الموت من الضحك: هل يمكن للضحك أن يكون قاتلاً؟

You are currently viewing الموت من الضحك: هل يمكن للضحك أن يكون قاتلاً؟
هل يمكن أن نموت من الضحك فعلاً

الموت من الضحك ليس طرفة، لقد سمعنا طوال حياتنا أكثر من مرة عبارة “مات من الضحك” عندما يواجه شخصاً ما موقفاً طريفاً أو قصة مضحكة قصت عليه. ويمكن أن يؤلمنا صدرنا عندما نضحك بشدة. ولكن هل من الممكن أن نموت من الضحك حرفياً، أم أنها مجرد أسطورة انتشرت عبر الزمن؟ دعونا نتعرف على بعض الحالات التي ماتت حرفياً من الضحك.

ومن الضحك ما قتل

أثبت العلم أن الضحك مفيد للصحة البدنية والعقلية، فهو يقلل من التوتر ويحسن الدورة الدموية ويساعد العضلات على الاسترخاء، وله آثار إيجابية على الرئتين والقلب. كما يساعد في السيطرة على أعراض الاكتئاب والقلق، ويحسن جهاز المناعة في الجسم، ويجعله يتعامل بشكل أفضل مع الألم. وقد وجدت إحدى الدراسات[1] أن الضحك لمدة تتراوح ما بين 10 إلى 15 دقيقة يومياً يمكن أن يحرق من 10 إلى 40 سعرة حرارية. لكن رغم كل ذلك يمكن للضحك أن يقتل أيضاً، فمن المحتمل جداً أن تموت من الضحك بسبب نوبة قلبية أو اختناق، وهناك سلسلة من الحالات التي تم الإبلاغ عنها عبر التاريخ.

الضحكة الأخيرة يسببها حمار

الموت من الضحك
الفيلسوف اليوناني كريسيبوس مات من الضحك بسبب حمار

يبدو أن أول شخص يموت من الضحك أعطى ضحكته الأخيرة عام 208 قبل الميلاد. إنه الفيلسوف الرواقي اليوناني كريسيبوس. يصف كتاب “حياة مشاهير الفلاسفة” الذي كتبه ديوجانس اللايرتي[2] اليوم الذي مات فيه الفيلسوف كريسيبوس. تقول القصة أن كريسيبوس شرع في احتساء النبيذ حتى وصل إلى مرحلة شديدة من السكر. وفي تلك اللحظة مر به حمار وبدأ الحمار يأكل التبن أمامه. ظل كريسيبوس يراقبه حتى انتهى، لكنه فقد السيطرة على انفعالاته، وصرخ في الحمار قائلاً:

“والآن أعط هذا الحمار كأساً من النبيذ النقي مع التبن”.

ثم أخذ يضحك بلا انقطاع حتى مات.

أفروديت عجوز شمطاء

زيوكسيس هو رسام يوناني عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، وهو أيضاً من الحالات الشهيرة المعروف عنها موتها من الضحك. تقول القصة أن امرأة عجوز طلبت من زيوكسيس رسمها بطريقة تبدو فيها وكأنها إلهة الحب اليونانية أفروديت. شرع الرسام في عمله، ولما انتهى من لوحته نظر إليها، وأدرك مدى سخافة وهزلية هذه اللوحة. فلقد صور إلهة الحب على لوحته وكأنها امرأة عجوز قبيحة. مما أدخله في نوبة من الضحك حتى سقط على الأرض ميتاً.

كاتب غريب الأطوار

قصص غريبة
الكاتب الإسكتلندي توماس أوركهارت

كان توماس أوركهارت[3] أرستقراطي إسكتلندي، عمل ككاتب ومترجم، ونشر العديد من الترجمات والأطروحات الرياضية. لكن حياته كانت غريبة بالفعل، فلقد كان يتهرب من دائنيه باستمرار حتى إنه ترك إسكتلندا بسبب ذلك. وعندما عاد ساعد تشارلز الثاني في استعادة العرش، وما إن تحقق له ذلك حتى استاء من إدارته الفاشلة وعدم كفاءته، مما أودى به إلى سجنه.

