لماذا نحب استهلاك المواد المرعبة؟

You are currently viewing لماذا نحب استهلاك المواد المرعبة؟
لماذا نحب أفلام الرعب

يحب البعض استهلاك مواد الرعب، سواء كان ذلك من خلال قراءة روايات الرعب أو مشاهدة الأفلام المخيفة أو لعب ألعاب الفيديو. وعلى الرغم من أن الشعور بالخوف ليس شعوراً إيجابياً تماماً، إلا أنهم يستمتعون بالجلوس في الفراش أثناء قراءة كتاب أو مشاهدة فيلم. ومن ثم تنتابهم الرجفة والخوف. فما هو موضوع هذا الخوف الذي يجذب الناس إليه؟ ولماذا يرغب البعض في إنفاق المال والوقت على تجارب مرعبة بينما يبذل الآخرون قصارى جهدهم لتجنبها؟

التحفيز الجسدي والعقلي

أحد أهم الأسباب التي تجعلنا نستهلك المواد المرعبة هي تجربة نوع معين من التحفيز الشديد. حيث يمكن أن يؤدي التعرض لمواد مخيفة أو حتى المشاركة فيها إلى تحفيزنا عقلياً وجسدياً بطرق متناقضة – سلبية وإيجابية – سلبية في صورة خوف أو قلق، وإيجابية في صورة إثارة وفرح[1]. على سبيل المثال تؤدي مشاهد فيلم مخيف إلى تنشيط كلا النوعين من التحفيز في نفس الوقت. مما يمنحك أكبر قدر من المتعة في أكثر اللحظات رعباً. حيث تتغير الكيمياء الحيوية لأجسادنا عندما نستهلك الرعب، فالشعور بالخوف يُطلق هرمون الأدرينالين[2]، مما يؤدي إلى زيادة الأحاسيس والطاقة في الجسم.


اكتساب تجارب جديدة

سبب آخر وراء سعينا للشعور بالخوف هو اكتساب تجارب جديدة. فمن خلال قصص الرعب المخيفة سواء كانت كتابية أو سمعية أو بصرية يمكننا تجربة حقائق بديلة. تحتوي قصص الرعب على العديد من الأفكار والعوالم التي تجعلنا نخرج من ذواتنا مؤقتاً لننغمس في هذه القصص، من ظهور الزومبي إلى غزوات الفضائيين ومن عوالم الفانتازيا المخيفة إلى الرعب النفسي. يمكن لبعض هذه التجارب الجديدة أن تساعدنا في خلق شعور بالإنجاز، مثل زيارة منزل مسكون شهير، أو المضي قدماً للدخول إلى مكان مخيف في الواقع الحقيقي. فهذه الأنواع من المغامرات تجعلنا نشعر بمزيد من الجرأة على الرغم مما يعتمل صدورنا من خوف.

اقرأ أيضًا: أقوى المنظمات السرية التي تحكم العالم في الخفاء

الفضول البشري

استهلاك المواد المرعبة
من أسباب استهلاك المواد المرعبة هي الفضول البشري

كذلك تساعدنا تجارب الخوف بطريقة آمنة على إرضاء فضولنا حول الجانب المظلم من نفسية الإنسان. فالإنسان فضولي بطبعه، ويرغب دائماً في المعرفة. وفي الحياة الواقعية لا يمكننا أن نحظ بفرصة مقابلة قاتل متسلسل على سبيل المثال، لكن في المواد المرعبة يمكننا التعرف عليه. ليس هذا فحسب بل ربما تجذب أفعاله الكثير من الناس، ويفتنون بما يمكن أن يفعله أو يصل إليه الجنس البشري. وتعد مشاهدة تلك الحبكات والمؤامرات التي يتعين على الشخصيات فيها مواجهة أسوأ جزء من أنفسنا بمثابة نوع من الدراسة تدور حول الأجزاء المظلمة في الطبيعة البشرية.

اقرأ أيضًا: جريمة قتل داليا السوداء: أبشع الجرائم في التاريخ

إطار نفسي وقائي

لكن من أجل الاستمتاع بالتجربة المرعبة، نحتاج إلى إطار نفسي وقائي. بمعنى أنه يجب علينا أن نشعر بالأمان الجسدي أولاً. على سبيل المثال، على الرغم من أن الكائن الشرير في العمل يرتكب أفعالاً مرعبة أمام أعيننا، يمكننا أن نستمد المتعة من الرعب طالما أننا نشعر أن هذا الكيان الشرير بعيد جسدياً عنا، ولا يمكن أن يؤذينا.

