فن

مراجعة فيلم Riders of Justice: مزيج غريب يتحدى جميع التوقعات

فيلم Riders of Justice هو مزيج مبهج من الكوميديا الدنماركية السوداء التي لا تشبه أي فيلم إثارة وانتقام يمكن أن تكون رأيته من قبل. في هذا المقال نتناول مراجعة فيلم Riders of Justice بشيء من التفصيل.

قصة فيلم Riders of Justice

تدور أحداث الفيلم حول ماركوس – مادس ميكلسن – الجندي الذي تم استدعاؤه من أفغانستان بعد أن توفيت زوجته في حادث قطار، وتركت ابنته المراهقة ماتيلدا تعاني من الصدمة بمفردها. بعد عودته يكافح ماركوس من أجل إعادة التواصل مع ابنته. لكنه يفشل في كثير من الأحيان نظراً للطبيعة العنيفة والفظة التي اكتسبها عبر عمله كجندي. تحاول ماتيلدا أن تقنعه بالذهاب إلى طبيب نفسي لكنه يرفض هذا الأمر بشدة.

على الجانب الأخر من القصة نجد ثلاثة من الأكاديميين الإحصائيين الذي يدرسون علم تحليل البيانات قد قرروا أن حادث القطار لم يكن من قبيل الصدفة وإنه جريمة مدبرة. كان أوتو – نيكولاج لي كاس – متواجداً في القطار أثناء الحادث، وترك مقعده لزوجة ماركوس مما أدى إلى موتها. لذا فهو يشعر بتأنيب الضمير وبعد أن علم أن الحادث مدبر انطلق إلى الشرطة ليخبرهم بما لديه، لكن الشرطة لم تصدقه.

أما أوتو فلقد فقد وظيفته كعالم رياضيات، ولا يؤمن بالصدفة. والخوارزمية التي طورها والتي تستند على حساب الاحتمالات لا تترك مجالاً للشك في أن حادث القطار كان محاولة اغتيال، قام بها أفراد عصابة خطيرة لاغتيال أحد الذين من المفترض أن يشهدوا ضد رئيس العصابة المسجون. وعلى الرغم من دقة أرقام أوتو إلى أن الشرطة لم تهتم بنظريات المؤامرة.  

حادث أم محاولة اغتيال

من هنا يذهب أوتو مع صديقيه لينارت – لارس بريجمان – وايمنتالر – نيكولاس برو – إلى ماركوس ليخبروه بأن حادث القطار لم يكن سوى محاولة اغتيال مدبرة بعناية من قبل رئيس عصابة خطيرة. بينما لم يمض وقت طويل عليهم حتى وضعوا خطة لتعقب وقتل أكبر عدد ممكن من أعضاء هذه العصابة للانتقام من الأبرياء الذين أصيبوا وماتوا في حادث القطار.

تزداد الأمور تعقيداً عندما تكتشف ماتيلدا هؤلاء الرجال الذين يجتمعون في حظيرة المنزل مع والدها. لذا أخبرها ماركوس أن لينارت وايمنتالر هما معالجان نفسيان. وإنه يجتمع معهما في جلسات علاجية، وأنه قد وافقها أخيراً على المثول للعلاج. لقد كان من الواضح أن جميع هؤلاء يعانون بصورة أو بأخرى من أمراض نفسية معقدة. فهم غريبي الأطوار بشكل لا يمكن تصديقه.

تبدأ المجموعة في تعقب العصابة، ومن هنا تأتي عمليات القتل لأكبر عدد من أعضاءها. حتى نصل في النهاية إلى مفاجأة مدوية وهي أن ماركوس قتل في البداية الشخص الخطأ وأن نظرية الأرقام التي وضعها أوتو لم تكن صحيحة، لكنهم قتلوا على أية حال. ولكن لم ينتهي الأمر على هذا الحد، بل اجتمعت العصابة تحت قيادة رئيسها وانطلق إلى منزل ماركوس من أجل قتله للانتقام. وفي المنزل دارت معركة كبيرة بالأسلحة النارية أودت بحياة جميع أفراد العصابة وأصيب ماركوس وابنته.

اقرأ أيضًا: فيلم 1917: تجربة مذهلة تتبخر من عقلك بعد وقت قصير من رؤيتها

مراجعة فيلم Riders of Justice

فيلم Riders of Justice عبارة عن مزيج غير متوقع من الموضوعات والأفكار التي تفسد تماماً أي أفكار مسبقة لقصة الانتقام التقليدية. حيث يبدو أن جميع الشخصيات الرئيسية في الفيلم يصنعون فيلماً من نوع مختلف. فماركوس هو المنتقم التقليدي ذو الوجه الحجري، الذي يمارس العنف الشديد على غرار ليام نيسون أو دينزل واشنطن. وقصة ماتيلدا هي قصة دراما عائلية كئيبة. وفي الوقت نفسه، فإن العلماء المنبوذين الثلاثة هم كوميديا ​​عبثية خالصة، يتشاجرون باستمرار ويضعون أنفسهم في مواقف غريبة.

