريات المؤامرة والمحتوى العلمي الزائف والباطني، وتشتمل موضوعاتها على علم الأجسام الطائرة المجهولة، وما قبل رواد الفضاء، والتنجيم، وما إلى ذلك. ومن المتعارف عليه أن فضول الإنسان لا حدود له، وشغفه للأشياء الغامضة هو ما يحركه، لذا نجد ما لا يعد من مقاطع الفيديو على اليوتيوب وغيرها من المنصات الأخرى التي تروج لهذه الأشياء من أجل كسب المال عبر النقرات.

تسويق نظريات المؤامرة

يلعب عرض فرضيات المؤامرة أيضاً دوراً مهماً في التسويق. حيث يحاول أصحاب نظرية المؤامرة أن يظهروا أنفسهم بمظهر الجدية والعلمية لكي يبدوا ذوي مصداقية أمام جمهورهم، على سبيل المثال، ارتداء بدلات، واستخدام مصطلحات تقنية لا يمكنهم شرحها بمزيد من التفصيل، وإحاطة أنفسهم بـ “خبراء تقنيين” آخرين يأتون أيضاً من بيئة نظرية المؤامرة. يجب أيضاً أن تبدو المنشورات والمواقع الإلكترونية والأفلام والمجلات التي يتم توزيعها ذات شكل احترافي وجادة.

دور الإنترنت والشبكات الاجتماعية

الترويج لنظريات المؤامرة عبر الإنترنت
كيف جعل الإنترنت التواصل بن البشر أسهل

نظريات المؤامرة ليست ظاهرة القرن الحادي والعشرين، ولكن بفضل الإنترنت أصبحت نظريات المؤامرة أكثر شعبية من أي وقت مضى. لكن لماذا؟

الرؤية

إن شبكة الإنترنت جعلت نظريات المؤامرة أكثر وضوحاً مما كانت عليه الحال في السابق. كانت نظريات المؤامرة موجودة دائماً في جميع المجتمعات، ولكن هناك فرقاً جوهرياً: أي شخص مهتم بنظريات المؤامرة اليوم سيجد بسرعة ما يبحث عنه على الإنترنت. بينما قبل ظهور الإنترنت، كان عليه استثمار الكثير من الوقت في البحث، أما اليوم فلا يستغرق الأمر سوى بضع ثوانٍ ونقرات للعثور على النتائج المرجوة. يخدم الإنترنت بشكل مثالي أحد الافتراضات الأساسية لنظريات المؤامرة: كل شيء متصل.

الشبكات

هناك عامل مهم آخر وهو التواصل العالمي عبر الإنترنت: يمكن لأي شخص نظرياً أن يتصل بأي شخص في العالم، مما يعزز انتشار نظريات المؤامرة. بينما كان بإمكانك في السابق مشاركة نظريات المؤامرة الخاصة بك فقط مع دائرة محدودة جداً من المستمعين وربما تعتبر مجنوناً، أما الآن يمكنك تبادل الأفكار مع الأشخاص ذوي التفكير المماثل من جميع أنحاء العالم. وبهذه الطريقة، يتم مشاركة المعتقدات وربما تعزيزها. إن نظريات المؤامرة مثل الكيمتريل أو الأرض المسطحة أو الزواحف لم تتمكن من اكتساب المزيد من المتابعين والشعبية إلا بفضل الإنترنت.

فقاعة المرشح وغرفة الصدى

ظهرت في الآونة الأخيرة بعض المصطلحات حول المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة على الإنترنت مثل مصطلحي “فقاعة المرشح” و”غرفة الصدى[8]. يشرح كلا المصطلحين لماذا يمكن للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أن تشجع بقوة الإيمان بنظريات المؤامرة.

صاغ مصطلح فقاعة المرشح إيلاي بارسر في عام 2011. ويشير المصطلح إلى تصميم خوارزميات محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي لتصفية المعلومات وفرزها بناءً على سجل البحث السابق واهتمامات الشخص. ونتيجة لذلك، نرى اقتراحات للصفحات أو المحتوى في نتائج البحث التي تتوافق بشكل أكبر مع تفضيلاتنا. حيث سيجد أي شخص مهتم بالخبز على الإنترنت وصفات الطبخ بين اقتراحاته بشكل متزايد. ومن ناحية أخرى، فإن أي شخص مهتم بالمحتوى التآمري لن يرى في النهاية سوى نظريات المؤامرة. يؤدي هذا ببطء إلى العزلة عن المعلومات التي لا تتوافق مع رأي المستخدم.

وبعد تصفية المحتوى، يجد المستخدم نفسه فيما يسمى بغرفة الصدى. هناك يتبادل الأفكار مع الأشخاص ذوي التفكير المماثل الذين يمكنهم تأكيد وحتى تعزيز رأيه ونظرته للعالم. وفي هذه المساحات الاجتماعية المغلقة، يمكن أن يظهر بسرعة شعور قوي بالانتماء مع وعي مجموعة النخبة. وهذا يعزز السمة النفسية المتمثلة في حجب المعلومات المتناقضة بشكل قاطع. كما يميل الناس بطبيعتهم إلى اختيار المعلومات التي تتوافق مع توقعاتهم الخاصة. يُعرف هذا أيضاً باسم “التحيز التأكيدي”: أنت على استعداد فقط لقبول المعلومات التي ترضي احترامك لذاتك وحاجتك إلى التوجيه والسيطرة.

