أدب

خواطر عن الحياة: الرقص على إيقاع الأيام

الحياة لوحة كبيرة تتقاطع فيها ألوان الفرح والحزن، ويعبر فوقها نهر الزمن. تنبت الخواطر على طرقات الحياة المهجورة، وفي كل زاوية من أيامنا تختفي خاطرة.. نتساءل عن الحياة والوجود، ويهمس القلب بكلمات حين تثقل الروح بأنين الصمت.. نحمل على أكتافنا أحاديث مؤجلة، ونخبئ خلف ابتساماتنا قصائد من وجع وفرح. والحياة ليست سوى حبر يسيل من أقلام أرواحنا، يرسم فوق أوراق الزمن ملامح من صدق، وألم، وأمل، وخيبة، ونهوض من تحت الرماد.. دعونا نتشارك بعضًا من خواطر عن الحياة تتسم بالحب والصدق لعلها تكون زادًا في رحلتنا..

ملذات الحياة الصغيرة

عندما نستيقظ، عندما يولد يوم جديد، قد تنتظرنا آلاف المواقف، ومعها تأتينا مشاعر لا نهاية لها..  ليس من الضروري أن يحدث أمر عظيم لكي يتحوّل اليوم العادي إلى يوم مميز، فقد يكون هادئًا، لكنه يحمل دروسًا واكتشافات جديدة تجعلك تشعر كأنك تمشي على ممشى ناعم، لا على طريق ترابي.. اليوم، لا توجد فلسفة في كلماتي، ولا أفكار معقدة… لا يوجد سوى البساطة في القول بأن في الابتسامة نور. يا له من قوة عظيمة، ويا لقلة من يقدّرها!

هناك رسائل في الابتسامة، ومشاعر، وأحاسيس… فيها سلام، ومن يتلقاها يشعر وكأنه في بيته. قد تشعر بالحزن، أو الإحباط، أو التعب، لكنها تأخذك إلى عالم آخر؛ ولو للحظة صغيرة فقط، لكنها كفيلة بأن تجعلك تشعر بتحسّن، تشعر بالسعادة.

يركض الناس في الحياة ولا يعرفون كيف يتوقفون ليتذوقوا ملذات الحياة الصغيرة، ورؤية الابتسامة هي واحد منها. إنها تجلب الفرح والطمأنينة، والتواصل، والسكينة… إنها ساحرة!

ربما تشعر بالملل أو الانطفاء، لكن يمكن للابتسامة أن تضفي البهجة على يومك، يمكنها أن تعطيك أسبابًا للشعور بالتفرد والتميز، بل وقد تمنحك إجابات لبعض الأسئلة. وأنا أتساءل: لماذا يجد بعض الناس صعوبة في الابتسام؟

أشياء عظيمة

الأشياء العظيمة موجودة في الأشياء الصغيرة، وهذه الابتسامة دليل على ذلك.. التحدث مع صديق ورؤية ابتسامته الهادئة يجعلك تشعر بأنك شخص محظوظ؛ لمشاركتك تلك اللحظة، ولوجود تلك الصحبة، ولأنك كنت المتلقي لتلك الهدية. لم تكن تلك الابتسامة مُخططًا لها، بل كانت عفوية، وفي هذا يكمن جمالها. إنها تحوّل لحظة عادية إلى ذكرى تحفظها في قلبك كشيء سحري.

اليوم، أنا محظوظ. أهدوني ابتسامات، وفيها وُجدت المودة من صديق، وحبيب، وطفل.. ثلاثة أشخاص، ثلاث جماليات. وبفضل تلك الهدايا، يمكنني أن أقول إن هذا اليوم مختلف؛ اليوم، ابتسامتي أيضًا كانت حقيقية، وكانت هدية لم أكن أتوقعها.

قد يكون الغد أكثر كآبة، أقل نورًا، أكثر ضبابية، أو بلا شيء يستحق الاحتفال، لكنني لا أفكر فيما سيحدث، بل أترك نفسي لما أحمله اليوم بداخلي. يجب أن نتعلم كيف نُقدّر ما تهبه لنا الحياة، وحتى إن وُجدت دموع، أو لم نمتلك ما نتمناه، أو تعرضنا لخيبة أمل… لا يزال هناك ما يمكن أن يجعل الأمور مختلفة. واليوم، ذلك الشيء هو: ابتسامة حقيقية وصادقة..

قوس قزح

خواطر عن الحياة
خاطرة طويلة عن الحياة

الحياة تدور مثل عجلة دوارة مع مرور الأيام، أيام جميلة وأخرى أكثر مرارة، لكن حيث يوجد الضوء، هناك أيضًا ظلال..

