الفضائل الإنسانية: طريق المرور عبر العالم

You are currently viewing الفضائل الإنسانية: طريق المرور عبر العالم
أنواع الفضائل الإنسانية

الفضائل الإنسانية هي تلك الصفات الأخلاقية المميزة التي يمتلكها بعض البشر وتستحق الإشادة والإعجاب. يضمن امتلاك البشر لهذه الفضائل التعايش السلمي والصحي للمجتمع البشري، فهي التي تميز البشر عن الحيوانات. دعونا نتعرف على أنواع الفضائل الإنسانية، وكيف تكون السبيل الوحيد لخلاص الإنسان في هذا العصر.

الاحترام.. مفتاح أي علاقة بناءة

يمثل الاحترام مثالاً دقيقاً إلى حد ما لماهية الفضائل في المجتمع المعاصر. فهذه الفضيلة تعزز التعايش السلمي والصحي بين أفراد المجتمع من خلال قبول الاختلافات والمبادئ والقيم الأخلاقية التي يمكن ألا تتماشى بالضرورة مع القيم الخاصة. ومن أهم الأمثلة العملية على الاحترام المعاملة بالتساوي بين الناس وقبول التأثيرات الثقافية والدينية الأخرى من أشخاص خارج المجتمع.

الاحترام هو مفتاح أي علاقة بناءة، بدءاً من علاقة كل شخص بنفسه. ولا كرامة دون احترام. وإذا كانت الكرامة مفقودة، فلا يوجد شيء مهم حقيقي: فالود أجوف، والولاء غير موجود، وفي نهاية المطاف، الحب سراب. ومن المستحيل يحب المرء شخصاً إذا لم يحترمه، ويحترم نفسه قبل كل شيء. وفي كل مرة نتعامل فيها مع شخص ما أو شيء ما دون احترام، فإننا نعبر عن عدم حبنا. إلقاء القمامة في الشارع، يعني عدم احترام مدينتنا وأبناء وطننا. الفظاظة هي شكل من أشكال الإهانة وعدم الاحترام.

العدالة.. سر التعايش السلمي

هي فضيلة أخرى من الفضائل الإنسانية التي تعزز التعايش الجيد داخل المجتمع من خلال إنشاء أدوات قانونية تضمن المساواة في الحقوق بين كل فرد من أفراد المجتمع. إن المساواة في المعاملة أمام المؤسسات المسؤولة عن تطبيق القوانين والاعتراف بالمزايا المقابلة للفرد هي مثال رائع على الفضائل الإنسانية. والمثال على هذه الفضيلة هو تخلي شخص ما عن سلطاته وميزاته الراسخة ليضع نفسه على قدم المساواة مع الآخرين.

الحصافة.. الوعي بالحدود

أنواع الفضائل الإنسانية
فضيلة الحصافة

تعتبر الحصافة واحدة من القيم الفاضلة في المجتمع. وتعني الحصافة قدرة بعض الأشخاص على اتخاذ قرارات الحياة بطريقة عقلانية، وربما يرتبط هذا المفهوم بالشخصيات التي تشغل مناصب إدارية أو لديهم مرتبة عالية داخل مجموعة العمل الخاصة بهم. ولعل أقرب الأمثلة على هذه الفضيلة هي الحكمة في اختيار شريك حياة لتكوين أسرة معه.

تعني الحصافة أيضاً أن تتصرف بذكاء وبسرعة، ولن تتأت الحصافة إلا بإيمان المرء بنفسه، والعمل على بناء حياة يومية تستند على البصيرة واليقظة والهدوء والانتباه. كل شخص لديه نقاط ضعفه، تلك التي تضعه في الحبال وتجرده من أفضل دروعه؛ ونحن جميعاً نشترك في بعض العناصر التي تشكل ضعف جنسنا البشري: الألم، والمعاناة بسبب حادث أو مرض، واقتراب الموت، وفقدان أحد الأحباء. هناك تهديدات لا نواجهها، بغض النظر عن مدى تجهيز أنفسنا. إن مواجهة نقطة الضعف الأساسية هذه والوعي بها هو جزء من الحكمة، لأنه يمنحك الوعي بحدودك.

