مخطوطات البحر الميت: حكاية أقدم النصوص التوراتية في العالم
مخطوطات البحر الميت هي أهم اكتشاف في القرن العشرين كما يشير العديد من المؤرخين. حيث تشتمل على أقدم المخطوطات التوراتية المعروفة في العالم. وتلقي الضوء على تاريخ المنطقة التي كانت تعيش فيها طائفة الأسينيين. فما هي قصة مخطوطات البحر الميت وعلاقتها بجماعة قمران؟
ما هي مخطوطات البحر الميت
مخطوطات البحر الميت أو المعروفة باسم مخطوطات قمران هي مجموعة من المخطوطات تضم أكثر من 800 وثيقة مصنوعة من جلود الحيوانات وورق البردي. تعد هذه الوثائق أقدم الوثائق التاريخية المكتشفة التي تُلقي الضوء على تاريخ اليهودية قبل تدمير الهيكل الثاني لليهود في عام 70 بعد الميلاد. كما تلقي الضوء على بدايات المسيحية. فهي تحتوي على نصوص من كل أسفار التوراة باستثناء سفر إستير. كما تشتمل أيضاً على مجموعة من الترانيم والصلوات، وبعض التعاليم الصوفية، والنسخة الأولى من الوصايا العشر التي أنزلت على النبي موسى.
تمت كتابة معظم مخطوطات البحر الميت بين 200 قبل الميلاد، والفترة التي سبقت الثورة اليهودية الفاشلة للحصول على الاستقلال السياسي والديني عن روما والتي استمرت من 66 إلى 70 بعد الميلاد. ومعنى هذا أن هذه المخطوطات تعتبر أقدم نص عبري للكتاب المقدس اليهودي. بينما يسبق النص التوراتي الموجود حالياً بأكثر من عشرة قرون بعد تدمير الهيكل الثاني لليهود.
اقرأ أيضًا: فرسان الهيكل.. مهمة سرية للبحث عن كنوز معبد سليمان |
اكتشاف المخطوطات
في أواخر عام 1946 كانت جماعة من البدو يرعون أغنامهم بالقرب من مستوطنة قمران القديمة الواقعة على الشاطئ الشمالي الغربي للبحر الميت فيما يعرف الآن بالضفة الغربية. بينما ألقى أحد الرعاة الصغار حجراً في فتحة على جانب منحدر صخري، وتفاجأ بسماع صوت تحطيم. دخل هو ورفاقه الكهف ووجدوا مجموعة من الأواني الفخارية الكبيرة. سبعة منها تحتوي على لفائف من الجلد والبردي.
اشترى أحد التجار هذه اللفائف من البدو. بينما انتهت بها المطاف في أيدي العديد من العلماء الذين قدروا أن النصوص يزيد عمرها عن 2000 عام. بعد انتشار خبر كهوف قمران شرع العديد من الباحثين وعلماء الآثار في اكتشاف الكهوف الأخرى القريبة. وقد اشتملت هذه الاكتشافات على أكثر من 800 مخطوطة. كانت الغالبية العظمى من المخطوطات مكتوبة باللغة العبرية. بينما البعض الآخر كُتب باللغة الآرامية. وهي اللغة التي كان يتحدث بها العديد من بني إسرائيل فيما مضى. تحمل هذه المخطوطات تاريخ هذه المنطقة وبعض النصوص التوراتية التي تعود إلى الفترة التي سبقت تدمير الهيكل الثاني لليهود.
اقرأ أيضًا: قصة تابوت العهد: حكاية أكثر الألغاز المحيرة في التاريخ |
تاريخ مخطوطات البحر الميت
أصل مخطوطات البحر الميت التي كتبت ما بين 150 قبل الميلاد. و 70 م لا يزال موضوع النقاش العلمي حتى يومنا هذا.
-
طائفة الأسينيون
وفقاً للافتراضات العلمية فإن المخطوطات كانت من عمل طائفة الأسينيين. وهم السكان اليهود الذين سكنوا قمران حتى دمرت القوات الرومانية المستوطنة حوالي عام 70 بعد الميلاد. ويُعتقد أن هؤلاء اليهود كانوا ينتمون إلى طائفة دينية تسمى الأسينيين. وهي واحدة الطوائف اليهودية التي كانت تعيش في هذه المنطقة قبل وأثناء العصر الروماني.