إن التعبير عن أفكارك، ومشاعرك، ومخاوفك، وتجاربك ليس بالأمر السهل دائمًا، لأن تحويل دمعة أو ابتسامة إلى كلمات قد يكون معقدًا في كثير من الأحيان؛ خاصة عندما يكون هناك انتظار.. نعيش في عالم مجنون، كل شيء فيه يسير بسرعة مفرطة، مما يجعل خيبات الأمل سمة ثابتة في حياتنا اليومية، بينما يختبىء الأمل في ركن صغير من قلوبنا..

توقفت أثناء قراءتي لباولو كويلو عند فكرة جعلتني أتأمل وأوافقه الرأي.. لقد قال جملة بسيطة لكنها واقعية جدًا:

ليست كل الأشياء في الحياة بالأبيض أو الأسود.. انظر إلى قوس قزح..

لكل شعور نقيضه، وعندما نشعر بالخسارة أو الخيبة أو الوداع، نعتقد أن الطريق سيكون طويلًا وظلمته حالكة، وأن الظلام سيصير ظلّنا.. هذا خطأ.. وأنا نفسي، في لحظات الوداع أو الألم، شعرت هكذا؛ وكأن كل ما قدمته لم يكن يستحق. لكنني أعلم أن هذا تفكير خاطئ.. أليس هناك شمس وقمر في اليوم التالي؟

ليست كل الأمور “نعم” أو “لا”، وليست أبيض أو أسود.. قوس قزح؛ ألوان تتداخل، وتُظهر لنا أن هناك أكثر من طريقين للاختيار، أكثر من خيارين، أكثر من الكل أو اللاشيء.. لكن، لا يمكن القول إن كل الخيارات بهذا الشكل؛ أحيانًا، يجب أن نختار خيارًا ونترك آخر.. وهنا، يظهر الخوف: أن تختار طريقًا يعني أن تترك غيره.

الذكاء هو أن ترى اللون فيما يبدو لك أسود، وهذه خطوة للأمام لا يعرفها الكثير.. أن تؤمن أن بعد الشوق أو الدموع قد يأتي ما كنت تتوق إليه؛ أن تمرّ من لحظة صعبة لتصل إلى ترقية في العمل، أو يعود إليك حب، أو يُغفر لك خطأ.. هذه هي الحياة..

تلك الألوان تعلّمك، تجعلك تشعر بأشياء فريدة، تؤلمك أحيانًا، تثير أعاصيرك، لكنها دائمًا فريدة من نوعها..  إنها هدية.. والحياة تمتلك بالفعل علبة ألوانها المائية.. وكل واحد منا سيرسم بها، حتى لو وُجدت أوراق سوداء… فهناك دومًا أوراق جديدة تنتظر أن نلوّنها..

لا تركض… امشٍ

العالم مليء بالاختلافات.. أعراق مختلفة.. قيم مختلفة.. وآلاف من الألوان.. تنوّع في كل شيء؛ لا يوجد شيء يشبه الآخر.. هل لاحظتم يومًا أن الفعل الواحد أو الواقع الواحد له آلاف التفسيرات؟ كيف يمكن أن يرى أحدهم في نظرة حزينة مجرد شخص، بينما أراها أنا مليئة بالألم؟ كيف يمكن أن يشعر أحدهم بالفراغ في صمت أسمع فيه أنا آلاف الكلمات؟ هكذا هي الحياة؛ واقع وتفسيرات..

هناك من لا يرى سوى السطح، وهناك من يرى ما وراءه.. تمامًا كما تفعل عوامل الطبيعة – المطر، والبرد، والشمس – تمحي الطلاء وتُزيل المظاهر، وما يتبقى هو الجوهر، ما ما مخفي.. كانت لديّ آلاف الأفكار لأكتب عنها، لكنني جلست على الشرفة حيث أنا الآن، وضيّعتني اللحظة؛ ليس أنني لم أعد أعرف أين أنا، بل توقفت. أغمضت عيني وشعرت بالنسيم، هواء ناعم يمر بي.. وحلم يقظة تأملت فيه واقعي..

لا تنقل الصحف سوى فتات من عالم يعيش على عجل: اقتصاد، بطالة، مجاعات قاسية، حروب، معدلات موت مرتفعة.. وفكّرت: أين هي الحياة؟ أين هو الضوء؟ وأين هو ذلك الوقت الهادئ… أين اختفى؟ ليس من السهل التوقف عندما يركض كل شيء من حولك، ويدفعك التيار نحو مكان مظلم، ولهذا قلت لنفسي: توقّف.. راقب. استمع لنفسك… ثم امش مرة أخرى، لا تركض..