القوة.. وسيلة البناء

لا يقصد بهذه الفضيلة القوة الجسدية بكل تأكيد، بل تعني القدرة على المقاومة والمضي قدماً في مشاريعك الشخصية وأهداف الحياة الخاصة بك على الرغم من العقبات أو الصعوبات التي تعترض طريقك. يتمتع الشخص ذو القوة بروح عظيمة وتصميم وانضباط والعديد من الفضائل الإنسانية الأخرى التي من شأنها أن تساعد بشكل كبير في تحقيق أهدافه الخاصة. وتعد هذه الفضيلة واحدة من أفضل الفضائل التي تميز الأشخاص ذوي المهارات الريادية. ولابد أن ترتبط القوة بالمحبة حتى تدفعنا إلى فعل الخير، وتكون وسيلة تساعد على البناء وليس الهدم.

التفاؤل.. الانسجام مع العالم

إن التفاؤل من أهم الفضائل الإنسانية التي يجب على كل فرد امتلاكها. فهذه الفضيلة هي ما تجعل الفرد قادراً على الاستمرار في التركيز على الجانب الأكثر إيجابية في أي موقف. كما يتمتع الشخص المتفائل بعقلية رائعة تمكنه من رؤية أوسع للحياة والأهداف، ولديه طاقة وشخصية تعمل كمصدر إلهام لجميع أقرانه. يفتحنا التفاؤل على العالم والمستقبل، ويوقظ دافعنا ويغذيه، ويحولنا إلى كائنات بناءة. يساعدنا كذلك على النوم والهضم بشكل أفضل، ويؤسس لحالة من الرفاهية تجعل الحياة أكثر احتمالاً ويجعلنا أكثر راحة مع الآخرين.

الشخص المتفائل سوف يستيقظ وهو يغني، ويغادر المنزل مملوءاً بالبهجة ويدخل إلى مكان عمله بابتسامة من الأذن إلى الأذن؛ سيقضي اليوم في إعطاء حبه لكل شيء: الناس، الآلات، حتى إشارات المرور. سوف ينتج ويشتري ويبيع مع الكثير من الحب. وفي نهاية اليوم سيعود إلى منزله ممتناً لجميع الهدايا التي قدمها له العالم، وربما سيكون لديه الوقت ليخصص بعضاً من تلك الفرحة العميقة التي يشعر بها أبنائه في انسجامه مع العالم.

التصدق.. الجميع يفوز

يعد التصدق من الفضائل الإنسانية الجديرة بالتقليد داخل المجتمع. فالرغبة الشديدة في مساعدة الناس والكرم واللطف والنوايا الحسنة تجعل المجتمع متعاون، وقد ركزت العديد من الأديان بشكل خاص على هذه الفضيلة لما لها من أهمية كبرى في تأسيس نظام اجتماعي أكثر صحة للجميع. إن الأعمال الخيرية بلا شك بمثابة راحة للفقراء، ولكنها تسبب راحة أعظم لأولئك الذين يقومون بها، وبهذه الطريقة يبدو أن الجميع يفوز في نهاية المطاف.

الأمل.. آخر ما تخسره

القيم الأخلاقية
لن يحيا الإنسان بدون أمل

إن القدرة على إدراك عقبات ومشكلات الحياة اليومية، واعتبارها مجرد نكسة صغيرة في طريق النجاح هي أفضل فضائل الإنسان التي تحظى بتقدير كبير في البيئات الاجتماعية المختلفة. كما أن الأمل يمكنه أن يحدث تأثيراً عظيماً بين أفراد المجتمع إذا ما تم تقديمه في خطاب الدولة. بينما يشير خبراء التنمية البشرية إلى أن الأمل أحد أهم الفضائل الإنسانية؛ لأنه يسمح للأشخاص الحفاظ على تركيزهم وإلهامهم للمضي قدماً في تحقيق أهدافهم.

تقول الحكمة القديمة أن “الأمل هو آخر ما نخسره” لتبين لنا أن هذا الأمل هو ما يشجعنا على عدم التخلي عن مساعينا، وهو بمثابة الحافز الذي ينعش الروح المكتئبة. لا نستطيع أن نعيش بلا أمل، كما لا نستطيع أن نعيش بلا رغبات. فالأمل إذن هو ما يوجهنا نحو مستقبل جذاب، وهو ما يحفزنا، وهو ما يجعلنا نسير في اتجاه ذلك المستقبل. فهو يجلب المستقبل إلى الحاضر في صورة مرغوبة، ويحولها إلى شعار لأفعال الحاضر.