قد يصاب أي شخص يشاهد قصة جون ويك عن الانتقام الدموي بخيبة أمل بعض الشيء. لأن فيلم Riders of Justice يتحدى بشكل مفاجئ جميع التوقعات بالنسبة لهذا النوع. فهو فيلم مؤثر يستكشف آثار الحزن والصدمة. كما إنه مضحك بشكل رائع في بعض الأحيان.

موضوعات مثيرة للاهتمام

مع موضوعات مثير للاهتمام من حساب الاحتمالات ونظرية الفوضى مقابل القدر والصدفة التي ترسيخ السرد المركزي، فإن هذا الفيلم هو فيلم متعدد الطبقات بشكل مثير للإعجاب. وفي حين أنه مليء بالكوميديا ​​السوداء واللحظات الأكثر إثارة للمشاعر. إلا أن هناك أيضاً عدداً من تسلسلات الحركة المصممة بشكل خيالي والتي يمكن بالتأكيد أن تضع ميكلسن في مكانة رائدة لأفلام الحركة. تؤدي الأحداث إلى ذروة متوترة ومثيرة بشكل خاص مع تسلسل إطلاق النار الذي يذكرنا بالغربيين القدامى. وعلى الرغم من العنف الصارخ والوحشي إلا إنه يبدو واقعياً جداً.

نظرية الفراشة

هناك فراشة ترفرف بجناحيها في غابات الأمازون المطيرة وتسبب إعصاراً يجتاح الولايات المتحدة. هذه هي نظرية الفراشة التي قامت عليها فكرة الفيلم. فقد يؤدي أي حدث صغير إلى حدوث كارثة. لذا كان افتراض ماتيلدا أن سرقة دراجتها هي التي تسببت بشكل غير مباشر في وفاة والدتها. لكنها رغم تدوين الأسباب المحتملة لحادث القطار المأساوي لم تصل إلى نتيجة.

تدور فكرة الفيلم الرئيسية على احتمالات السبب والنتيجة؛ حول كيفية ارتباط أشياء معينة ببعضها البعض والاحتمالات التي يمكن توقعها. وهذه الفكرة هي جزء لا يتجزأ من كوميديا ​​مريرة ومليئة بالإثارة أحياناً، هذا بالإضافة إلى دراما تضم شخصيات محطمة عاطفياً ونفسياً. لقد صنع كاتب السيناريو والمخرج أندرس توماس جنسن شهرة عالمية من خلال القصص العميقة الثرية بالكثير من الكوميديا السوداء فهي علامته التجارية. وهي علامة تجارية لا يزال متمسكاً بها في أعماله الأخيرة، على الرغم من أن قصته هذه المرة أكثر دراماتيكية. حيث أصبحت الشخصيات في المقام الأول هي التي تعطي الفيلم سماته الفكاهية. فكل الشخصيات التي تكافح مع شياطينها. وتسلط الضوء على دوافع هؤلاء الأبطال. ولأنه يفعل ذلك بطريقة رصينة، فإن الصدمة التي يتعين على أبطال الرواية التعايش معها مخيفة للغاية. مع طاقم الممثلين البارزين، الذي يمثل صفوة الممثلين الدنماركيين، والسيناريو المثير، وعمل الكاميرا الممتاز والموسيقى السينمائية المثالية، يقدم جنسن فيلماً أكثر من رائع.

الشخصيات

إن جميع الشخصيات في هذه المجموعة غير المتكافئة، أصيبوا بصدمة شديدة. لكن لينارت هو الوحيد الذي يعترف بهذا علانية عندما يقول بفخر أنه تلقى أكثر من 4000 ساعة من العلاج. هذه المجموعة المكونة من أربع شخصيات تنظر إلى أن المأساة من صنع الإنسان، وأن كل ما يحدث هو نتيجة لما نفعله بأنفسنا وبالآخرين، وقد قام المخرج أندرس توماس جنسن بذلك بطريقة فكاهية مدهشة، حيث يقارن المأساة بالعبثية، وقد أصبحت الشخصيات الثلاثة مثالاً على ذلك ونرى ذلك في الطريقة التي يعاملون بها بعضهم البعض.

إن ديناميكيات الشخصيات فيما بينهم ملحوظة وربما تكون الدعابة جافة جداً في كثير من الأحيان. وعلى الجانب الآخر نجد أن مادس ميكلسن قد تألق وسط هذه المجموعة عبر أداءه الهادئ والمغلق، فهو صورة لرجل قد استهلكه الحزن واليأس حتى انفجر في النهاية. كل هذه الشخصيات تضفي على القصة ثقلاً عاطفياً. مما يجعل فيلم Riders of Justice ينبض بالروح، فهو يستكشف الحزن بطرق متعددة الأوجه وقد ساهم طاقم العمل بأكمله في خلق قصة حلوة ومرة في الوقت ذاته.


في الختام وبعد مراجعة فيلم Riders of Justice لابد من التنويه إلى إنه أحد أفضل أفلام الأكشن الرائعة التي تستحق المشاهدة، فهو فيلم إثارة انتقامي دنماركي ملتوي ومؤثر لمحبي هذا النوع من السينما.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!