مثلث برمودا هو منطقة تقع في غرب المحيط الأطلسي قبالة ساحل فلوريدا. وهي منطقة تتخذ شكل مثلث متساوي الأضلاع يمتد من الطرف الجنوبي لفلوريدا إلى جزر برمودا في الشمال الشرقي وصولاً إلى بورتوريكو. يُعرف هذا الجزء من المحيط الأطلسي أيضاً باسم “مثلث الشيطان”، فلقد ارتبط بالعديد من الحوادث الغامضة والمرعبة حول اختفاء السفن والطائرات، ومشاهدة الأشباح، والطقس القاسي، والاضطرابات الكهرومغناطيسية. فما هي ألغاز مثلث برمودا؟ وما هي الحقيقة وراءه؟ وهل هناك قوى غامضة تعمل في هذا المنطقة؟ دعونا نخوض معاً رحلة إلى أعماق المجهول لنكتشف أسرار هذه المنطقة الغريبة.
الرحلة 19
كانت الساعة تشير إلى 2:10 بعد ظهر يوم 5 ديسمبر 1945 عندما أقلعت خمس طائرات من قاعدة فورت لودرديل البحرية في فلوريدا للتدريب. إنها رحلة دورية روتينية ستحلق فيها الطائرات على بعد 150 ميل شرقاً إلى المحيط الأطلسي، ثم 40 ميل شمالاً، وتعود إلى القاعدة الجوية مرة أخرى. توقعات الطقس جيدة، والطيارون الخمسة على متن الطائرات من ذوي الخبرة، كما تم فحص الطائرات بدقة قبل بدء الرحلة.
انطلق السرب في طريقه، وفي الساعة 3:45 بعد الظهر، أي بعد ساعة ونصف من الإقلاع، تلقى برج المراقبة في القاعدة تقريراً من الدورية، لكن بدلاً من طلب تعليمات الهبوط، بدا أن قائد السرب قلقاً مرتبكاً، وفجأة سمع المراقب من البرج:
لا نستطيع رؤية الأرض
يسأل مراقب الحركة الجوية عن الموقع الدقيق. ويبحث في السماء فوق القاعدة الجوية عن الدورية التي كان ينبغي أن تكون في طريقها للهبوط منذ فترة طويلة.
كل شيء يبدو غريباً
يأتي صوت عبر الأثير. إنها رسالة أخرى من قائد الدورية:
لسنا متأكدين من مكاننا.. أكرر.. لا نستطيع رؤية الأرض
ثم انقطع الاتصال مع الدورية. وبعد عشر دقائق وصلت رسالة أخرى إلى برج المراقبة. لكن هذه المرة لم يكن قائد سرب الطائرات، بل أحد الطيارين الآخرين:
لا يمكننا العثور على سترات.. لسنا متأكدين من أي اتجاه.. كل شيء يبدو غريباً، حتى المحيط
ساد صمت الراديو مرة أخرى بعد أن اكتشف المراقب أن قائد السرب قد سلم القيادة إلى أحد مرؤوسيه. وبعد عشرين دقيقة، أبلغ قائد الدورية الجديد مراقب البرج، وهو على وشك الهستيريا:
لا يمكننا أن نعرف أين نحن؟ نعتقد أننا على بعد 225 شمال شرق القاعدة
ثم تلعثم الطيار بشيء غير مفهوم. وتحدث بآخر الكلمات التي سُمعت من طاقم الرحلة 19:
يبدو أننا نقترب من المياه البيضاء.. لقد ضللنا الطريق تماماً
اختفاء طائرة البحث
بعد دقائق فقط من آخر رسالة لاسلكية وصلت من الرحلة 19، انطلقت طائرة أخرى للبحث عن السرب. وحلقت إلى آخر موقع مفترض لسرب الطائرات المفقودة، وبعد عشر دقائق من الإقلاع، يقوم الطيار بإبلاغ البرج، ولا يسمع عنه أي شيء مرة أخرى. شرع كل من خفر السواحل والسفن البحرية وطائرات القوات الجوية الأمريكية في البحث عن الطائرة المفقودة خلال الأيام القليلة التي تلت. لكن ما وجدوه أن البحار هادئة والرياح متوسطة تبلغ سرعتها 40 ميلاً في الساعة، وليس هناك أي أثر للطائرات المفقودة. استمر البحث لمدة خمسة أيام في منطقة تبلغ مساحتها ما يقرب من 250 ألف ميل مربع حول فلوريدا، في غرب المحيط الأطلسي وخليج المكسيك.