كيف تواجه نظريات المؤامرة؟

كيف تواجه نظريات المؤامرة
المواجهة المباشرة ليست الحل الأمثل

إن رفع مستوى الوعي ضد نظريات المؤامرة ليس بالأمر السهل ويتطلب الكثير من المعرفة المسبقة. يمكنك مواجهة أصحاب نظريات المؤامرة بالحقائق، وهو ما يُعرف باسم “كشف الزيف“. لكن أولئك الذين يحاولون القيام بذلك غالباً ما يحققون العكس: فالرؤى الأيديولوجية للعالم لا تضعف، بل تقوى وتزداد وهو ما يعرف باسم “التأثير الارتدادي” ويعني أن المعلومات المتضاربة يمكن أن تؤدي إلى تناقضات في النظرة العالمية المقدمة، مما يؤدي بدوره إلى عدم الراحة. ولهذا فإن المواجهة المباشرة ليست دائماً الحل الأمثل في جميع الأحوال.

كن مسؤولاً

لا يجب التعالي على الشخص الذي يؤمن بالمؤامرة، فهذا الأمر يجعله يشعر بإنه مستبعد ومهمش بشكل متزايد، مما يؤدي إلى أن تصبح أيديولوجيته أكثر تطرفاً. لذا من المهم رسم الحدود والحوار على نفس المستوى. ويجب عدم اعتماد التقسيم المبسط بين الخير والشر، بل يجب معالجة المراحل الوسيطة. وينبغي أن يكون الهدف هو معالجة وكشف العناصر المتطرفة أو العنصرية في نظرية المؤامرة.

تعامل مع المعلومات بشكل نقدي

لقد ثبت عملياً أن تطوير التفكير التحليلي يمكن أن يكون له تأثير وقائي ضد معتقدات المؤامرة، فبدلاً من مواجهة نظيرك بالحقائق، يجب التشكيك في المنطق الداخلي لنظريات المؤامرة. من يقول هذا؟ ماذا يقول بالضبط؟ لماذا يتم تقديم مقتطفات فقط هنا؟ لماذا هناك اختلاف في الآراء في وسائل الإعلام؟ ألا تتناقض نظرية المؤامرة مع نفسها؟ يجب طرح هذه الأسئلة على كل معلومة. بينما يلعب مصدر المعلومات دوراً مهماً: ما هو مصدر هذا الكلام؟ هل المصدر قريب بشكل خاص من الحركة السياسية؟ لماذا تصدق هذا المصدر عن سواه؟ ماذا نفعل إذا واجهنا تناقضات مع هذا السؤال؟ ثم تأتي الخطوة الفعلية للإبلاغ: مقارنة المعلومات المختلفة من مصادر مختلفة. ويجب الحرص على التمييز بين البحث الجاد والدعاية المبنية على الادعاءات. والسؤال هنا: هل تم الاستشهاد بالدليل؟ هل تم تقديم أمثلة ملموسة؟

تحقق من صحة المعلومات

إن الطريق من المعلومات المضللة إلى نظريات المؤامرة ليس بعيداً. حيث تحتوي نظريات المؤامرة أيضاً على معلومات مضللة، وقبل كل شيء، تفسيرات خاطئة. ولهذا السبب تحتاج إلى معرفة أساسية معينة بنظريات المؤامرة. تتبع جميعها أنماطاً مماثلة تم شرحها بالفعل: نمط تفسيري شامل لا تترك فيه أي أسئلة دون إجابة، وتصنيف بسيط للخير والشر، وافتراض عدم وجود مصادفات. إذا ظهرت بعض هذه السمات فيما يبدو أنه معلومات معقولة، فيجب على الأقل ممارسة الشك والحذر. لذلك، عند البحث، يجب عليك دائماً الرجوع إلى عدة مصادر ذات وجهات نظر مختلفة حتى تتمكن من التحقق من صحة المعلومات.

المراجع

[1] What Are Conspiracy Theories? A Definitional Approach to Their Correlates, Consequences, and Communication.

[2] 20 of the best conspiracy theories.

[3] Why People Believe in Conspiracy Theories.

[4] “I Know Things They Don’t Know!” The Role of Need for Uniqueness in Belief in Conspiracy Theories.

[5] The Conspiratorial Mind: A Meta-Analytic Review of Motivational and Personological Correlates.

[6] Belief in Conspiracy Theories.

[7] Alex Jones’ 5 most disturbing and ridiculous conspiracy theories.

[8] Echo chambers, filter bubbles, and polarisation: a literature review.

This Post Has 4 Comments

  1. غير معروف

    واعتقاد المسلمين أن العالم يتأمر عليهم ليبقوا في تخلفهم اليس من نظريات المؤامرة؟

  2. غير معروف

    لكن ما يحدث في العالم يشير بالفعل إلى وجود مؤامرة

اترك تعليقاً