الصدق.. دليل الحياة المشتركة

كوننا كائنات اجتماعية تحتاج إلى تفاعل مستمر مع الآخرين، فإن الصدق هو أحد الصفات الهامة والضرورية التي ينبغي أن يتمتع بها كل شخص في مجتمعه. فالصدق يساعد الفرد على الوصول إلى مستوى معين من المكانة داخل المجتمع الذي يتفاعل معه طوال حياته. كما تجعله يتمتع بمعاملة خاصة جداً من الناس في مجتمعه. ومع ذلك، فإننا لا ندرك عادة إلى أي مدى يقوم تعايشنا الاجتماعي بأكمله على الصدق والثقة، وبدونهما سيكون من المستحيل البقاء على مقربة من بعضنا البعض، أو التعاون أو مشاركة إرشادات الحياة المشتركة. فالسائق يقود سيارته على اليمين على أمل أن يفعل القادم من الاتجاه المعاكس الشيء نفسه؛ يثق المشتري بأنه لن يتعرض للاحتيال؛ يعتمد الصديق أو الحبيب على صدق الآخر وولاءه. وعلى نطاق أوسع، تقوم الديمقراطية نفسها على توقع الصدق الذي يُمنح لبعض المرشحين، حتى على مضض. ويمكن اعتبار الصدق هو مادة التشحيم الأساسية للآلة الاجتماعية على جميع مستوياتها.

الكرم.. قوة العطاء

يُنظر إلى جميع الفضائل البشرية التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأفعال التي يتم تنفيذها لصالح الآخرين بدلاً من الفرد نفسه على أنها فضائل للبشر وهي ضرورية لتحقيق تغيير حقيقي داخل المجتمع. ومن هذه الفضائل التي ترتبط بالأفعال فضيلة الكرم. ففي كثير من الأديان يُنظر إلى الشخص الكريم على إنه شخص أعلى مكانة من الباقيين.

الكرم هو لفتة جميلة للحالة الإنسانية، ولا ينبغي لنا أن نقلل من قيمتها. الكرم موجود، وهو جدير بالإعجاب. حيث يقدم المرء هدايا مجانية ولا يطلب في المقابل سوى سعادة الآخر. ليس هناك قوة ألطف من قوة الكرم. إنها قوة الحب العفوية والحيوية التي تتكون من العطاء المتبادل وعلامات المودة والحنان والانسجام.

الإيثار.. سر الشعور بالرضا

فضيلة بشرية أخرى ترتبط بتقديم المساعدة لمن يحتاجونها دون توقع أي نوع من المقابل. تعتبر العديد من جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات غير الهادفة للربح أن الإيثار أحد الفضائل الإنسانية الجوهرية التي يجب أن يمتلكها أي مرشح محتمل يرغب في التعاون معهم بصراحة. كما شدد الدين الإسلامي على هذه الفضيلة. ولعل أقرب مثال على ذلك هو الشخص الذي يوفر الطعام لشخص يحتاجه حتى وهو في أشد الحاجة إليه.

لماذا نستمتع بمساعدة الآخرين؟ لماذا يتركنا مع هذا الشعور بالرضا، بالمعنى، بالقيمة؟ إذا نظرنا إليه بموضوعية، دون أحكام مسبقة أو عاطفية، فإنه أمر مثير للاهتمام: الإيثار عمل إضافي لا يفيد مصلحتنا بشكل مباشر، بل ويضرنا في بعض الأحيان. ومع ذلك، فإننا جميعاً نفعل ذلك في مرحلة ما. تأتي المساعدة والحب من الاستعداد البشري للتعاطف والتعاون، وهي الصفة التي لعبت بلا شك دوراً رئيسياً في بقاء أسلافنا.

التواضع.. انعكاس للنضج

أنواع الفضائل البشرية
من أهم الفضائل الإنسانية التواضع

يعني التواضع الاعتراف بأوجه القصور والفضائل الخاصة بالفرد، والشخص المتواضع هو الذي ينظر إلى نفسه مساوياً للآخرين. وهي فضيلة تحظى بتقدير كبير في المجتمع. يعتبر البعض أن التواضع هو علامة واضحة على الشخص الذي يدرك تماماً إنسانيته. والتواضع هو انعكاس للنضج الذي يمتلكه الفرد. لن نحصل على التواضع إلا عندما نحب أنفسنا، والناس أجمعين. حينها فقط يمكننا أن نشعر بالتميز من خلال التواضع.