لم يعثر فريق البحث على بقايا واحدة من طياري السرب الخمسة وطائرة البحث المفقودة – لا بقعة زيت، ولا حطام، ولا جثث، ولا طاقم السرب الطائر المكون من 14 فرداً ولا أفراد طاقم فريق البحث المكون من 13 فرداً. وحتى بعد تحقيق مكثف أجرته البحرية الأمريكية بمشاركة العديد من المتخصصين، اعترفت لجنة التحقيق: “ليس لدينا أدنى فكرة عما حدث”.
كشف غموض الطائرات المفقودة
أغلقت قضية اختفاء الطائرات دون الوصول إلى شيء. وفي عام 1973، أي بعد ما يقرب من 30 عاماً من الاختفاء غير المبرر للرحلة 19 وطائرة الإنقاذ كذلك، تم الإعلان عن التسلسل الزمني المسجل بدقة لرحلة الدورية الفاشلة مرة أخرى[1]. وفي هذا العام نشر الكاتب الأمريكي تشارلز بيرلتز كتاباً بعنوان “مثلث التنين”[2]. أكد فيه أن الأمور ليست على ما يرام في مثلث برمودا، وأن هناك قوى سرية شريرة تعمل فيه. كما شرح فيه خطورة وغموض هذه المنطقة بعد أن فقد أكثر من 700 شخص حياتهم هناك بين عامي 1952 و1954.
قام المركز التاريخي البحري التابع للبحرية الأمريكية على الفور بمتابعة البحث الذي أجراه بيرلتز والذي يُزعم فيه أنه قدم عشرات الأدلة على القوى الشريرة في بحر سارجاسو. ومن هنا أعاد مايكل ماكدونيل، مؤرخ المتحف البحري، النظر في حالة الرحلة 19 بإلقاء نظرة فاحصة.
التحقيق من جديد
نشر ماكدونيل النتائج التي توصل إليها[3] في عدد يونيو من مجلة Naval Aviation News. ووضح أن الأمر يعتمد على من يروي القصة؟ وكيف يرويها؟ وأشار إلى أن الرحلة 19 كانت حادثاً مأساوياً، ولكنها ليست خارقة للطبيعة. كما اكتشف المؤرخ ماكدونيل في وثائق تقرير التحقيق الذي أجرته البحرية أن الطيارين لم يكونوا بأي حال من الأحوال – كما يتم تصويرهم في كثير من الأحيان – محاربين ذوي خبرة في القوات الجوية الأمريكية، بل كانت الرحلة 19 عبارة عن تدريب للطيارين الطلاب في القوات الجوية، وقائد الدورية فقط لديه بالفعل أكثر من 2500 ساعة من الخبرة في الطيران.
حقيقة ما حدث في مثلث برمودا
لقد تأخر المدرب الأصلي للرحلة 19، لذا كان لا بد من العثور على بديل بسرعة. وقد أفادت مصلحة الأرصاد الجوية أن “الطقس جيد حتى إشعار آخر” و “أن البحر “معتدل إلى عاصف”. وبعد ساعة ونصف من الإقلاع، تلقى البرج في قاعدة فورت لودرديل الجوية تقارير مشوشة من سرب الطيران. حيث أبلغ الطيارون عن مشاكل في البوصلات واعتقدوا أنهم يحلقون فوق فلوريدا كيز، وهي سلسلة جزر قبالة شبه جزيرة فلوريدا. وهذا يعني أنهم كانوا على الجانب الآخر من فلوريدا حيث كان من المفترض أن يكونوا، جنوب غرب فورت لودرديل وليس شرقها. ولم يكن لدى البرج أي فكرة عن مكان وجود الطيارين بالفعل. والآن حل الظلام وساء الطقس.
قرار قاتل
في الساعة 6:20 مساءً، التقط البرج رسالة من السرب مفادها:
ابقوا قريبين من بعضكم البعض.. إذا لم نرى الأرض، فسوف نضطر إلى النزول في الماء.. سننزل جميعاً معاً
بينما أبلغت الناقلة البريطانية فيسكونت إمباير التي كانت تتجه شمال شرق جزر الباهاما باتجاه فورت لودرديل عن أمواج عاصفة ورياح شديدة. الآن يجري تجهيز طائرتي بحث في قاعدة بانانا ريفر الجوية لمساعدة السرب بالوقود الكافي لرحلة مدتها 12 ساعة. وبعد ثلاث دقائق فقط من إقلاع طائرتي الإنقاذ، تأتي الإشارة الأخيرة من إحداهما، وتختفي من الرادار. بينما هبطت الطائرة الثانية بسلام في القاعدة الجوية المحلية.
