كتب رينيه ديكارت قائلاً: “الشك هو أصل الحكمة” وهذه العبارة تشير إلى حقيقة واضحة، وهي أننا إذا لم نشك لن نصل إلى المعرفة، ولن نصل للمعرفة دون أن نطرح الأسئلة. وقد طرح الإنسان العديد من الأسئلة منذ وجوده على الأرض، أجاب على بعضها واستعصى عليه الإجابة على الأخرى، وهذه الأخيرة يصعب الإجابة عليها بالفعل، وتتطلب الكثير من البحث والتفكير. في المقال التالي نستعرض أهم الأسئلة الفلسفية العميقة التي لم يستطع أحد حتى الآن أن يقدم لها إجابة شافية على الرغم من المحاولات الجمة.
هل لدينا إرادة حرة؟
يقول جان جاك روسو: “يولد الإنسان حراً، ولكنه مقيد بالسلاسل من كل جانب”. هذه العبارة تقودنا إلى معضلة الحتمية والإرادة الحرة، فنحن جميعاً نقدر قيمة الحرية وربما يشعر الغالبية العظمى من الناس بأنهم أحرار وبإمكانهم عيش حياتهم واتخاذ قراراتهم كما يحلو لهم. ولكن هل هذا الأمر حقيقي بالفعل؟ يتوقف سلوك المرء على العديد من العوامل مثل النشأة والبيئة والأعراف والقوانين والعادات والتقاليد، كذلك يشير علم الأحياء إلى وجود جينات تؤثر في بعض سلوكيات الإنسان. إذن كل هذه العوامل يمكنها منعنا من فعل ما نريده.
هل العالم موجود حقاً؟
واحد من الأسئلة الفلسفية العميقة التي ليس لها إجابة. يمكن أن يبدو هذا السؤال غريباً أو ساذجاً، لكن الحقيقة أنه لا توجد أي طريقة تؤكد وجود العالم بالفعل. تخبرنا حواسنا إلى أن العالم موجود، ولكن كيف نعرف أن كل ما نراه ونشعر به ونعيشه في هذا العالم ليس أكثر من مجرد خيالات صنعتها أذهاننا، أو أننا مجرد دمى متحركة في ذهن كائن آخر. لا يوجد طريقة حاسمة يمكن من خلال تأكيد هذا الأمر.
كيف تكونت الحياة؟
تتكون أجسادنا من المادة، مثل أي شيء آخر على وجه الأرض، لكن ما يجعلنا على قيد الحياة لا يزال لغزاً لم يستطع العلم كشف أسراره. يمكننا تخمين الظروف التي تشكلت فيها الحياة على كوكب الأرض، بل يمكننا إعادة تلك الظروف لخلق بعض الخلايا الحية، ولكن مازلنا لا نعرف ما سبب نشوء الحياة وكيف انتظمت بهذه الطريقة.
اقرأ أيضًا: 5 تمارين فلسفية لتنشيط ملكة الفكر |
هل يمكن أن نكون موضوعيين؟
ربما يجيب الكثير من البشر بسرعة على هذا السؤال بنعم، لكن الحقيقة عكس ذلك تماماً، فهناك تحيزات أكثر بكثير مما يبدو، والعديد منها لا ندركه بالفعل. بإمكان البعض تجريد أنفسهم وتنحية معتقداتهم وتحيزاتهم جانباً في بعض الأحيان، ولكن هل الموضوعية الكاملة ممكنة؟ إن تصورنا محكوم بقيمنا ومعتقداتنا وتوقعاتنا ورغباتنا ومصالحنا الشخصية، ولا يمكنك أن تفكر في موضوع ما على مستوى خارج الوعي الذي يتكون من كل هذه الأمور.