الحكمة.. الفضيلة المثلى

عند البحث عن أمثلة للفضائل الفكرية، فإن الحكمة هي إحدى الفضائل الإنسانية الرئيسية المرتبطة بالقدرة الطبيعية للناس على اكتساب المعرفة. والحكمة قيمة يكتسبها المرء ويطورها عبر التعلم والخبرة، وقد تمتع الحكماء بمكانة مرموقة داخل المجتمعات لأنهم يمتلكون تلك الفضيلة التي لا يمكن الحصول عليها سوى بمرور الكثير من السنوات.

المثابرة.. الطريق للنجاح

تعد المثابرة فضيلة تتصدر قائمة الفضائل الإنسانية لمئات الآلاف من الناس حول العالم. فالشخص المثابر يحظى بالكثير من الإعجاب والاحترام بين أقرانه، وذلك بفضل إرادته في تحقيق هدف وقدرته على عدم اليأس بسبب الخوف من الفشل. ومثال على هذه الفضيلة العديد من العلماء الأكثر احتراماً في المجتمع هم أشخاص ينسبون جزءاً مهماً من نجاحهم إلى مثابرتهم في مجال البحث. وعندما نتخلى عن عقلية البحث عن نتائج سريعة، ونبدأ في استثمار وقتنا وطاقتنا فيما يهمنا حقاً، نبدأ في فهم أن النجاح الحقيقي يُبنى من خلال المثابرة وليس الانتصارات الفورية.

التسامح.. الخروج من أسر الكراهية

يعد التسامح أحد أكثر الفضائل قيمة وتقديراً للناس داخل المجتمعات، ويعني التسامح قدرة الشخص على التغاضي عن أخطاء الآخرين أو نواياهم السيئة. وتعتبر العديد من الديانات الرئيسية في العالم أن التسامح أفضل الفضائل الإنسانية التي تضمن الجنة لمن يمتلكها. عليك أن تسامح كثيراً، فجميعنا لدينا أشياء لا تستحق أن نغفر لها. عليك أن تسامح مراراً وتكراراً، لأن الحياة صعبة ولا يوجد أحد خالي من المعاناة، ولأن الكراهية هي البقاء أسير الضرر وصاحبه، فالتسامح هو تحرير النفس. وكما يقول نيتشه: “ليس هناك نار تلتهمنا بسرعة أكبر من نار الاستياء”.

التعاطف.. المرشد الأمين

القيم الأخلاقية
من أنواع الفضائل الإنسانية التعاطف والشفقة

يسمح لنا التعاطف بإنشاء رابطة تقارب مع الآخرين، وتطوير علاقات أوثق مع الناس. لذا فإن فضيلة التعاطف من بين أنواع الفضائل التي يتم الترويج لها في المجتمع الحديث. وأولئك الذين يمتلكون هذه القدرة هم أشخاص يُحترمون بشكل كبير في المجموعات الاجتماعية المختلفة التي هم جزء منها. يرشدنا التعاطف إلى الاتجاه ويمنحنا القوة للسيطرة، وهو أمر شاق دائماً ونادراً ما يكون ممتعاً.

يتيح لنا التعاطف أن نلمح في الآخرين الإنسانية التي ننسبها لأنفسنا. ويتوقف الآخرون عن كونهم مجرد غرباء، منذ اللحظة التي ندرك فيها أنهم مساوون لنا، منذ اللحظة التي نشعر فيها أنهم، مثلنا تماماً، كائنات تحب وتستمتع، وقبل كل شيء، تعاني. فقط إسقاط معاناتنا على الآخرين يقنعنا بمساعدتهم أو الشفقة عليهم.

الشجاعة.. وسيلة التغيير

يكاد يكون من الحتمي اعتبار الشجاعة إحدى صفات وفضائل الإنسان. فالشجعان هم الذين لديهم العزيمة للوقوف بحزم في مواجهة المواقف التي تُشعرهم بالخوف، والبحث عن طرق للتغلب عليها. ولقد صادفنا الكثير من الشخصيات التي تتمتع بالشجاعة الكافية لتغيير المجتمعات في التاريخ. يتطلب الأمر الكثير من الشجاعة لوضع ما هو صحيح قبل ما هو سهل أو ما هو مرغوب. وتحمل خيبات الأمل والمضايقات التي نسببها لبعضنا البعض باستمرار، والتي يجب على الفضيلة التغلب عليها من خلال الدفاع عن الحب والرحمة، فبدون الشجاعة، لا يمكن للمرء أن يقاوم الأسوأ في نفسه أو في الآخر.