أن تصل متأخرًا

رجل يحتسي قهوته ويكتب بسرعة على حاسوبه.. رجل غارق في أفكاره بنظرة رمادية.. فتاة منشغلة بهاتفها.. لا أحد يتحدث.. في الشارع، يركض الجميع من جانب لآخر، بلا ابتسامات.. لقد شعرت بالحزن.. الحياة هدية، ومع ذلك يركض الجميع، لا أحد يمشي.. علمتني التجربة أن الركض دون معرفة متى تتوقف لا يجدي نفعًا، لأن التيار سيجرفك، وستخسر الكثير بسبب استعجالك..

إن كان شيء ما أوقفك، أسقطك، وجعلك تنهار، وإن شعرت أن وتيرتك أبطأ من الحياة.. توقّف وفكّر.. أن تصل متأخرًا، خير من ألا تصل أبدًا..

استمتع بتلك القهوة، بتلك المحادثة، وإن قال لك أحدهم “وداعًا”، فلتكن ابتسامتك ردّك على الحياة، حتى إن كان قلبك حزينًا.. وإن جرحت، خذ وقتك لتُشفى جراحك، ومهما تركت الندوب آثارها، سيكون هناك دائمًا ما يُذكّرك أن الشعور كان يستحق…

ابكي، اضحك، اصرخ… لكن عِش.. لا تركض، لأن على الطريق هناك آلاف الأشخاص، آلاف اللحظات، التي لن تتكرر.. ورغم أننا لا نستطيع التوقف تمامًا، تعلّم أن تسير.. خطوات واثقة على طرق جديدة تنتظر أن نكتشفها، أتبع دليلك الداخلي، بهدوء، وببطء.. وقدر دائمًا التفاصيل الصغيرة في هذه الحياة..

خواطر عن الحياة والأمل

خواطر عن الحياة
خواطر قصيرة عن الحياة والأمل

إن قراءة بعض الخواطر عن الحياة والأمل والتفاؤل لا يمكنها أن تقضي على مشكلات حياتك، ولكنها تستطيع إلهامك وتحفيزك لتستطيع من خلالها أن تصل إلى التغيير الذي تنشده في حياتك. لذا نقدم لك في هذا القسم أجمل الخواطر عن الحياة والأمل والتفاؤل.

  • إذا كنت لا تريد أن تشعر بالإحباط، فلا تضع لنفسك أهدافًا مستحيلة.
  • القلق مثل الكرسي الهزاز، فهو يبقيك مشغولاً ولكنه لا يقودك إلى أي مكان.
  • تجنب الأشخاص السلبيين فلديهم دائمًا مشكلة لكل حل.
  • من الجنون أن تكره كل الورود لأن وردة وخزتك. لذا لا تتخلوا عن كل أحلامكم، لأن حلم منها لم يتحقق.
  • ما لديك، يمكن أن يمتلكه الكثيرون، لكن ما أنت عليه، لا يمكن لأحد أن يكونه.
  • لا تجلس في انتظار أن تأتيك الأشياء. حارب من أجل ما تريد، وتحمل المسؤولية عن نفسك.
  • خلف كل خط نهاية، هناك خط البداية. ووراء كل إنجاز تحدٍ آخر.
  • إن اللحظة التي نبدأ فيها بالتعامل مع إخفاقاتنا باستخفاف، هي اللحظة التي نبدأ فيها بالتوقف عن الخوف منها.
  • في الحياة مواقف كثيرة، بسيطة كانت أو معقدة، تحتاج منا إلى اتخاذ القرار. وكما أن السرعة في اتخاذ قرار ما لها سلبياتها، فإن التردد في ذلك يقتل الفكرة ويقضي على كثير من الفرص.
  • لا يتألف الذكاء من المعرفة فحسب، بل أيضًا في القدرة على تطبيق المعرفة عمليًا.
  • العمل الجاد يجعل تجاعيد العقل والروح تختفي.
  • عندما يكون هناك شيء مهم بما فيه الكفاية، يمكنك القيام به حتى لو كانت كل الاحتمالات ضدك.
  • الحلم لا يتحقق بالسحر، إنه يتطلب عرقًا وتصميمًا وعملاً شاقًا.

