فيلم Revolutionary Road: عن الحياة التي نعيشها والحياة التي نريدها

You are currently viewing فيلم Revolutionary Road: عن الحياة التي نعيشها والحياة التي نريدها
تحليل فيلم "الطريق الثوري" لسام مينديز

يقدم لنا فيلم Revolutionary Road للمخرج الأمريكي سام مينديز حكاية مروعة ومتشائمة ومفجعة للقلب ستترك بقايا مريرة بعد مشاهدتها. لقد أخرج لنا فيلماً ممتازاً مُطعم بأداء استثنائي لكيت وينسلت وليوناردو دي كابريو. هذا الفيلم يجعلك تفكر بعد رؤيته في هدف الحياة، والأشياء التي يمكنك العيش من أجلها، وأين توجد السعادة الحقيقية؟ في السطور التالية نتعرف على قصة فيلم Revolutionary Road ثم نستعرض مراجعة فيلم Revolutionary Road.

معلومات عن فيلم Revolutionary Road

  • البلد: الولايات المتحدة | المملكة المتحدة.
  • اللغة: الإنجليزية.
  • تاريخ الإصدار: 15 ديسمبر 2008.
  • المخرج: سام مينديز.
  • الكاتب: جاستن هايث (سيناريو) | ريتشارد ييتس (رواية).
  • وقت العرض: 119 دقيقة.
  • النوع: دراما | رومانسية.
  • التصنيف: (R) للكبار فقط، يحتوي الفيلم على مشاهد فاضحة.
  • فريق التمثيل: ليوناردو دي كابريو | كيت وينسليت | ديفيد هاربور.
  • التقييم: 7.3.

قصة فيلم Revolutionary Road

تدور قصة فيلم Revolutionary Road حول زوجين أمريكيين إبريل – كيت وينسلت – وفرانك – ليوناردو دي كابريو. مر على زواجهما سبع سنوات. كانت أبريل ممثلة مسرحية غير موهوبة، وهي الآن أم لطفلين وربة منزل، أما فرانك فهو موظف في شركة تتسم حياته بالروتين ولا يشعر بالرضا عن وضعه. يمتلك الزوجان عقاراً أنيقاً على الطريق الثوري في إحدى ضواحي نيويورك، ويبدو أن حياتهما يشوبها الكثير من الممل والروتين والمشاجرات المعتادة.

ذات يوم عند عودة فرانك من عمله تخبره زوجته أنها تريد السفر إلى باريس من أجل تغيير الأجواء، ويمكنها العمل هناك بمرتب ضخم، ويمكن تدبير الأمور المالية من خلال بيع منزلهما والسيارة مع المدخرات المالية. يصدم فرانك في البداية من الفكرة التي يعتبرها مجنونة نوعاً ما، لكنه يتساءل عما يمكنه عمله في باريس. تخبره إبريل أن بإمكانه الاستجمام والتفكير في فعل ما يحبه.

عالمان مختلفان

أعجبت الفكرة زوجها وشرع في التفكير في أمر السفر، فهو يعمل في وظيفة لا يرغب بها، ويعاني من عدم وجود هدف في حياته. وبعد الاتفاق يتشارك الزوجان هذه الفكرة مع جيرانهما شيب وميلي خلال أمسية. يشعر جيرانهما بالحيرة ويعتقدان أنهما لم يعودا صغيران على مثل هذه الأفكار الطفولية، وعندما تنتهي الأمسية ويعود الزوجان بمفردهما مرة أخرى، يعرض الفيلم عالمين مختلفين: عائلة فرانك، التي تطغى عليهما نشوة رحيلهم الوشيك، وسخريتهم من الحيرة والقلق الذي أصاب جيرانهما بعد أن أخبروهما بخطتهما. وعائلة شيب، حيث نجد زوجته تذرف الدموع في فراشها، ولا نعرف إذا كانت تبكي لاعتقادها بأنها محظوظة جداً لأن لديها زوجاً أكثر نضجاً، أم لإدراكها المفاجئ أن حياتها تمر بلا هدف وأن زوجها لم يكن قادراً على مثل هذه المجازفة.

تنهدم فكرة السفر لدى الزوجين بعد أن تدرك إبريل أنها حامل بطفلها الثالث، وتريد إجهاضه. وعلى الجانب الآخر يترقى فرانك في وظيفته وسيكسب أموالاً أكثر، لذا تتغير رغبته في السفر، ويرفض قيام زوجته بالإجهاض، لتتحطم أحلامها. وتسري المشكلات والتوترات في حياتهما الزوجية، فيخون زوجته، وتخونه بدورها. وفي النهاية تحاول إجهاض الطفل بعيداً عن الزوج وهي تدرك أنها هذه العملية بمثابة انتحار. لكنها تفعلها على أية حال لتموت. وينتقل الزوج من المنزل ويتخذ منزلاً آخر ليرعى فيه طفليه. إلى هنا تنتهي القصة فإلى مراجعة فيلم Revolutionary Road.