المسئولية.. سر الحرية

تعد المسؤولية فضيلة تم إدراجها مؤخراً ضمن قائمة الفضائل الإنسانية، فعلى الرغم من أن كل دور نقوم به في حياتنا يحمل عبئاً من المسؤولية، إلا أن المسؤولية الحقيقية هي أن تكون مسؤولاً عن أخطائك وتعترف بها وتحمل عواقبها. وتشير أيضاً إلى مساعدة الآخرين عند التعرض للأذى. فقط أولئك الذين يتحملون المسؤولية يتعلمون ويحققون أنفسهم. فقط من هو حر بوعي ينمو ويشعر بالأمان في نفسه. تتلخص كل عمليات التحرر في استبدال عبارة “لقد اضطررت إلى …” بـ “اخترت”.. الأعذار والخداع تجعلنا أقل حرية، وتخفينا عن مصيرنا، الذي يدعونا إلى الاختيار بمسؤولية.

العزم.. مفتاح الإرادة

عند الحديث عن الفضائل الإنسانية والأمثلة وأهميتها في المجتمع، من المستحيل تجاهل العزم ودوره كأحد فضائل الأشخاص في عصرنا الحالي. ويعني العزم قدرة الشخص على التركيز على هدفه وتكييف استراتيجيته من أجل تحقيق الهدف الذي خطط له. يعتبر الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة والذين تمكنوا من إنقاص الوزن نموذجاً يحتذى به للعديد من الأشخاص الآخرين.

التعاون.. سر قوة البشر

الفضائل الإنسانية
التعاون بين البشر أهم الفضائل الإنسانية

الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي وهذا يجعل التعاون له وزن معين عند محاولة تحديد ما تعنيه الفضائل. إن القدرة على الاندماج وأن تصبح عضواً مفيداً داخل المجموعة هي فضائل المتعاونين. ويشير العديد من رواد التنمية الذاتية باستمرار إلى أهمية ثقافة العمل الجماعي داخل الشركات الناشئة. حتى أن البعض يعتبر أنه من الضروري غرس أهمية فضائل المتعاونين في أعضاء الفريق في نظام العمل.

الحيوية.. مصدر الإلهام

تعد الحيوية أيضاً من القيم والفضائل الإنسانية التي لديها القدرة على تكوين أشخاص يتمتعون بقدرات طبيعية لإلهام الأجيال القادمة والعمل كمثال يحتذى به. يبرز الأشخاص الذين يتمتعون بالكثير من الحيوية لقدرتهم على مواجهة المشكلات. كما أن لديهم فلسفتهم الخاصة عن الحياة. وتمتلئ وسائل الإعلام اليوم بقصص حول أشخاص تجاوزوا الأوقات الصعبة بفضل هذا المنظور الخاص للعيش والمضي قدماً في حياتهم.

البساطة.. سر السعادة

البساطة هي سمة من سمات هؤلاء الأشخاص الذين لديهم فلسفة بسيطة في الحياة يمكن تكييفها وتنفيذها بسهولة. ولعل البساطة هي ما تمنح الإنسان راحة البال والهدوء والسكينة. وقدرة الإنسان على عيش الحياة البسيطة تمنحه إمكانية التعلم وتقدير القيمة الحقيقية للتجارب. وليس من الممكن أن تعيش حياة سعيدة دون أن تعيش بعقلانية وصدق وعدالة. يجب أن تكون الحياة رحلة ممتعة نواجهها بحماس وفرح. وبدون ذلك تكتئب الروح وتذبل القوة.

الإخلاص.. فضيلة جديرة بالثناء

ضمن الأنظمة الاجتماعية المختلفة الموجودة في جميع أنحاء العالم، كان يُنظر دائماً إلى الإخلاص على أنه إحدى الفضائل التي تُشير إلى المواطنين الصالحين. يكمن المبدأ الكامن وراء الإخلاص كفضيلة للإنسان في قدرة الأشخاص الذين يتمتعون بهذه الصفة على إنشاء علاقات اجتماعية أكثر استقراراً، لا سيما مع هؤلاء الأفراد الذين يتشاركون معهم رابطة عاطفية.