بعد 20 دقيقة من آخر رسالة جاءت من طيار الإنقاذ المفقود، رأى قبطان الناقلة ” إس إس جاينز ميلز” التي كانت تبحر قبالة سواحل فلوريدا، انفجاراً في السماء. وبعد ذلك بوقت قصير تم العثور على آثار زيت في الماء في نفس المكان. ويبدو أن مشكلة اختفاء طائرة البحث قد تم حلها، فعلى الرغم من أن التدخين كان ممنوعاً بشكل صارم على متن الطائرة، إلا أنه من المعقول الافتراض أن شخصاً ما كان يدخن على متن طائرة الإنقاذ. وقد كان نوع هذه الطائرة معروفاً باسم “خزان الغاز الطائر”.
كان من الواضح أن قائد السرب أخطأ بشكل كبير في تقييمه لموقعه الحالي، بسبب البوصلات المكسورة في طائرة القبطان، ونقص التوجيه الزمني، وسوء تقديره الكارثي الذي جعله يعتقد بأنه كان فوق فلوريدا كيز على الرغم من أنه رأى شمال جزر البهاما. إن السرب بأكمله كان مشوشاً وضائعاً. يضاف إلى ذلك الظلام والطقس السيئ مع البحار العاصفة والرياح القوية. ومن المحتمل أن الأمر بالتخلي عن الطائرة بمجرد نفاد الوقود جعل الحكاية تنتهي بكارثة. يقول ماكدونيل:
رأى الطيارون السابقون الذين أجرينا مقابلات معهم أن مثل هذه الطائرة لن تنجو بالتأكيد من حادث تحطم إذا سقطت في البحار الهائجة.
اكتشافات كولومبوس الغريبة
لم يقتصر الأمر على هذه الحوادث فحسب، بل كانت موجودة منذ زمن بعيد، وبالتحديد في عصر كريستوفر كولومبوس. لقد كان كولومبوس أول من أبحر عبر بحر سارجاسو بثلاث سفن في عام 1492، وكانت سفنه محاطة بالأعشاب البحرية لأميال في منطقة شديدة الرياح. ظلت السفن عالقة لعدة أسابيع في منطقة مثلث برمودا. لكن لم يكن الطقس الشيء الوحيد الذي أثار قلق كولومبوس[4].
بوصلة مجنونة
في مساء يوم 13 سبتمبر 1492، سجل كولومبوس في سجله أن بوصلته لم تعد تشير إلى الشمال، بل نحو ست درجات إلى الشمال الشرقي. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ملاحظة مثل هذه الظاهرة. لم يخبر كولومبوس طاقمه بالسلوك الغريب للبوصلة، لأنه كان يخشى إثارة قلق طاقمه الذي يؤمن بالخرافات. لكن سرعان ما بدأت أحداث غريبة أخرى في الظهور.
لهب النار
كان كولومبوس يبحث مع طاقمه عن يابسة. وكانت هناك عدة إنذارات كاذبة في الأسابيع الأخيرة. ففي كل مرة تظهر علامات تشير إلى أن الساحل قريب، يجد الطاقم بحراً من الطحالب والأعشاب البحرية التي كافحت السفن حتى تعبرها. وفي يوم 11 أكتوبر حوالي الساعة العاشرة مساءً رأى كولومبوس ضوء لهب من بعيد. بدت عليه الريبة والاضطراب، وتخيل أنه بدأ يرى أشياء غريبة بالفعل. دعا أحد رجاله، وسأله عن الأضواء التي تظهر، ولكن لم يكن هناك أية أضواء، لقد اختفت ببساطة.
قرر كولومبوس عدم إخبار أي شخص آخر عن هذه الأضواء من أجل عدم إثارة قلق الطاقم ورفع الآمال اليائسة. ولكن بعد أربع ساعات، قدم إليه أحد أفراد الطاقم وأخبره بأن اليابسة على مدى البصر بالفعل، وهذه المرة لم يكن هناك شك. إنهم الآن أمام ساحل إحدى جزر البهاما. وفي الثاني عشر من أكتوبر وطأت أقدام كولومبوس وطاقمه العالم الجديد للمرة الأولى.