خواطر عن الحياة والناس

خذ بعض الوقت للتوقف والتفكير في الحياة والناس. وما عليك سوى سؤال نفسك هل أنت في المكان الذي تريده ومع الأشخاص الذين يجعلونك سعيدًا. ففي بعض الأحيان يمكننا الشعور باليأس ونتوقف عن الكفاح من أجل تحقيق أحلامنا بسبب تأثير بعض الناس في حياتنا. لذا نقدم لك في هذا القسم بعض الخواطر عن الحياة والناس لعلها تكون لك معينًا لإعادة التفكير في الحياة بروية.

  • في كثير من الأحيان في الحياة، ينسى الناس ما يجب أن يتذكروه، ويتذكرون ما يجب أن ينسوه.
  • ضع حداً للغيرة والحسد والهواجس واعمل على تعزيز احترامك لذاتك، لأنه من قيمتك الخاصة ستجد توازنك.
  • فقط أولئك الذين يخاطرون بالذهاب بعيدًا جدًا يمكنهم معرفة المدى الذي يمكنهم الذهاب إليه.
  • المستقبل ملك لأولئك الذين يؤمنون بجمال أحلامهم.
  • التمسك بالحقد يشبه شرب السم وتوقع موت شخص آخر.
  • من رحم المعاناة خرجت أقوى النفوس، وتذكر أن الشخصيات الصلبة لها ندوب.
  • أصدقاء جيدون، كتب جيدة، وضمير مرتاح: هذه هي الحياة المثالية.
  • المتفائل يرى فرصة في كل كارثة، والمتشائم يرى كارثة في كل فرصة.
  • لا يمكنك التغلب على الشخص الذي لا يستسلم أبدًا.
  • شخص ما يجلس في الظل لأن شخصًا ما زرع شجرة منذ وقت طويل.
  • أولئك الذين لم يمروا بلحظات صعبة لا ينتصرون، أولئك الذين مروا بها وقاتلوا ولم يستسلموا، انتصروا.
  • لا تندم أبدًا على كونك لطيفًا مع الأشخاص الخطأ. سلوكك يقول كل شيء عنك، وسلوكهم يقول الكثير عنهم.
  • لا تسمح أبدًا للجهل والكراهية والحسد والسلبية لبعض الأشخاص، وتوقف عن رغبتك في أن تكون شخصًا جيدًا وقاتل من أجل ما تريد.
  • إذا كنت تريد أن تعيش حياة سعيدة، اربطها بهدف؛ لا بشخص ولا بشيء.
  • حدد النجاح بشروطك الخاصة، وحققه بشروطك الخاصة، وعيش حياة تجعلك فخورًا.
  • تخلص من السموم من حياتك بأربع خطوات سهلة؛ التخلص من كل من يكذب عليك، ولا يحترمك، ويستغلك ولا يقدرك.

خواطر عن الحياة والحب

تأملات في الحب
عبارات قصيرة عن الحب

لقد عرضنا لك بعض الخواطر عن الحياة الواقعية والصعبة مصحوبة بعبارات عن الأمل والتفاؤل لعلها تكون مصدر إلهام لك، لكن في هذا القسم نعرض لك بعض الخواطر عن الحياة والحب. هذه العبارات تجعلك تفكر وتتأمل كما تشجعك على عيش الحياة والاستمتاع والحب. إن الحياة جميلة ويزداد جمالها إذا كنا نحب.

  • الطريقة الوحيدة للقيام بعمل عظيم هي أن تحب ما تفعله.
  • إنك لا تعيش إلا مرة واحدة. ولكن إذا قمت بذلك بشكل صحيح، فستكفي مرة واحدة.
  • الطريقة الوحيدة لإيجاد حدود الممكن هي تجاوز المستحيل.
  • قبول ذاتك هو بداية حياة رومانسية طويلة.
  • نحن جميعًا بحاجة إلى بعضنا البعض.
  • حب الذات هو مصدر كل أنواع الحب.
  • البساطة هي شكل من أشكال التواضع والبساطة هي علامة على العظمة الحقيقية.
  • أفضل طريقة لنسيان الأشياء السيئة في الحياة هي أن تتعلم تذكر الأشياء الجيدة.
  • السعادة لا تحدث بالصدفة، بل بالاختيار.
  • لماذا نكتفي بجر أقدامنا عندما نتوق إلى الطيران؟
  • الحياة لها فصول مختلفة، والفصل السيئ لا يعني نهاية القصة.
  • مثلما تغير الفاصلة الجملة، فإن الموقف البسيط يغير القصة.
  • تعلم الشعور بالرضا وقبول الذات، واختار جيداً مع من ستقضي بقية حياتك.
  • الحياة لا تتعلق بانتظار مرور العاصفة، بل تتعلق بتعلم الرقص تحت المطر.