هل الله موجود؟
يعتقد الملحدون أن الله غير موجود منطقياً، أما المؤمنون فهم يؤمنون بوجوده، وهناك اللاأدريون الذين يعترفون بجهلهم وعدم قدرتهم على الإجابة على هذا السؤال. لم يجد العلم أي دليل على وجود الله، وكذلك لا وجود لدليل على نفي وجوده. وكل الأمر يتعلق بالإيمان والمعتقد الخاص بكل شخص. لذا ليس من السهل وضع إجابة جازمة على مثل هذا السؤال.
هل هناك خير وشر؟
حاول الإنسان منذ وجوده على هذه الأرض أن يقسم الأفعال والمواقف إلى جيدة وسيئة، لتقييم ما يحدث له وتأثير هذه الأفعال والمواقف على ذاته وعلى الآخرين. لذا يمكن اعتبار أن الأخلاق هي شيء ذاتي، فكل شخص يمكن أن يرى الموقف بشكل مختلف عن الآخر، وما يمكن أن يكون سيئاً لشخص ما قد يكون جيداً لشخص آخر. أو ببساطة يمكن القول كما في المثل الدارج: “مصائب قوم عند قوم فوائد”.
اقرأ أيضًا: فلسفة القطط والبحث عن المعنى في الحياة |
هل الإنسان خير بطبعه أم شرير؟
لم يأت الإنسان إلى هذا العالم بكتاب تعليمات يخبره كيف يتصرف بطريقة صحيحة. فهل نحن طيبون أم سيئون بطبيعتنا؟ هذا هو السؤال الأساسي في فلسفة الشر، ولم يصل أحد إلى إجابة عليه، يقول العلماء أن البيئة تؤثر في سلوكيات الإنسان بشكل كبير، وكذلك علم الوراثة، ومن الناحية المنطقية تلعب البيئة دوراً هاماً في قرارات الإنسان وسلوكياته، حيث يمكننا رؤية البعض يمكنه أن يضحي بنفسه من أجل قضية إنسانية، في حين يمكننا أن نجد البعض لديهم القدرة على قتل الأبرياء بدم بارد. لذا فهذا السؤال بلا شك من أصعب الأسئلة الفلسفية العميقة التي لم نصل لها إلى إجابة.
كيف نكون سعداء؟
لقد سألنا جميعاً أنفسنا هذا السؤال في مرحلة ما من حياتنا، فهو من الأسئلة الفلسفية العميقة، وبدون أدنى شك، هناك العديد من الفلاسفة والعلماء الذين اهتموا بالإجابة عليه. فما هي السعادة؟ وهل للسعادة نفس المعنى في مجتمع الرفاهية كما في أوقات الحروب؟ في واقع الأمر لا يمكننا الجزم بإجابة صحيحة على هذا السؤال، فهناك مجموعة متنوعة من المتغيرات والـتأثيرات التي تتغير من شخص لآخر. وكل هذا يتوقف على الشخص، ومفهومه للسعادة، ومعتقداته وقيمه، من بين جوانب أخرى.
هل القدر موجود أم أننا نخلقه بأفعالنا؟
هذا السؤال مثير للجدل وقد أدى إلى مناقشات فلسفية متعددة عبر التاريخ. فمن ناحية، هناك من يؤمن بأن كل شيء مكتوب وأن ما سيحدث سيكون بغض النظر عما نفعله. يرى آخرون أنه لا يوجد شيء محدد سلفاً وأن كل شيء يعتمد على الأفعال التي نقوم بها. يمكننا أيضاً إيجاد معتقدات وسيطة.
اقرأ أيضًا: حكايات زانثيبي: زوجة سقراط سليطة اللسان |
هل الأفضل أن تكون إنساناً غير راضٍ أم خنزير راضي؟
هذا السؤال من الأسئلة الفلسفية العميقة طرحه جون ستيوارت ميل حول ما إذا كان من الأفضل البقاء في الجهل مع أن نكون سعداء ونكتفي بما لدينا وما نعرفه بالفعل، أو ما إذا كان من الأفضل التحقيق والتأمل والتعرف على العالم حتى لو جعلنا نرى الحقائق التي تجعلنا غير سعداء. لكن يجب أن نضع في اعتبارنا قبل محاولة الإجابة على هذا السؤال أن شيئاً واحداً لا يزيل الآخر. حيث يمكننا أن نشعر بالبؤس دون معرفة ما يحدث في العالم أو أن نكون سعداء للغاية لكوننا اكتسبنا الحكمة وعرفنا كيف يعمل العالم.