أسطورة مثلث برمودا
ترك كولومبوس سجلاً برحلاته وأحداثها. وفي العقود والقرون التي تلت رحلته الاستكشافية الأولى بدأت العديد من القصص والحكايات التي تدور حول مثلث برمودا المرعب. حيث لم يكن من السهل تفسير بعض الأحداث الغريبة التي حدثت معه حينها، ولكن مع تقدم العلوم أصبح من السهل تفسير هذه الأحداث الخارقة للطبيعة.
الطقس والشذوذ المغناطيسي
كانت سفن كولومبوس تبحر بين خطي العرض 25 و35 وقد أثار الهدوء الواضح للرياح قلق البحارة بشدة، وأذكى خرافاتهم. لكن ما لم يكن يعرفوه بعد أن هذه المياه تقع في منطقة التقارب بين المناطق الاستوائية، وهي عبارة عن منخفض يبلغ عرضه بضع مئات من الكيلومترات، حيث تلتقي الرياح التجارية التي تهب من الشمال والجنوب. هنا يرتفع الهواء، ويبرد في نفس الوقت ويفقد الرطوبة، والتي بدورها تتكثف في هطول الأمطار. وهذا يخلق منطقة ضغط عالي هادئة للغاية في الداخل. وعندما انحرفت بوصلة كولومبوس أثارت القلق لديه، ولم تكن إبرة البوصلة تشير مباشرة إلى القطب الشمالي أو إلى النجم القطبي، بل إلى القطب الشمالي المغناطيسي. وهي منطقة تقع حالياً بالقرب من جزيرة أمير ويلز، في منتصف الطريق بين خليج هدسون والقطب الشمالي الجغرافي.
هناك عدد قليل جداً من الأماكن على وجه الأرض حيث تشير البوصلة فعلياً إلى القطب الشمالي الجغرافي؛ وفي كل مكان تقريباً هناك انحرافات معينة – من بضع درجات إلى 180 درجة. هذه الانحرافات في مواقع معينة أصبحت الآن معروفة بشكل عام لكل من عليه التنقل بمساعدة القطب الشمالي من طيارين أو ربابنة سفن أو مغامرين على اختلاف أنواعهم. أما بالنسبة للضوء الذي رآه كولومبوس قبل وقت قصير من وصوله إلى الساحل، فمن المفترض أن يكون احتراق نيزك – وهو حدث مذهل في حد ذاته بالطبع، ولكنه ليس مخيفاً على الإطلاق.
حالات اختفاء السفن الغامضة
استطاع البعض تفسير الحالة الغامضة للرحلة 19 وملاحظات كولومبوس، إلا أن هناك العديد من الأساطير الأخرى المحيطة بمثلث برمودا والمرتبطة باختفاء عدد كبير من السفن والطائرات فجأة، لسبب غير مفهوم ودون ترك أي أثر.
أتالانتا (1880)
أتالانتا هي سفينة بريطانية انطلقت من جزر برمودا عائدة إلى وطنها عام 1880 وعلى متنها 290 بحاراً وضابطاً، لكنها لم تصل إلى إنجلترا أبداً. تكهنت صحيفة لندن تايمز لعدة أشهر حول سبب الاختفاء، ولكن في ذلك الوقت لم يكن هناك شك في أن مثلث برمودا نفسه يمكن أن يكون السبب. لم يكن من المفهوم لكل من الصحفيين والقراء أن سفينة بهذا الحجم يمكن أن تختفي ببساطة دون أثر. هل احترقت؟ أم جنحت على الشعاب المرجانية حول برمودا ثم غرقت؟ أم تعرضت لعاصفة واصطدمت بجبل جليدي؟
لم يصل أحد إلى تفسير معقول لاختفاء هذه السفينة، وربما شاهدت بعض السفن الأخرى حطام السفينة أتالانتا لكنها لم تعرف أن هذا الحطام يعود لهذه السفينة بالذات. أما الغريب في الأمر أن السفينة كان عليها أن تغطي 500 ميل فقط من رحلتها البالغة 3000 ميل بحري داخل مثلث برمودا، فلماذا غرقت في هذا المكان من بين جميع الأماكن الأخرى؟
ريفوكو مارو (1925)
إنه مثل الخنجر! قادم بسرعة. أحضروا حالاً، لم يعد بإمكاننا الهروب.
كانت هذه هي الرسالة الإذاعية المذعورة التي أرسلتها سفينة الشحن اليابانية “ريفوكو مارو” عبر شفرة مورس في أبريل 1925. إنها الكلمات الأخيرة التي تفوه بها اليابانيون الذين كانوا في طريقهم من بوسطن إلى هامبورغ ومعهم حمولة من القمح.