خواطر طويلة عن الحياة

أقوال مأثورة عن جبر الخواطر
أجمل الخواطر عن الحياة

لا يمكننا أن ننهي القسم الأخير من هذا المقال دون تقديم بعض الخواطر الطويلة عن الحياة، فهناك من القراء من يرغبون في قراءة هذه الخواطر الطويلة عوضًا عن القصيرة منها. لذا كان علينا أن نقدم لهؤلاء ما يرغبون في قرائته.‍

الكلمات: رسائل الأحلام

فنّ التواصل أمر أساسي وجوهري بين الناس. يُرسل المُرسِل معلومات إلى المتلقّي. لكن لا يعرف الجميع كيف يفعل ذلك: فإما أنهم لا يوضحون رسالتهم بشكل كافٍ، أو أن الآخر لا يعرف كيف يصغي (وهي مهمة ليست سهلة، رغم أن الإصغاء في بعض الأحيان أفضل من الكلام). يمكننا أن نُعبّر عمّا نريد، وما نحتاج إليه، وما نشتاق إليه، وما يُزعجنا أو يمنحنا الحياة من خلال الكلمات؛ فهي رسائل لكل ما نحمله في داخلنا. ويمكننا أيضاً أن نُعبّر من خلال نظرة، أو لمسة، أو عناق، أو حتى صمت… ولا ينبغي أن ننسى أن هناك صمتًا يحمل في طياته رسائل أكثر من ألف كلمة!

لكن، ما الأهم: ما يُقال أم ما يُفعل؟ أعتقد أنه لا بدّ من الأمرين معًا؛ أي أن تُدعَم الكلمات التي نقولها بالأفعال. أن نتحلّى بالتناسق بين ما نؤمن به ونفكّر فيه وما نفعله؛ دون خداع أو وجوه مزدوجة..

عندما يُطرح علينا السؤال: أيهما أكثر قيمة، الأفعال أم الوعود؟ دائمًا نُجيب بأن الأفعال أهم؛ لأن “الكلمات تحملها الريح”… أما الفعل فهو خالد. في هذه الإجابة نحن نقلّل من قيمة الكلمات، والرغبات، والوعود التي نأمل أن نفي بها، من قبيل “أنا بحاجة إليك”، أو “أعشقك”، أو “سأهديك نجوماً كل ليلة”..

يمكن أن ندرك من تلك الإجابة كمّ الخيبات والوعود غير المُنجزة، فبعض الناس لم يعودوا يؤمنون بما يُقال، بل فقط بما يُفعل، وهذا أمر مؤلم. أنا من أولئك الذين يؤمنون بالكلمات، لكن ليس الإيمان فقط، بل الثقة التي تمنحها لتلك الشخصية ولما تُخبرك به؛ سواء كان خيرًا أو شرًا..

لكن، يجب أن تحمل كل كلمة معها فعلًا؛ إنجازًا؛ حضورًا في الزمن. لا يصح أن تقول إنك تحب الموسيقى وأنت لا تستمع إليها أبدًا. لا يمكنك أن تُصدّق من يقول لك إنه يرضى بالقليل بينما لا يطلب سوى المزيد مع مرور الوقت. ما نقوله هو ما يُفترض أن يكون له قيمة، ويجب أن ينسجم مع القيم التي نحميها وتشكل أساس حياتنا. أفعالنا ستكون انعكاسًا لما نريده أو نتمناه، وكلماتنا يجب أن تكون حقيقية، لا مجرد تمثيل مزيف على مسرح الحياة.

مفتاح مصيرنا

لكل شيء بداية، وتلك البداية في داخلنا: ماذا أشعر؟ ماذا أريد؟ بماذا أفكر؟ ماذا لا أريد؟ وماذا أكره؟ وسنُفصح عن ذلك؛ رسالتنا ستنتشر ليُصغي الآخرون ويعرفوا من نحن وماذا نريد. علينا أن نؤمن بالكلمات. لا ينبغي أن نتوقف عن الإيمان بها بسبب الأكاذيب أو الآمال الزائفة. تلك الكلمة الجميلة، وتلك المساعدة، وذلك الإصغاء الحنون… كلّها يمكن أن تكون حقيقية..