كيف نشأ الكون؟
لا يزال أصل الكون غير معروف حتى اليوم، على الرغم من وجود العديد من النظريات العلمية والمحاولات الفلسفية التي تحاول الوصول إلى إجابة شافية. وتعتبر نظرية الانفجار العظيم واحدة من أكثر النظريات قبولاً على المستوى العلمي، إلا أنها لا تزال نظرية لا يمكن إثباتها بشكل كامل. ومع ذلك، فإن الإيمان بهذه النظرية يثير العديد من الأسئلة الأخرى التي لم نصل فيها إلى إجابة بعد، على سبيل المثال، ماذا كان هناك قبل الانفجار العظيم؟ لماذا يوجد شيء بدلاً من لا شيء؟
ما هو الموت؟ وهل هناك حياة بعد الموت؟
سؤال من الأسئلة الفلسفية العميقة والمعقدة التي يجيب عليها الكثيرون ب “فقدان المرء لحياته” أو من منظور ديني باعتباره المرور إلى حياة أخرى أو تناسخ آخر أو واقع آخر على حسب اعتقادات كل شخص. لكن كل هذه الأمور لا تحدد ما هو الموت حقاً أو ما يستتبعه. وهذا ما يقودنا إلى سؤال آخر ليس له إجابة جازمة وهو: هل هناك حياة بعد الموت؟ لم يمت أحد وعاد إلى الحياة مرة أخرى ليخبرنا بما وجد، هذا على الرغم من وجود حالات تخبرنا عن تجارب الاقتراب من الموت. لا يوجد دليل على أن أرواحنا تسكن بعد الموت في “الفردوس” أو في عالم أفضل. لكن يجب القول أيضاً إن العكس لم يثبت. أثار هذا السؤال اهتمام بعض الفلاسفة الذين جادلوا بأن هناك شيئاً ما بعد الموت. لكن ما هو هذا الشيء؟ من الصعب الإجابة عليه.
اقرأ أيضًا: ديوجانس الكلبي: حكايات أشهر ساخر في التاريخ |
لماذا نحلم؟
الأحلام شيء فريد يظهر في كل من البشر وبعض الأنواع الأخرى من الحيوانات. لكن لماذا نحلم؟ وهل أحلامنا لها معنى؟ هذه أسئلة أنتجت نظريات متعددة مثل نظرية التحليل النفسي، والإدراك وغيرها من النظريات، لكن لم يصل أحد إلى الإجابة على هذا السؤال بعد.
من أنا؟
سؤال فلسفي عميق بدون إجابة سهلة. يجيب عليه البعض بالإشارة إلى صفاتهم وطريقتهم في الوجود. لكن ماذا يعني أن تكون أنا؟ وما الذي يجعلني مختلفاً عما يحيط بي؟
هل يمكن زيادة مستوى الذكاء لدى الشخص؟
هذا السؤال من الأسئلة الفلسفية العميقة، الإجابة السهلة هي نعم، يمكن ذلك من خلال اكتساب المزيد من المعرفة والتدريب لاكتساب المهارات المختلفة في الحياة، لكن ليس ذلك المقصود بالسؤال، حيث نعني بذلك القدرة الفكرية الأساسية للشخص، المعروفة باسم الذكاء السائل والمتبلور وهي القدرة على حل المشكلات بطريقة منطقية بعيداً عن المعارف المكتسبة. لم يستطع أحد الإجابة على مثل هذا السؤال بعد.