الإخلاص، مثل كل الفضائل، له فرصته وفنه. إن البقاء مخلصاً للحق هو أمر جدير بالثناء وشجاعة، ولكن في بعض الأحيان تكون الصراحة زائدة عن الحاجة، وفي أحيان أخرى تكون ببساطة غير مناسبة، مثل مساعدة أولئك الذين لا يريدون ذلك أو إظهار النعمة لأولئك الذين لا يستطيعون تحملنا.

النزاهة.. الفضيلة النادرة

واحدة من الفضائل النادرة جداً بين الناس، إذا عًثر على فرد يمتلك هذه الفضيلة فإنه يكون موضع تقدير داخل المجتمع. يعني الحياد أو النزاهة القدرة على تحليل المواقف وترك المؤثرات العاطفية جانباً. تؤثر هذه الفضيلة بشكل مباشر على قدرة الشخص على إنشاء العلاقات والحفاظ عليها في بيئات اجتماعية مختلفة. ومن الطبيعي أن يُنظر إلى الأشخاص الأكثر حيادية على أنهم مستشارون جيدون، لأن لديهم قوة تحليلية تسمح لهم بالتركيز على إيجاد حلول مبنية على المنطق والتطبيق العملي.

الفضائل البشرية هي صفات تشكل جزءاً مما يمثل البشرية كنوع اجتماعي أكثر تعقيداً من الناحية الفكرية والاجتماعية مقارنةً بالأنواع الأخرى. هذا يسمح لنا بالتوصل إلى نتيجة منطقية فيما يتعلق بفضائل الناس وهو أن لكل منهم قيمته الخاصة التي تسمح للفرد أن يكون لديه بعض الصفات التي تسمح له بتأسيس فرديته داخل المجموعة، وهذا المبدأ هو الذي يجعل النظام الاجتماعي للبشر موضوع دراسة متنوعة ورائعة في نفس الوقت.

الفضيلة كمخرج وحيد

يتصرف معظم الناس في أغلب الأحيان بطريقة معقولة وأخلاقية، وهذا الأمر ضروري للتعايش بين البشر في المجتمع، لكننا في مرحلة ما نتفاعل بطرق غير عقلانية لا تتعارض مع الفضائل الإنسانية التي تدعم العلاقات الفردية فحسب، بل تتعارض أيضاً مع القواعد الأساسية التي تشكل العمود الفقري للمجموعة. نحن نعيش في إطار اجتماعي ضعيف، والتزاماتنا هشة ومؤقتة على الدوام. فمن السهل أن نتصرف بنزاهة عندما تكون بيئتنا منظمة ويمكن التنبؤ بها، ونكون متحضرين إذا كنا داخل سياق متحضر، ولكن عندما تنقطع روابط النظام الاجتماعي ويتعثر البناء تظهر الخسة والوحشية البدائية، أو بالأحرى تعود إلى الظهور، لأنها كانت موجودة دائماً.

ربما يعتقد البعض أن الحديث عن الفضائل الإنسانية في زمن التوتر الذي نعيشه قد عفا عليه الزمن. فالفضيلة ليست مهمة في عصرنا الحالي، بل الرخاء الفردي حتى وإن كان على حساب الآخرين أو على حساب العالم بأسره. وهذا ما أغرق أعداد لا حصر لها من البشر في البؤس. عندما نتلمس طريقنا في هذا العالم على أمل العثور على شيء نتمسك به لن نجد سوى فكرة الفضيلة كمخرج وحيد لكل هؤلاء الذين وقعوا في فخ هذه الليبرالية الجديدة والمتوحشة. إن الفضائل الإنسانية هي المثل الأعلى والالتزام الأخلاقي هو البوصلة التي ترشدنا فردياً وجماعياً في عالمنا المشوش.