اقرأ أيضًا: أفضل الأفلام الرومانسية على مدار العصور من الأقدم إلى الأحدث

مراجعة فيلم Revolutionary Road

قصة فيلم Revolutionary Road
مشهد من فيلم Revolutionary Road

يستند هذا الفيلم على أشهر روايات الكاتب الأمريكي ريتشارد ييتس “الطريق الثوري” والتي نُشرت عام 1961، وهي قصة عن الأحلام المنسية والمشاكل الزوجية، وعن خيبة الأمل في الزواج وفي الحياة نفسها. تُروى القصة على أنها مأساة، وفي الوقت نفسه تُظهر صورة دقيقة لأمريكا في الخمسينيات من القرن الماضي وبدايات الثورة الثقافية في الستينيات. تتعلق الرواية بمسألة معنى الحرية وتقرير المصير والسعادة البشرية. وقد قام سام مينديز بتحويل الرواية إلى فيلم موضوعي رائع للغاية، وهو أفضل مثال لكيفية صنع فيلم مقتبس من الأدب. بينما حصل هذا الفيلم على جائزة الجولدن جلوب كأفضل فيلم، كما حصلت كيت وينسلت على نفس الجائزة كأفضل ممثلة عن دورها الرائد في هذا الفيلم.

تفكيك الحلم الأمريكي

يواصل المخرج سام مينديز في فيلم Revolutionary Road ما بدأه بنجاح كبير قبل عقد من الزمان مع فيلم American Beauty، وهو تفكيك الحلم الأمريكي، وعلى الرغم من إنه بمثابة محاكاة ساخرة لأمريكا إلا أن فيلم مينديز حرص من المشاهد الأولى على أن تأخذ الأمر على محمل الجد. فهناك عرض مسرحي غير ناجح، وهو ما سلب من الممثلة أبريل لحظة من لحظات هروبها الضئيل من الوجود الواقعي. وفي طريق العودة إلى المنزل تخوض هي وفرانك جدالاً سيئاً على جانب الطريق. يمكنك أن تشعر مع هذا الجدل أنه لم يكن الأول وكذلك لن يكون الأخير، يبلغ المشهد ذروته عندما يبكي فرانك ويشعر بالشفقة على نفسه متهماً إبريل بأنه لا يستحق كل هذا.

الأحلام المحطمة

تتضح الأمور في وقت مبكر، حيث يبدو أن زواج فرانك وإبريل محطم، وقد تلاشت أحلام الشباب، وحتى الضواحي كانت قاحلة، ولم يتبق منها سوى حياة الطبقة الوسطى التي يعيشها الجميع، وهي تتكون من العمل والجشع والغرور والكحول والتلفزيون والاستهلاك والجنس.

تبدأ الرواية الأصلية بهذا الإدراك الجاد. ولقد استطاع مينديز تصوير الطريق الثوري بطريقة رائعة، وبأناقة وواقعية تتناسب تماماً مع الأصل، وعلى الرغم من أن أحداثه تدور في فترة الخمسينيات والستينيات إلا أنه فيلم معاصر تماماً يحكي عن شخصيات تواجه العديد من المشاكل الزوجية وتعاني من أزمة وجودية، لذا يمكن لكل مشاهد أن يتعرف من خلالها على نفسه.

الاقتباس من الأدب

أشرنا في البداية إلى أن هذا الفيلم واحد من أفضل الأمثلة على كيفية الاقتباس من الأدب، فما هو مونولوج داخلي أو أفكار في النص لا يتحول إلى حوار في الفيلم، ولكن إلى تعبيرات وإيماءات للممثلين، يتحول إلى حركات، ووقفات، نَفَس قصير، مقطوع. وقد عزز جمال الفيلم الأداء المبهر لبطليه، وأثبتت كيت وينسلت في هذا الدور أنها أكثر الممثلات المظلومات في جيلها، فهي تحمل الفيلم من خلال الوجود المطلق والطاقة، هذا على الرغم من أن منظور الفيلم في البداية كان من منظور الزوج قبل أن يتحول أكثر فأكثر إلى أبريل.