كانت قمران فيما مضى موطناً لمجتمع من الزهاد اليهود يُدعى طائفة الأسينيين، الذين كرسوا حياتهم لكتابة النصوص المقدسة وحفظها. كانوا يعملون بجد في الوقت الذي بدأت فيه رسالة المسيح؛ وفي النهاية قاموا بتخزين اللفائف في 11 كهفاً قبل أن يدمر الرومان مستوطناتهم في عام 68 بعد الميلاد. بينما البعض الأخر من الباحثين فقد رأوا أن اللفائف لا علاقة لها بالمستوطنة. والدليل على وجود مجتمع ديني هنا غير مقنع. حيث يعتقدون أن اليهود الفارين من الاضطهاد الروماني قاموا على عجل بحشو الوثائق في كهوف قمران لحفظها. -
ثورة المكابيين
في عام 164 قبل الميلاد قامت الثورة اليهودية الكبرى التي أشعلتها مجموعة من اليهود المكابيين. وقد أطاحت بالإمبراطورية السلوقية التي حكمت مملكة يهوذا. بينما أنشأ المكابيون بعد الثورة اليهودية الكبرى مملكة مستقلة. ومن ثم قاموا بطرد الطبقة الكهنوتية التي كانت تسيطر على الهيكل في أورشليم منذ عهد الملك سليمان. بينما أدت الاضطرابات إلى ظهور عدة طوائف متنافسة. وكل طائفة منهم كانت تتنافس على الهيمنة. إذا كانت نصوص قمران قد كتبت من قبل إحدى هذه الطوائف. فإن المخطوطات تساعدنا على فهم القوى التي عملت بعد ثورة المكابين، وكيف تفاعلت الجماعات اليهودية المختلفة مع تلك القوى.
اقرأ أيضًا: أهوال محاكم التفتيش المقدسة في أوروبا |
مخطوطات قمران بين اليهودية والمسيحية
-
اليهودية
أذهلت مخطوطات البحر الميت العلماء بتشابهها اللافت للإصدارات اللاحقة من الكتاب المقدس. لكن كانت هناك أيضاً اختلافات دقيقة. كما توضح المخطوطات سلسلة من اللوائح التفصيلية التي تتحدى القوانين الدينية التي يمارسها الكهنة في القدس والتي تتبناها طوائف يهودية أخرى مثل الفريسيين. يعتبر علماء اليهودية أن المخطوطات هي الحلقة المفقودة بين الفترة التي تم فيها تمرير القوانين الدينية شفهياً والعصر الحاخامي. بدءً من حوالي 200 م عندما تم تسجيلها بشكل منهجي. مما أدى في النهاية إلى وجود التلمود.
-
المسيحية
لم يرد ذكر المسيح في نصوص مخطوطات البحر الميت. لكنها مع ذلك ساعدتنا في فهم الظروف المحيطة برسالة المسيح كما ساهمت في فهم أفضل الأفكار والطرق اليهودية التي كانت سائدة في عصره.
اقرأ أيضًا: قصة بولس الرسول: كيف استطاع نشر المسيحية في العالم؟ |
تظل مخطوطات البحر الميت واحدة من أهم الاكتشافات الأثرية الحديثة الخاصة بالنصوص المقدسة. تلك النصوص يمكن أن يكون لها أثاراً بعيدة المدى على اليهودية والمسيحية.
المراجع:
1. Author: Andrew Lawler, (1/2/2010), Who Wrote the Dead Sea Scrolls?, www.smithsonianmag.com, Retrieved: 11/24/2020. |
2. Author: MICHAEL GRESHKO, (3/13/2020), ‘Dead Sea Scrolls’ at the Museum of the Bible are all forgeries, www.nationalgeographic.com, Retrieved: 11/24/2020. |
3. Author: JENNIE COHEN, (8/29/2018), 6 Things You May Not Know About the Dead Sea Scrolls, www.history.com, Retrieved: 11/24/2020. |
هناك كتاب للدكتور أحمد عثمان يشرح فيه بالتفصيل تاريخ المسيحية في هذه الفترة لكني لا اتذكر اسمه، فإذا كان لديك فكرة عنه أرجو إعلامي بها
كتاب الدكتور أحمد عثمان يحمل نفس الاسم “مخطوطات البحر الميت”