التغلب على الخجل: خطوات عملية للتحرر من القلق الاجتماعي
الخجل مشكلة تؤثر على البعض بطرق ودرجات مختلفة، ويمكن القول إن كل شخص خجول هو حالة بذاتها. ولهذا فإن بعض التوصيات والنصائح للتغلب على الخجل لن تضر أبداً لتخفيف المعاناة التي يسببها لمن يعانون منه. حيث يمكن التغلب على الخجل أو تقليل شدته، لكن لا يمكن القضاء عليه تماماً.
ماذا يعني الخجل؟
يُفهم الخجل على أنه حالة من عدم الأمان يشعر بها الشخص في مواقف اجتماعية جديدة، وتؤدي به إلى الانسحاب من المواقف والعلاقات، وصعوبة الدخول في محادثات والتفاعل مع الآخرين. قد تكون هناك أسباب جسدية للخجل، على سبيل المثال التشوهات، والقبح الشديد، وما إلى ذلك، على الرغم من أن المشكلة بشكل عام نفسية. ونحن هنا نتحدث عن مشكلة لا مرض إلا في الحالات الشديدة والاستثنائية. ونقول إنها مشكلة لأن الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، ومن المستحيل تجنب العلاقات الاجتماعية.
هناك العديد من أعراض الخجل والتي تتنوع بشكل كبير، ولكن الأعراض الأكثر شيوعاً التي تظهر على الشخص الخجول في المواقف الاجتماعية هي: العصبية المفرطة، والتعرق، واحمرار الوجه، والخوف، وما إلى ذلك. لكن ليس عليك القلق سوف نوضح الآن أهم التوصيات التي يجب العمل بها للتغلب على الخجل.
الرغبة في التغيير
قبل كل شيء، يجب على الشخص الخجول أن يتعرف على المشكلة ولا يحاول إخفاءها، لأن ذلك يجعل الحل أكثر صعوبة. وبمجرد التعرف على المشكلة، ينبغي أن يتخذ قراراً حازماً بالرغبة في حلها. ففي كثير من الأحيان تكون المشكلة في التردد أو الشك. لذا يجب أن تكون هناك إرادة قوية للتغيير، وإلا سيقضي عليك الشعور بالعجز، ومن ثم ترضخ للاستسلام بحزن وتشعر بأنك لن تستطيع التغلب على الخجل.
تؤدي الرغبة في التغيير والتصميم عليه إلى العمل. لذا يجب أن يتحلى الخجول بالشجاعة والجرأة اللازمة. عليه أن يخرج من منطقة الراحة الخاصة به، ويفعل ما كان يريده دوماً، لكن هذا الخجل يمنعه على الدوام. ستسمح له الشجاعة أن يتأكد من أن العديد من الجدران التي بناها واقتنع أنه لا يمكنه هدمها، إنها كانت مجرد جدران ورقية. ومن هنا يجب على الشخص الخجول أن يثق بنفسه، ويطور صفاته الإيجابية إلى أقصى حد، لأنه يمتلكها بالفعل. ويحاول كسر الخوف بداخله ويتحلى بفضيلة الشجاعة والجرأة.
تنمية الذكاء العاطفي
صحيح أن الخجل شيء غير عقلاني، وأن الحجج المنطقية لا تكفي للتغلب عليه، لكنها ضرورية. حيث يجب على الشخص الخجول أن يفكر في حالته بتأن، لأن الشخصيات الخجولة هي في العادة شخصيات ذكية تتمتع بإمكانيات وقدرات كبيرة، ويجب عليهم استخدامها. السؤال هنا: كيف يفكر في حالته؟ نجيب بأن يتعلم الشخص الخجول عن مشاعره، ويهتم بعقله حتى لا يقع في فخ الهواجس والأفكار السلبية من كل نوع.
تغيير التركيز
ترتبط مشكلة الخجل في العادة بالانطواء والتركيز التام على النفس. حيث يفكر الخجول: “كيف سيراني الناس؟”، “ماذا سيقولون عني؟”، إلخ. لذا فإن العلاج هو تغيير التركيز؛ بدلاً من النظر إلى نفسي، يتعلق الأمر بالنظر إلى الآخرين: “ماذا يمكنني أن أفعل للآخرين؟ كيف يمكنني مساعدة الآخرين؟ ما الذي يمكنني تقديمه لهم؟
يتعلق الأمر برؤية البشر كجزء من نفس العائلة الإنسانية، التي نحن فيها جميعاً إخوة. فعلى الرغم من أننا ظاهرياً مختلفون، إلا أننا متماثلون في الأساس، ونتشارك نفس الطبيعة، وبالتالي، يمكنني رؤية الآخرين كما أرى نفسي. كل البشر لديهم مخاوفنا ورغباتنا وأحلامنا، والتي هي في الأساس نفسها على الرغم من أنها تعبر عن نفسها بطرق مختلفة. ورؤية الآخرين بهذه الطريقة تجعلك تتوقف عن الخوف منهم.