الزوج البائس

كل صباح يستقل فرانك نفس القطار، مرتدياً اللون الرمادي، في حشد من الناس يرتدون ملابس رمادية. ويذهب إلى الطابق الخامس عشر من الشركة حيث كان والده يعمل، ويأخذ مكانه في مكتب مفتوح. إنه بائس مثل أبريل. لذا نجده يواسي نفسه مع سكرتيرة ساذجة لا تعني له شيئاً. لكنها تقدم له هذا التأكيد البسيط بأنه لا يمكنه الحصول على هذه المواساة من زوجته. وخلال محادثاته معها يكشف شيئاً عن نفسه: إنه لا يريد أن ينتهي به الأمر مثل والده.

في عيد ميلاده الثلاثين تخبره أبريل بفكرتها لتحقيق أحلامهما للسفر إلى باريس. يقول لها” لم لا؟ ومن الذي وضع القواعد؟ هذا ما كانت تتمناه ويتمناه هو كذلك: شريك يشجع على تحقيق الأحلام، وليس الكسل. تؤمن إبريل بفرانك أكثر مما يؤمن بنفسه. ولكن سرعان ما استعاد الكسل اليد العليا. حيث يقدم له رئيسه عرضاً لا يمكنه رفضه، مع حمل إبريل، لتتوقف الأحلام، ويسقطان مرة أخرى على أرض الواقع. إن الأمر دائماً يتعلق بمسألة معنى الحرية وتقرير المصير حتى النهاية – وهنا تظهر فكرة الإجهاض باعتبارها ليست فكرة سيئة أو شريرة ولكن باعتبارها عملاً من أعمال التحرر وتقرير المصير.

الزوجة البائسة

إبريل هي زوجة وربة منزل وأم لطفلين، لكنها ليست امرأة تتوافق مع الأعراف والصور النمطية في الخمسينيات. فلا تعرف كيف تحقق التوازن بين فراغها الداخلي وبين رعاية المنزل والأطفال. ومع ذلك تحاول أن تكون روحاً من التفاؤل والانفتاح، ولكن وراء هذه الروح تكمن مشاعر مقيدة وإذلال خفي، وتفاهات يومية تحاول رفضها من خلال الكراهية والعنف.

السعادة الحقيقية

خطة باريس أطلقت شرارة شيء. حيث تزدهر علاقة الزوجين بحثاً عن حياة بدون تنازلات، يعيدان اكتشاف أنفسهما وبعضهما البعض. فجأة كل شيء يعمل. إبريل لم تعد متوترة وهستيرية، ولا تعاني من الصداع النصفي. وفرانك أصبح أكثر سعادة، وفي خضم نشوته يرسل خطاب عمل يلفت انتباه عضو مجلس الإدارة فجأة. ومن ثم تخبر إبريل زوجها بحملها. تتعقد الأمور لتصل الميلودراما إلى نتيجة مقتضبة. يصبح الحلم الأمريكي بباريس رمزاً لصراع أعمق بكثير وأكثر جوهرية: بين الحياة التي يعيشها المرء والحياة التي يريد المرء أن يعيشها.

يشير هذا الأمر إلى السعادة البشرية لا يمكن الحصول على في مكان معين، بل هي داخل نفوس البشر، فإذا أردت الحصول على السعادة بالفعل فابحث عنها داخل نفسك. لم تكن حياة فرانك وإبريل سعيدة كما كان واضحاً طوال أحداث الفيلم. لكن بعد خطة باريس بدأت كل الأمور تتغير، وعادت السعادة تطرق بابهما من جديد مع الأمل الجديد. لقد عاشا الزوجان في خداع ذاتي واستسلما له، ولم يدركا بعد أن الأحلام ليست المسؤولة عن تعاستنا، ولكن حقيقة أننا نتخلى عنها.

الحرية أعظم القيم

قصة فيلم Revolutionary Road عبارة عن دراسة بائسة للزواج الغربي، تذكرنا أحياناً بفيلم من يخاف من فرجينيا وولف؟ أو مشاهد من زواج لبيرغمان. وهي أفلام عبارة عن تأمل مرير في الاغتراب واليأس والخوف من الحرية. بل هي هجوم على الحياة الطبيعية المفترضة، وعلى التمسك الأعمى بالأمان المفترض، على جبن الإنسان المعاصر. يمثل فرانك هذا الجبن، فهو الذي يستسلم في النهاية للقوة المغرية للرأسمالية والاستهلاك، والذي لا ينسى الحقيقة بل يصبح أفضل في الكذب. والمرأة، إبريل، هي التي تقول الحقيقة هنا: “إذا لم تجرب أي شيء، فلا يمكنك أن تفشل”. لكن في النهاية تعاقب على ذلك، ويوضح الفيلم أنها على حق رغم كل شيء، وأن الحرية أعظم القيم، وتستحق المحاولة، حتى لو كان لابد من دفع ثمنها غالياً.

اترك تعليقاً