التقطت السفينة “هوميروس” الرسالة اللاسلكية، وهي سفينة تابعة لشركة وايت ستار لاين البريطانية. ثم هرع طاقمها لمساعدة سفينة الشحن اليابانية التي تعرضت لعاصفة، ولم يكن بوسع الطاقم إلا أن يشاهدوا السفينة اليابانية وهي تغرق في البحر بزاوية 30 درجة. شعر الطاقم بالأسف لعدم قدرتهم على إنقاذ الأرواح، وأبلغوا في النهاية عن غرق السفينة المنكوبة.
دخلت السفينة ريفوكو ماروا إلى أسطورة مثلث برمودا بسبب نداء الاستغاثة الغريب، وحتى يومنا هذا لم يتم توضيح ذلك. ربما كان الأمر ببساطة يتعلق بحقيقة أن عامل الراديو لم يكن يجيد اللغة الإنجليزية بشكل كامل، وقد أدلى طاقم السفينة هوميروس بشهادتهم بأنه لم تكن هناك قوى خارقة للطبيعة تلعب دورها في هذه الحادثة.
ليندا (1973)
ظهر كتاب بيرلتز حول الحالات المخيفة في مثلث برمودا في عام 1973. وفي خريف نفس العام أذيعت الأخبار في الراديو وفي العديد من الصحف في الولايات المتحدة وكندا بأن خفر السواحل قد أصدر أمراً بإيقاف جميع حركة المرور في مثلث برمودا بسبب المخاطر الموجودة في هذه المنطقة. فقبل بضعة أسابيع، تم العثور على قاربي صيد كوبيين محترقين وبدون طاقم. وبعد ذلك بوقت قصير، اختفت سفينة صيد أميركية تدعى “ليندا” دون أثر في المنطقة نفسها – قناة الباهاما القديمة شمال كوبا. ثم أصدرت إدارة حماية السواحل تحذيراً بأن المنطقة خطيرة ويجب تجنبها.
وبعد وقت قصير من تحذير الدفاع الساحلي، تقدمت مجموعة من القراصنة الكوبيين واعترفوا بالهجوم على قاربي الصيد. لقد قتلوا أحد الصيادين، وتم وضع الأحد عشر الباقين في قوارب النجاة، وقد تم إنقاذ هؤلاء بعد ذلك بوقت قصير. أما بالنسبة للسفينة الأمريكية ليندا وطاقمها فلقد احتجزت مع سفينة أخرى في كوبا، وأطلق سراحهما في نهاية أكتوبر من العام نفسه.
تفسير لغز مثلث برمودا
هناك العديد من النظريات المقترحة التي حاولت تفسير حقيقة مثلث برمودا والأحداث الغريبة التي يبدو أنها تكثر في هذه المنطقة. تتضمن بعض الفرضيات البديلة: الكائنات الفضائية، ومدينة أتلانتس المفقودة، ووحوش البحر، والانحناءات الزمنية، وحقول الجاذبية العكسية. كما اقترح باحثون آخرون وجود حالات شذوذ مغناطيسية أو ثورات ضخمة لغاز الميثان من قاع المحيط. لقد تحسن فهمنا لما يحدث في البحار والمحيطات في عصرنا الحالي، وبالتالي ظهرت التفسيرات العلمية لإزالة الغموض عن الأحداث الغريبة. ويعد أحد الأسباب التي تم بحثها مؤخراً حول سبب تعرض السفن في البحر المفتوح لخطر كبير وحتى غرقها هي هيدرات الميثان[5].
هيدرات الميثان في مثلث برمودا
تتكون هذه المظاهر الكيميائية الخاصة من الغاز والماء حيث توجد درجات حرارة منخفضة وضغط مرتفع. يتم ضغط الغاز والماء إلى مادة بلورية صلبة. تحدث الظروف اللازمة للسماح بتكوين هيدرات الغاز، على سبيل المثال، في المناطق دائمة التجمد، على عمق حوالي 200 إلى 1000 متر تحت سطح الأرض، أو على عمق 500 إلى 2000 متر في الرواسب الموجودة على المنحدرات القارية للمحيطات – مثل في بحيرة سارجاسو الغربية. ونظراً للكميات الكبيرة من الطحالب البنية، يوجد هنا ما يكفي من المواد العضوية التي يمكن أن تتحلل بكتيرياً أو حرارياً. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يتم بها إنتاج غاز الميثان، وهو الغاز الذي يشكل 90% من جميع رواسب هيدرات الغاز في جميع أنحاء العالم.