لا يهم رأي الآخرين
ربما يكون هذا أحد أكثر أسباب الخجل شيوعاً. الخوف من “ماذا يقولون عني”، الخوف من الانتقاد، الخوف من الرفض، إلخ. السؤال هنا هو التفكير في القيمة التي نعطيها لرأي الآخرين، وما هي القيمة التي نعطيها لرأينا، وأيها يستحق أكثر. في هذه الحالة، الحجة بسيطة للغاية: “أعيش مع نفسي 24 ساعة في اليوم، وبالتالي أعرف نفسي أفضل من أي شخص آخر؛ لذلك لا بد لي من أن أكون أنا من يحكم على نفسي. أما بالنسبة للآخرين، فلا يمكنني إرضاء الجميع؛ سيكون هناك دائماً شخص لا يحب ما أقوله أو أفعله. إذن لن يكون شاغلي الرئيسي هو السعي للحصول على رضا الآخرين، ولكن رضاي الشخصي، وبالتالي، أن أفعل ما يرضيني أتحدث بما يرضيني”.
إذا فعلت ذلك على هذا النحو، فإن رأي الآخرين لن يؤثر عليك بشكل من الأشكال. وليس عليك أن تفكر في أنه يمكنك الحصول على آراء مزعجة من الناس، فلا تنس أن معظم الناس لطفاء، وعندما لا يكونوا كذلك، فهي مشكلتهم هم وليست مشكلتك.
تخلص من الحساسية المفرطة
يقول المثل “كل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده”. لذا عليك العلم أن الانفعال الشديد والحساسية المفرطة ستزيد من تفاقم المشكلة ولن تحلها. كما سيكون لها تأثير عميق على شخصيتك، فهذه الحساسية تضخم الأحداث، فتشعر معها بالخوف، وتلجأ إلى الانطواء على نفسك معتقداً بأنك بذلك تحمي نفسك. ولحل هذه المشكلة، من الأفضل البحث عن الصفاء العقلي وتهدئة المشاعر أيضاً. يمكن تحقيق ذلك تدريجياً عن طريق الانفتاح على الجميع والبحث عن علاقات حقيقية مع الآخرين. وهذا تحد كبير، ليس للشخص الخجول فقط، ولكن لأي شخص.
تطوير الخيال البنّاء
يعاني الشخص الخجول مع خياله الجامح، فهذا الخيال يضخم ويشوه أي حدث سواء ماضي أو حاضر أو مستقبلي، ويبدأ في التفكير فيما حدث وما يحدث وما لم يحدث بعد وربما لن يحدث أبداً. لتجنب هذا الأمر من الضروري تطوير الخيال البناء. يحتاج الشخص الخجول إلى إعادة تكوين صور إيجابية وجميلة في ذهنه، لتنحية التخيلات التي تغزوه جانباً. إنه بمثابة تمرين لتقدير كل ما هو جميل في الطبيعة وألوانها وأشكالها وكل شيء جميل في الحياة.
الضحك والفكاهة
للضحك فوائد لا تعد، والفكاهة لها مفعول السحر، فهي تؤثر على الحالة الذهنية وعلى العقل الباطن لدينا، وتقنعنا أن كل شيء على ما يرام. إذا كنت قادراً على الضحك على أي مشكلة، فستتمكن من إيجاد الحل بسهولة أكبر. لكن أهم شيء هو أن تتعلم كيف تضحك على نفسك، حيث يأخذ الخجول نفسه على محمل الجد، وقد يزيد ذلك من خجله. لذا يجب أن تتعلم كيفية تقليل أهمية الذات، وأن تكون متواضعاً وتضحك على نفسك، وتزيل الدراما من العديد من المواقف في حياتك. روح الدعابة هي أيضاً تدريب جيد للتغلب على الخوف من السخرية.
البيئة المثالية
من المهم جداً الانضمام إلى الشخصيات الذين لديهم نفس اهتماماتك، والأشخاص المتشابهين في التفكير والذين نشارك معهم الأفكار وأشياء أخرى كثيرة. سيكون التواصل مع هؤلاء الأشخاص عوناً مهمًا للغاية، لأننا بفضلهم نمتلك البيئة المثالية للتغلب على الخجل. وفي وقت لاحق ستتمكن من التصرف دون خجل في أي بيئة أخرى ومع إناس آخرين.
المفتاح الأساسي للتغلب على الخجل
الحل النهائي والآمن للتغلب على الخجل هو إيقاظ ما بداخل أنفسنا، ومعرفة ذواتنا الحقيقية. كيف تفعل ذلك؟ الحل بسيط، لكنه يحتاج فقط إلى المعرفة، اقرأ كثيراً، وتعرف على الطبيعة البشرية، كيف هم البشر؟ وماذا يصنعون؟ وستدرك حينها أن جميع البشر متشابهون، وليسوا مخيفين، وهنا ستتحلى بالجرأة للتعامل معهم. وهذا سيحدث عندما يرتفع وعيك إلى الأعلى لترى الواقع أكثر وضوحاً، ومدى ضآلة الخجل الذي تعاني منه. هناك لن تعد تشعر بالانزعاج، لأنك بالأعلى حيث السماء الصافية والشمس المشرقة البهية التي تعطينا الضوء والدفء. هذا هو المكان الذي يمكنك فيه التغلب على الخجل، وفيه ستجد الاستقرار والأمن. ستجد نفسك الحقيقية، وحينها يمكنك أن تخرج أفضل ما في داخلك.
فعلا الحياة لا يمكن أخذها على محمل الجد.. شكرا جدا
نعم معك حق