وقد يبدو وكأن الطريق الذي مشيناه لم يشهد كذبًا، ولم نسمع فيه كلمات لم تُتبع بأفعال، أو أن كل ما قيل قد تحقق وكان صادقًا. لكن الأمر ليس كذلك. البعض يعتبر هذا سذاجة، وآخرون يصفونه بثقة زائدة، أما أنا فلا أقول سوى: أنا أؤمن بالناس..

نملك مفتاح مصيرنا في داخلنا؛ في أفعالنا وأفكارنا. ولا يجب أن ننسى أن الكلمات هي وسيلة نقل ما نريد إيصاله، ما نحمله في جوهرنا. وهنا تكمن قوتها: فهي مفتاح باب التواصل، وتبادل الآراء، واكتشاف المشاعر… ولا ينبغي أن نتوقف عن الإيمان بها. ومع ذلك، ومع مرور الزمن، نُدرك أنها وحدها تفقد قيمتها؛ لذا افعل ما تؤمن به، وآمن، وقل الحقيقة بما يتوافق مع إحساسك..

أعاصير ليلية

نحن جميعًا أعاصير. ونحن جميعًا هادئون. بعضنا أكثر من غيره بلا شك.. لدينا جميعًا ألوان، لكن اللون الذي يطغى يختلف من شخص لآخر. ما هو لونك أنت؟ لا تجب.. وإن فعلت، اطرح على نفسك السؤال الثاني: هل كنت في السابق ذلك اللون؟

هناك دراسة تُعرف باسم “نموذج الرؤى”، تعتمد على ركيزة واحدة: معرفة كيفية التعرف على لون الشخص الذي أمامك بناءً على مشاعره، ثم استخدام ذلك لصالحك. مثال: الأشخاص ذوو اللونين الأزرق والأحمر هم الأكثر عقلانية، بينما الأخضر والأصفر هم الأكثر عاطفية. ومن ناحية أخرى، الأشخاص ذوو اللونين الأزرق والأخضر هم الأكثر انطوائية، بينما الأحمر والأصفر هم الأكثر انفتاحًا واجتماعية.

وهكذا هو الحال مع الحالات المزاجية. هناك أشخاص يشبهون نسيم الربيع، وآخرون هم عواصف أينما حلّوا؛ في أفكارهم، في مشاعرهم، في طريقتهم في التعبير عن أرواحهم التي تصرخ، وترقص، وترسم.

نحن أكثر من يعرف أنفسنا، لكن هناك لحظات يمنعنا فيها ضباب الحياة، أو الضغط، أو التوتر، أو خيبات الأمل، أو الأحلام المحطمة من رؤية أنفسنا في المرآة المناسبة؛ فيتلاشى لوننا… لا تقلق؛ هذا أمر طبيعي. يحدث دائمًا. لكنك تتغير. كل شيء يتغير. حتى الصخرة الثابتة على حافة الجرف تتآكل، ويتغير لونها، وملمسها… وأنت كذلك..

نرتكب الأخطاء، ويجب أن نرتكبها. لا يمكننا أن نتوقع من الآخرين أن يتصرفوا كما نتصرف نحن، حتى وإن كنا نملك الحل.. المفتاح معك، وحدك… من الصعب أن تدرك أن الباب الذي يفتح كل شيء، يجب أن تكون أنت من يفتحه أولًا؛ سيساعدك الآخرون لاحقًا. لكن الخطوة الأولى يجب أن تكون منك.. يجب أن تكون أنت من يريد خوض الطريق.. أنت من يقرر إن كان سيخوضه برفقة أحد، إن كان قادرًا على ذلك، أو إن كان الآخرون يسيرون على نفس وتيرتك..

ولنخدع أنفسنا: كثيرًا ما فقدنا أشخاصًا رغم محبتنا لهم، لأنهم كانوا يسيرون في اتجاهات مختلفة أو بخطى مختلفة..

الحديث عن النفوس

البحر هو التشبيه الأنسب للحديث عن النفوس… للحديث عن المشاعر… للحديث عني وعنك..  الجمال، وآلاف التدرجات من ذلك اللون الأزرق المفعم بالحياة. لا نرى نهايته، لكنها موجودة.. لا يشعر البحر أبدًا بنفس الطريقة كل يوم.. إن الروح محيط تحت الجلد..