نحن لا نعرف كيف نوجه حياتنا بطريقة مثمرة، لأن إرادتنا قد تحولت إلى العمل من أجل الاستهلاك. لقد انهدمت الفضائل الإنسانية وعلى أنقاضها بنينا قصة محزنة: قصة الإنتاج والاستهلاك. أصبحنا سلعاً تباع وتشترى، وبقدر ما تؤديه، بقدر ما تستحقه. نحن نتصرف كالإنسان الآلي بين يدي تلك القصة الفريدة. النسبية لم تجعلنا أكثر حرية، أو أكثر استقلالية، أو أكثر رضا. وشرعنا في التشكيك في كل شيء. أصبحت الأخلاق والفضائل الإنسانية مسألة نسبية تتوقف على المنفعة الشخصية، وبدا التشكيك في كل شيء أمراً واقعياً.

فخ الرأسمالية المتوحشة

إن بضعة عقود من الرأسمالية المتوحشة جعلتنا سلبيين ومرتاحين، لقد وعدتنا بالعمل مدى الحياة والتقاعد الكريم؛ وعدتنا بالتعليم ومستقبل أطفالنا؛ وعدتنا بالصحة والنقل وحتى الترفيه بشكل أفضل، حتى اعتقدنا أننا نحقق الحياة التي نعتبرها جيدة، وسوف نعيش في المدينة الفاضلة. وبينما كانت هذه القصص العظيمة تنهار، فقدنا الوعي بالواقع معها، واستيقظنا على جماهير البؤس الهائلة، ونهب الطبيعة، ودوام السلطة في أيدي الشركات الكبرى، ووهم الحرية الذي يخفي التبعية. … فقدنا الوعي ومعه القناعات التي تحرك والقيم والفضائل الإنسانية التي توجه. المعدة الممتلئة تجعلنا ننسى. لذلك نتوقف عن معارضة النظام: نصبح ساخطين، ونشتاق إلى ما فقدناه بينما نحاول التمسك بما بقي لدينا؛ ولكن لم يعد لدينا بديل خاص بنا.

يمكننا إعادة اختراع هذا البديل. نفكر بأنفسنا مرة أخرى ونفصل بين ما نريد وما لا نريد. يمكننا مرة أخرى أن نصبح أصحاب قيمنا وأهدافنا؛ نقرر ما يستحق ونعمل من أجله. أليست هذه هي الحياة الفاضلة، أليست هذه هي الحياة الجيدة التي اتبعها ودافع عنها الحكماء في الماضي؟ إن استعادة الفضيلة هي استعادة الاستقلالية في اختيار ما هو ذو قيمة وتكريس قوتنا له. إنه إعلان نفسك حراً وممارسة تلك الحرية بدون تعصب، ولكن باقتناع، وبدون التخلي أبداً عن الحكمة والفطرة السليمة.

يمكن لكل شخص أن يتتبع طريق الفضيلة الخاص به، لكن هذا الطريق يمر عبر العالم ويجب عليهم أيضاً أن يلتزموا به. ولا يمكن تحقيق هذا المسار دون حدوث تحول معين في العالم. لا يمكننا أن نثق بأولئك الذين يوصون بتغيير الذات لتغيير كل شيء آخر، ليس لأنهم على خطأ، ولكن لأن التطور الفردي شاق للغاية وغائب للغاية إلى الحد الذي يجعلنا نستطيع أن نقضي حياتنا منعزلين فيه، متجاهلين العالم. بالطبع علينا أن نبدأ بأنفسنا، ولكن ما الفائدة إذا لم يتجسد ذلك في اللقاء مع الآخرين، في المشاركة، في الحوار، في النضال من أجل بناء الفضيلة الجماعية؟ الفضيلة المنفردة هي فضيلة نصف مكتملة، والفضيلة الحقة هي التي تنزل لتتسخ في وحل الساحة.

المراجع

1.    Author: Manuel Velasquez, Claire Andre, Thomas Shanks, S.J., and Michael J. Meyer, (01/01/1988), Ethics and Virtue, www.scu.edu, Retrieved: 05/01/2024.

2.    Author: Cynthia A. Freeland, (09/01/1982), Moral Virtues and Human Powers, www.jstor.org, Retrieved: 05/01/2024.

3.    Author: Reham Al Taher, (08/30/2016), The Classification of Character Strengths and Virtues, www.positivepsychology.com, Retrieved: 05/01/2024.

4.    Author: Jan Pieter van Oudenhoven, Boele de Raad, Marieke E Timmerman, and others, (05/02/2014), Are virtues national, supranational, or universal?, www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved: 05/01/2024.

 

اترك تعليقاً