ضغط عليه أوليفر كرومويل السياسي والعسكري البارز خلال سجنه وجعله يكتب العديد من المنشورات الغريبة حول أصل عائلة أوركهارت منذ آدم وحواء وانحدارها من شخصيات معروفة في التاريخ. ادعى توماس أن جدته الكبرى رقم 109، هي التي اكتشفت الطفل موسى في نهر النيل. كما ادعى أن جدته السابعة والثمانين كانت ملكة سبأ.

أمر كرومويل في النهاية بإطلاق سراحه في عام 1653، مع مصادرة جميع ممتلكاته بما فيها مخطوطاته. وكان عليه أيضاً مغادرة بريطانيا. تنازل تشارلز الثاني عن العرش بعد هزيمة مدوية، وابتهج توماس لهذا الخبر، لكنه توفي في عام 1660 في نوبة من الضحك المجنون، عندما سمع أن تشارلز الثاني قد تولى عرش إنجلترا مجدداً.

عندما بدأ العرض المسرحي

أرادت الأرملة الإنجليزية السيدة فيتزهيربرت في عام 1782، الذهاب إلى دار الأوبرا لمشاهدة أحد العروض المسرحية. كان بطل العرض واحد من الفنانين المشاهير التي تفضل مشاهدة أعمالهم. ذهبت السيدة إلى هناك واتخذت مقعدها ليبدأ العرض. وعندما خرج الممثل الشهير على جمهوره وهو يرتدي ملابس النساء انغمس الجمهور بأكمله في ضحك صاخب. وبعد لحظات توقف الجمهور عن الضحك ليتابع العرض، لكن السيدة فيتزهيربرت لم تستطع كبت ضحكتها، وظلت تضحك باستمرار. فما كان من إدارة المسرح إلا إجبارها على المغادرة قبل نهاية العرض.

غادرت السيدة القاعة، وعادت إلى منزلها وهي لا تزال تضحك. واستمرت نوبة الضحك هذه لمدة يومين. حيث لم تستطع إبعاد هذه الشخصية التي رأتها عن ذاكرتها. وانتهى بها الحال ميتة على إثر هذه الحالة الهيستيرية من الضحك.

ما فعله التضخم

الموت من الضحك
آرثر كوبكروفت مات من الضحك بعد معرفة ما فعله التضخم بأسعار السلع

كان لدى الأسترالي آرثر كوبكروفت[4] شغفاً بمتابعة أسعار السلع في الجريدة اليومية. وكان أمراً طبيعياً بالنسبة له، لكن في عام 1920، وقعت بين يديه جريدة من عام 1915، أي قبل خمسة أعوام من يومه الحاضر. وعندما نظر في الفرق الهائل بين أسعار السلع في ذلك العام وبين الوقت الحالي بسبب التضخم انتابته نوبة من الضحك. أخبر زوجته عن هذا الأمر فضحكت هي الأخرى، وما هي إلا لحظات حتى انفجر آرثر في الضحك مرة أخرى. ولم يستطع أن يتوقف، حتى انهار في النهاية ومات. وقد أشارت التحقيقات بعد فحص الجثة أن سبب الوفاة كان نتيجة لنوبة قلبية ناجمة عن الضحك المفرط. وكان عمره حينها 54 عاماً.

متلازمة كيو تي الطويلة

كان أليكس ميتشل وزوجته يشاهدان المسلسل الكوميدي المفضل لديهما The Goodies. وخلال أحد المشاهد انتاب السيد أليكس نوبة من الضحك المتواصل لمدة نصف ساعة ثم أصيب بنوبة قلبية بعدها ومات. ويعتقد أن ميتشل كان يعاني من متلازمة كيو تي الطويلة، وهي عبارة عن اضطراب وراثي أو حالة غير طبيعية تؤثر على النظام الكهربائي للقلب. لكن الغريب في الأمر أن زوجته أرسلت رسالة إلى العاملين على هذا المسلسل لتشكرهم على جعل لحظات زوجها الأخيرة سعيدة للغاية[5].