أحسد أولئك القادرين على الحفاظ على هدوئهم، أولئك الذين ينظرون إلى الأيام بلا استعجال، بلا شدة، بلا عواصف من الألوان أو غيابها.. يجب أن يكون هناك توازن، لأنكم تعلمون ما يحدث عند غيابه؟

أتمنى أن يكتسب بحرك، ومحيطك القوة ويبتلع كل شيء.. ويغضب، حتى يحتضن الوحدة ذاتها.. تلك الوحدة اللعينة التي تقتل القلوب، وتدمر الأحلام، وتترك الأرواح خاوية، لا تشعر بأنها ضرورية أو كافية..

أنا لا أؤمن بذلك.. أنا ممن يؤمنون بأن هناك من يدعمك.. من يمنعك من السقوط، أو إن سقطت، لا يدعك تلامس القاع.. لكن ربما لم تكتشفه بعد، أو ربما لم تقدّر قيمته بعد…

أولئك الأشخاص “الهوائيين” كما أحب أن أسميهم. سأشرح لكم ذات يوم كيف أن هؤلاء الأشخاص شديدو الحساسية لا يحظون بحياة سهلة. ليس من السهل عليهم أن يوضحوا كيف تؤثر فيهم كل الأمور، وكيف يهبّون أنفسهم بكل ما فيهم. فحساسيتهم العالية قد تجعلهم يطوّرون تعاطفًا يجعلهم يعانون بشدة، وغالباً ما يصطدمون بعدم فهم الآخرين لهم..

واجه أشباحك

تجعلك التجربة تتبنى موقفًا مختلفًا تجاه الأحداث، لكن لا تتوقفوا عن أن تكونوا أطفالاً. لا تتوقفوا عن الاندهاش، عن الفرح حد البكاء، عن الصراخ، عن القفز، بل وحتى عن الإحساس بالخوف. الخوف من الخسارة، الخوف من الخوف ذاته، الخوف من النسيان أو من أن يُنسى وجودنا..

أن تجعل الآخرين يفهمون أنه يجب المغامرة لمعرفة أشباحك الخاصة لتُنقذ نفسك، لتتعرف على ذاتك، لتتجنب المزيد من الثقوب في حياتك، هي مهمة معقدة جدًا. لكنها مرهقة. في بعض الأحيان، تكون جبال الحياة مرهقة. وماذا تفعل في تلك اللحظة؟ استلقِ على شاطئك وتنفس… راقب، واترك نفسك تنقاد مع رياح المنطق أو اللا منطق. قد يبتعد عقلك آلاف الكيلومترات عن قلبك، لكن دورك بسيط: اشعر من دون ألم. بكل إخلاص، بكل احتياج، بكل ما لديك. دون أن تتوقف عن أن تكون أنت..

في الحب، في العائلة، في مشروع… في كل نشاط أو شعور يجعلك تتحول إلى إعصار بطاقته وسرعته. بضبابه، وغضبه، وقوته. تلك رائحة الحقيقة.. لكن بعد العواصف، تأتي السكينة. وهي مهمة بل ربما أهم من شدة العواصف. يجب أن نعود إلى الأرض، يجب أن نتعلم الانتظار، وسيصبح الصبر صديقك الأساسي.

لا تتوقفوا أبدًا عن أن تكونوا أنفسكم، التجارب والمواقف تعلمك من يفهمك، من يعرفك، ومن يحبك بصدق؛ وهو الذي سيبقى. أما الذين رحلوا، الذين رجوتهم ألا يقولوا وداعًا… أخرجهم من الماضي. أن تشتاق، أن تشعر أنك قد تبتلع العالم لأجل شخص ما، هي أمواج ليلية لا يمكن السيطرة عليها..  ومع ذلك، العبوا على الرمال، تدحرجوا عليها، اضحكوا، وابكوا إن احتجتم.. عيشوا، حتى وإن جاءت أشباحكم تطاردكم… أتدرون؟ لقد صادقت بعضهم بالفعل..

لا تصرخ لمن لا يسمع النداء

لا تحاول أن تشرح سبب دموعك لمن لا يراها. ولا تضيع وقتك سدى في وصف ألمك لمن لا يفهم. ولا تصرخ لمن لا يسمع النداء. كل ذلك مضيعة لوقتك ودموعك. مضيعة لصوتك وسكونك. بل مضيعة لتلك المشاعر. فلم يعد هناك تجاذب روحي بين العلاقات الإنسانية. ولا أعلم أين ذهبت تلك العلاقات. فإما أن شيئاً بالروح قد تغير، وإما أن قوانين الأشياء قد تبدلت. أما أنا فليس هناك ما يخفف عن روحي المعذبة إلا تلك الكلمات المتناثرة التي أجمعها من هنا وهناك. فألجأ إليها لأكتب عني وعنك وعن الحياة وعن الإنسان الذي فقد إنسانيته.