اقرأ أيضًا: كيف كانت حياة أذكى شخص في التاريخ؟ |
هل هناك حدود للبشر؟
يعتبر معظم الناس أن هناك أشياء يمكنهم القيام بها بصورة طبيعية، وأشياء يمكنهم القيام بها من خلال التدريب، وأشياء يستحيل القيام بها مطلقاً. لكن هل الحدود موجودة بالفعل أم أننا ببساطة لم نجد طريقة لتخطيها؟ فيما مضى من الزمان لم يعتقد البعض أن بإمكان الإنسان الطيران أو السفر إلى الفضاء أو علاج بعض الأمراض، ومع ذلك تحقق ذلك، فهل هناك حدود فعلاً؟
هل العدالة موجودة في العالم؟
إن فكرة وجود عدالة كونية تقتضي بأن يحصل كل فرد في النهاية على ما يستحقه، هي أمر شائع لدى عدد كبير من الناس. لكن هناك أيضاً من يعتقد العكس تماماً فنجدهم ينظرون إلى العدالة على أنها مجرد مفهوم ديني أو فلسفي. فإذا ألقينا نظرة حولنا فسوف ندرك أن الحياة ليست عادلة. فالفظائع هي النظام اليومي في أجزاء مختلفة من العالم، وتختلف طريقة الحكم على الناس وفقاً للثقافة. تقودنا هذه النقطة إلى التفكير فيما هو أفضل نظام أخلاقي، وفي الواقع، من الصعب للغاية التمييز بين الخير والشر. قد يجادل بعض الناس بقوة بأن العنف دائماً غير مبرر. لكن ماذا يفعل الفرد في أوقات الحرب أو إذا هاجم شخص أسرتك؟
هل هناك حياة على كواكب أخرى؟
السؤال الذي طرحه كل من الفلاسفة والعلماء هو ما إذا كانت هناك حياة في أماكن أخرى غير كوكبنا. يدعي بعض الناس أنهم شاهدوا أطباقاً طائرة، وآخرون قد اختطفتهم الكائنات الفضائية، على الرغم من عدم وجود دليل على حدوث ذلك. لكن إذا التزمنا بالتفكير المنطقي والإحصائي، يبدو أنه من غير المعقول أنه لا يوجد نوع آخر من الحياة بالنظر إلى لانهائية المجرات والكواكب. ومع ذلك، يمكن القول أيضاً أن حقيقة عدم زيارة كائنات فضائية لنا قد تكون مؤشراً على أن الحياة على الكواكب الأخرى قد تكون نادرة أو غير موجودة. أو على الأقل لم تتطور بما فيه الكفاية. بغض النظر عما إذا كان الفضائيون قد وطأت أقدامهم الأرض أم لا، هل هناك حياة في مناطق أخرى من الكون؟ ما زلنا لا نملك إجابة على هذا السؤال، لكن بالتأكيد سيستمر الإنسان في البحث عن شكل من أشكال الحياة خارج كوكبنا.
اقرأ أيضًا: هل تعلم ما هي أطرف نكتة في العالم؟ |
هل يمكننا أن نعرف بالضبط كم سنعيش؟
حتى يومنا هذا، لا يمكننا إعطاء إجابة على هذا السؤال. يمكننا تقديم تكهن تقريبي بناءً على متوسط العمر المتوقع. لكننا لا نعرف ما إذا كنا سنعاني من أمراض أو سنواجه نوعاً من الحوادث في مرحلة ما.
لماذا نرغب في إنجاب أطفال؟
من الصعب تفسير منطق الفرد في رغبته في إنجاب الأطفال، فهو أمر يتضمن الكثير من التضحيات والكثير من الأموال، وهو في الوقت نفسه أمر شائع بصورة كبيرة في جميع الطبقات الاجتماعية. تجيب الأديان على هذا السؤال من أجل عمارة الأرض، ولكنها لم تذكر السبب وراء ذلك، وربما يبحث الفرد على الخلود من خلال حرصه على وجود نسخة أصغر من نفسه، لكن لا أحد استطاع الإجابة على هذا السؤال بصورة شافية.