لكن إذا بدأنا في التفكير في أن هذا الكيان يمكن أن يخرج من القصة، فستتوقف التجربة عن كونها ممتعة بكل تأكيد. فإذا كنا نشاهد فيلماً تتمحور قصته حول ظهور الأرواح الشريرة التي تؤذي البعض، فنحن ندرك تماماً أننا في مأمن من ذلك الأمر. لكن إذا بدأنا نتفكر في إمكانية ظهور مثل هذه الأرواح عندما نكون بمفردنا في المنزل فسوف تتحول هذه التجربة إلى جحيم. لذلك فمن الضروري وجود إطار نفسي وقائي كما أشرنا، ومن أجل وجود هذا الإطار يجب أن نشعر بالانفصال الجسدي والنفسي عن التجربة. وهذا ما نفعله عندما نعتقد أن قصة الرعب هي مجرد خيال.

إن غياب أطر الحماية النفسية هذه يقلل من تفضيل البعض لاستهلاك المواد المرعبة. وهو ما يفسر سبب عزوف البعض عن كتب وأفلام الرعب وجميع أنواع الأحداث المخيفة التي يمكن التعرض لها.

اقرأ أيضًا: لعنة توت عنخ آمون: سر القبر الغامض للفرعون المصري

تحليل شخصية محبي استهلاك الرعب

مشاهدة أفلام الرعب في علم النفس
ماذا يقول علم النفس عن شخصية محب الرعب

تختلف شخصية كل إنسان عن غيره. وكما أوضحنا أن هناك من يحب استهلاك المواد المرعبة، وهناك من يعرض عنها. يميل الأشخاص الذين لديهم حاجة أكبر إلى الإثارة إلى البحث عن تجارب متعلقة بالرعب والاستمتاع بها أكثر من غيرهم. كذلك يرتبط التعاطف أيضاً بالاستمتاع بهذه المواد المرعبة. فأولئك الذي يفتقرون إلى العاطفة القوية قد يستمتعون بهذا النوع أكثر، لأن أولئك الذين يمكن تصنيفهم ضمن الفئة الأعلى في التعاطف يميلون إلى الشعور بالسوء في مواقف الضيق التي يمر بها الآخرون.

كذلك فإن العمر والجنس من العوامل المحددة التي تؤثر على حب استهلاك المواد المرعبة من عدمه. حيث أظهرت العديد من المسوحات الاجتماعية ميل الشباب إلى الانجذاب أكثر إلى الرعب، وكذلك يميل الرجال أكثر من النساء إلى الاستمتاع بهذه القصص[3].

اقرأ أيضًا: لماذا نحب الطعام الحار؟ وما هي فوائده وأضراره؟

تقوية الروابط العاطفية

هناك فائدة أخرى يجب التنويه إليها للتعرض إلى مواد الرعب. فبالإضافة إلى المتعة التي تولدها هذه القصص، يمكن أن تؤدي مشاركة تجربة مرعبة مع شخص آخر إلى تقوية الروابط العاطفية. إن التعرض لمثل هذه النوعية من المواد في مجموعة هي طريقة رائعة للتواصل. ذلك لأن هرمون الأوكسيتوسين الذي يطلقه الجسم في تجربة مرعبة يسهل الشعور بالتقارب والألفة مع أعضاء المجموعة.

أخيراً بعد التعرض لتجربة مرعبة نشعر بالارتياح، مما يطلق هرمون الإندورفين في دماغنا. وهو ما يجعلنا نشعر بالاسترخاء والانتعاش. ويتيح لنا فهم علم النفس وراء استهلاك الرعب الاستمتاع بهذا النوع أكثر. وفهم أهمية الإعداد المناسب للإطار النفسي الوقائي تجعل الانغماس في كتاب أو فيلم رعب أكثر متعة.

مراجع

[1] On the Consumption of Negative Feelings.

[2] Epinephrine, Arousal, and Emotion: A New Look at Two-factor Theory.

[3] Sensation seeking and risky behavior.

This Post Has 2 Comments

  1. غير معروف

    تحليل محترم

اترك تعليقاً