هل يمكن الموت من الضحك فعلاً؟

ماذا يقول العلم عن الموت من الضحك
هل الموت من الضحك حقيقة؟

من المتعارف عليه علمياً أن للضحك العديد من الآثار المفيدة للجسم. حيث يزيد من تدفق الدم، كما يقلل من التوتر والقلق. لكنه أيضاً رد فعل لا إرادي وعنيف، وأي وظيفة جسدية عنيفة يمكن أن يكون لها عواقب سلبية خطيرة يمكن أن تصل في النهاية إلى الموت. على سبيل المثال، الكثير منا قد تعرض للضحك من وقت لآخر بشدة لدرجة أننا كافحنا من أجل التنفس. فإذا استمر هذا النوع من الضحك الذي لا يمكن السيطرة عليه لفترة كافية، فمن الناحية النظرية، يمكن أن يحرم الجسم من الأكسجين الكافي مما يؤدي إلى قتلك بالاختناق.

يشير العلماء إلى أن الضحك لفترات طويلة دون انقطاع يمكن أن يسبب اختلالات جسدية، مما يضاعف الضغط داخل الصدر[6]. هذا التوتر الزائد في الأوعية الدموية يمكن أن يؤدي إلى تمزقها وبالتالي للموت. يمكن كذلك لبعض الأدوية أن تساهم في عدم انتظام ضربات القلب، وربما تساهم نوبة من الضحك غير المقيد والمطول في الموت حرفياً من الضحك.

الضحك أفضل ترياق للسعادة

إذا نظرنا إلى معظم حالات الموت من الضحك سنجد أن هؤلاء الذين ماتوا كانوا يعانون من مشاكل طبية مثل أمراض القلب التي لعبت دوراً مهماً في هذا الموت. لذا فمن غير المرجح أن يضحك الشخص السليم حتى الموت. هذا على الرغم من أنه يمكنك أن تموت من الضحك مثلما تموت من غسيل أسنانك بالفرشاة، فليس هذا سبب الوفاة على الإطلاق.

خلال الضحك يتم تحريك حوالي 200 عضلة مختلفة في الجسم، ويزداد النبض، ويصبح التنفس أسرع ويتجمع الدم في الدماغ لأن الضغط يتراكم في الصدر. ونتيجة لذلك، نحصل على وجه أحمر اللون. ومع ذلك، لا يمكن أن تحدث الإصابات الداخلية نتيجة هذا المستوى العالي من الإجهاد. فعندما تعطس، يهتز الجسم بشكل أكثر عنفاً. حتى بالنسبة لمرضى القلب، فإن تسارع النبض لا يمثل مشكلة. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يتخذ المرضى وضعاً وقائياً لتجنب الألم من الحركات غير الضرورية: فإذا كنت قد أجريت للتو عملية استئصال للزائدة الدودية، فأنت أقل استعداداً للضحك على النكات.

الضحك في حد ذاته لا يمكن أن يقتلنا، فهو أفضل ترياق للصحة الجسدية والنفسية، إذ يولّد كمية كبيرة من الإندروفين – أحد هرمونات السعادة – التي تقوي جهاز المناعة وتحد من التوتر. ويؤكد العلم أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو إذا لم تعد قادراً على الضحك. ولكن إذا كنت تعاني من أمراض معينة، فإن آثارها يمكن أن تسبب ضرراً لا يمكن إصلاحه للجسم، بما في ذلك الموت.

المراجع

[1] The Laughter Prescription.

[2] The Lives and Opinions of Eminent Philosophers.

[3] The curious case of Thomas Urquhart.

[4] 18 Oct 1920 – DIED OF LAUGHTER. – Trove.

[5] BEST MEDICINE 8 bizarre cases of people who have laughed themselves to death.

[6] Consequences of Laughter Upon Trunk Compression and Cortical Activation: Linear and Polynomial Relations.

This Post Has 2 Comments

  1. غير معروف

    سبحان الله الضحك يقوي المناعة وفي نفس الوقت يقتل لأنه فعلا كل ما زاد عن الحد انقلب الضد.

    1. وائل الشيمي

      لكن الموت من الضحك ليس له وجود، ومعظم الحالات التي ماتت منه كانت تعاني من أمراض معينة

اترك تعليقاً