الخلاص هو في قدرتنا في أن نتشارك معًا هذه الحياة رغم قسوتها وأنانيتنا عبر الانفتاح على الآخر في صدق وحميمية ومعانقة البهجة البسيطة والأفراح الصغيرة التي يتيحها لنا هذا العالم. حيث هذا العالم بارد وجحيمي في آن واحد. بينما هو عالم موسوم بالعزلة وفقدان القدرة على التواصل مع الذات والآخرين، عالم مثقل بالكآبة والشك والقلق الوجودي. بينما عبر هذا الجحيم تطفو رؤى عابرة يمكن اعتبارها كوعود مضمرة بالخلاص، لكنه ليس بخلاص مفارق بل خلاص متجذر في قلب هذا العالم.

لا تنتظر فتندم على أنك لم تعتذر لأخيك على شجار قديم مازالت آثاره باقية، ولا تنتظر لتشكر والديك على كل ما قدموه لك. بينما لا تنتظر أن تقول لشريك حياتك أنه كان من أجمل الأشخاص الذين قابلتهم، وأيضاً لا تتوانى في الاعتراف بأن يوم أن عرفته كان أفضل الأحداث التي مرت في حياتك. لا تنتظر كي تحتضن أطفالك وتبتسم إليهم وتلهو معهم، لا تتأخر في تقبيل أمك. بينما لا تتردد في شكر أبيك، لا تتأنى في حب جارك، ولا تتأخر عن أصحابك وتحافظ على صداقتهم، لا تنتظر أكثر حتى تصل أرحامك فلربما يقترب الموت أكثر فأكثر وأنت لا تشعر به، ويأخذك من بينهم أو يأخذ أحدهم فتندم على أشياء لم تفعلها، فالموت يأتي ليعلمنا كيف نعرف بعضنا جيدًا.

مشاهد من الحياة اليومية

تمرّ الحياة. ثانية تلو الأخرى تُشكّل دقيقة، ثم تأتي الساعات، ومعها الأيام والأسابيع، التي تمضي لتتحوّل إلى شهور. والساعات، الملقاة على مرايا من الماء، تواصل دقّاتها، بثبات، في الموعد الذي فرضه الزمن عليها..

المارة في الشوارع، العشّاق المتجولون ممسكين بأيادي بعضهم البعض، الرجال بحقائبهم الثقيلة، الأطفال والشباب الحاملون أحلامهم على أكتافهم، والسيارات التي تجوب الشوارع الليلية، تضيئها بأنوار من الفرح والحزن..

تمر الحياة كل يوم أمام أعين الناس، سواء كانوا متشرّدين أو رجال أعمال، ذوي شأن أو فقراء. كلٌّ يرسم مشاهد الحياة اليومية ويفسّرها وفقًا لكونه الداخلي ورؤيته، وفق منظوره ومكانه في السباق..

من الهواء البسيط الذي يهبّ عن بُعد، إلى الأغنية المتكررة، المُفضّلة. وسائل النقل المزدحمة في اتجاه، والفارغة في الآخر. الشوارع المزدحمة بالبشر، العدّاؤون الصباحيّون. روّاد المطاعم وقت الظهيرة، الحدائق شبه الخالية، الأطفال خارج المدرسة. صوت التلفاز، الغروب الذي يفسح المجال لليل، المتاجر التي تُغلق أبوابها..

يتغير إدراك الأشياء مع تقدم الشمس في السماء.. كل ساعة تكشف طابعها الخاص، وكل مكان إما يحيا أو يحتضر. حان الوقت للحديث عن البسيط، عمّا نراه كل يوم دون أن نتأمّله حقًا..

يختفي كل ما يحدث في حياتنا اليومية لأننا لم نتمكن من رؤيته بعمق، رغم أنه حاضر دائمًا.. لكنه يمضي ونحن نركز انتباهنا في شاشات مربعة..

وهكذا تمضي الحياة، نرسمها بالكلمات كما نرسمها بالأفعال، ونجمع من شظايا التجربة دروسًا تنير خطانا في العتمة. تظل تلك الخواطر عن الحياة مرايا صافية لروحٍ تسعى إلى الفهم، وبين كل بداية ونهاية، يبقى للحياة مذاق لا يدركه إلا من تذوق مرها وحلوها، وابتسم رغم الألم، وأحب رغم الوداع. وما خواطرنا إلا محاولات خجولة لاحتضان هذا السر الجميل الذي يسمى: الحياة.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!