إذا تغيرت الظروف في رواسب هيدرات الغاز، فإن الرابطة الكيميائية لهيدرات الغاز تذوب. ويهرب الغاز الذي كان محاطاً سابقاً بجزيئات الهيدرات كما لو كان في قفص ويذوب في الماء المحيط. ومع ذلك، إذا تغير الضغط ودرجة الحرارة فجأة، على سبيل المثال بسبب زلزال بحري أو انفجار بركاني أو تحولات تكتونية، يحدث ما يسمى بالانفجار.
فقاعات فوارة من قاع المحيط
ثم فجأة ترتفع مليارات فقاعات الغاز من قاع البحر كما هو الحال في زجاجة صودا عملاقة. كثافة الفقاعة الصاعدة أقل بكثير من كثافة المياه المحيطة بها. ويعترف بيل ديلون، الجيولوجي في هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بأن هذا يمكن أن يؤدي أيضاً إلى غرق السفن. حيث يقول ديلون:
بالتأكيد، إذا ارتفع ما يكفي من الغاز ليشكل نوعاً من الرغوة، فستكون كثافته منخفضة للغاية بحيث تفقد السفينة قدرتها على الطفو وتغرق.
لكن في الوقت نفسه، يعتقد الجيولوجي أنه من غير المرجح أن تكون مثل هذه الانفجارات الغازية قد حدثت في مثلث برمودا خلال الـ 550 عاماً الماضية، أي منذ بداية الشحن البحري. ويعتقد أن الانهيار المفاجئ لهيدرات الغاز قد حدث بشكل متكرر في نهاية العصر الجليدي، عندما كانت مياه المحيطات محصورة في صفائح جليدية داخلية واسعة، وكانت مستويات سطح البحر أقل مما هي عليه اليوم. يقول ديلون:
لقد أدى هذا إلى تقليل الضغط على هيدرات الغاز الموجودة في قاع البحر وجعل حدوث ثوران الغاز أقل. لكن ذلك حدث منذ حوالي 15000 عام، عندما كانت سفن البشر الأكثر تطوراً لا تزال مجرد جذوع أشجار مجوفة.
الموجات المارقة
هناك ظاهرة بحرية أخرى يمكن ربطها بالحوادث في مثلث برمودا هي الموجات المارقة[6]. حيث يمكن لهذه الموجات العملاقة أن تصل إلى ارتفاعات تقدر بحوالي 40 متراً وتنشأ في ظل ظروف خاصة. يشير العلماء إلى أن بعض مناطق المحيطات مهيأة بشكل خاص لحدوث هذه الأمواج العاتية مثل خليج ألاسكا أو المنطقة الواقعة جنوب شرق اليابان، وبحر سارجاسو شرق فلوريدا – مثلث برمودا. أما أسباب الموجات الغريبة ليست مفهومة بالكامل بعد. لكن ما مؤكداً هو أن بعض تيارات المحيط المقترنة بموجات عاصفة من اتجاهات متعاكسة يمكن أن تساهم في “التأرجح” التدريجي للأمواج العملاقة. ومن الممكن أيضاً أن يكون تيار الخليج، الذي يتدفق عبر جزء من مثلث برمودا، سبباً لحوادث السفن المتكررة في هذه المنطقة.
لطالما كانت البحار والمحيطات أماكن غامضة للإنسان، وعندما يتعلق الأمر بالطقس السيئ أو سوء الملاحة، يمكن أن تكون هذه الأماكن مميتة. وهذا صحيح في جميع أنحاء العالم. لكن لا يوجد دليل على أن حالات الاختفاء الغامضة تحدث بوتيرة أكبر في مثلث برمودا أكثر من أي منطقة كبيرة أخرى في المحيط.
المراجع
[1] The Mysterious Disappearance of Flight 19.
[2] The Dragon’s Triangle by Charles Berlitz.
وما علاقة مثلث برمودا بالمسيح الدجال
تدور العديد من القصص حول علاقة المسيح الدجال بمثلث برمودا، ولكنها محض خرافات
هل يوجد مثلث برمودا اخر ام هذا هو الوحيد
هناك مثلث آخر في مقابل هذا المثلث يوجد في اليابان ويسمى مثلث برمودا أيضاً أو مثلث التنين
كان البشر ينسبون كل ما لم يستطيعوا تفسيره إلى قوة خارقة للطبيعة
كان يحدث ذلك في الماضي، أما الآن فلقد استطاع العلم أن يثبت الكثير من الظواهر الغامضة